علم النفس الاسلامي
نعيش الآن في عالم مضطرب ثائر.. فيه يثور الانسان المعاصر على نفسه وعلى الآخرين.. عالم في صراع بين طوائفه وطبقاته.
عالم في صراع بين البيض والسود.. وبين الأغنياء والفقراء صراع مادي لا يعرف الرحمة ولا الإخوة ولا الانسانية، وكأن سوط المادة يلهب ظهور البشر لجمع مال أو اغتصاب حق أو حيازة ثروة.
وهذه الحياة المادية الثائرة المضطربة حرمت الانسان من حياة هادئة وأبعدته عن الراحة والسعادة.
لقد أكدت إحصائية: ان ثمانين في المائة (80%) من مرضى المدن الأمريكية الكبرى يعانون أمراضاً ناتجة عن توتر الأعصاب من ناحية أو أخرى، ويقول علم النفس الحديث أن من أهم جذور هذه الأمراض النفسية الكراهية والحقد والجريمة والخوف والإرهاق واليأس والترقب والشك والاثرة والانزعاج من البيئة.
وكل هذه الأعراض تتعلق مباشرة بالحياة المحرومة من الإيمان بالله. ان هذا الإيمان بالله يمنح الانسان يقيناً جباراً حتى يستطيع مواجهة أعتى المشكلات والصعاب، فهو يجاهد في سبيل هدف أعلى ويغض بصره عن الأهداف الدنيئة القذرة.
والانسان في حاجة إلى عقيدة الاسلام، لتكون الشاطئ الذي يأوي إليه والركن الذي يعتمد عليه، إذا ألمت به الشدائد وحلت به المصائب أو خاب أمله في موضوع ما. عندئذ تأتي العقيدة الاسلامية فتمنحه القوة بعد الضعف والأمل بعد اليأس.
إن الإيمان بالله وعدله فوي العوض والجزاء عنده تهب الانسان الصحة النفسية والروحية فيغمر في نفسه وروحه مظاهر التفاؤل، ويجد في ذلك الرجاء والأمل، والسكينة والاطمئنان وهذا لا يقوم مقامه مال ولا ولد ولا علم ولا ملك الدنيا. أما الذي يعيش في هذه الدنيا بغير عقيدة الإيمان بالله، يرجع إليها إذا تتابعت الخطوب وحلت الكروب، فإنه يعيش مضطرب النفس، حائر الفكر، مشتت الذهن، وأمثاله يتعرضون أكثر من غيرهم للقلق النفسي والتوتر العصبي والاضطراب الذهني وهم ينهارون بسرعة إذا حلت بهم النكبات والمصائب والخطوب.
وهذا ما يؤكده علماء علم النفس. وفي هذا الصدد يقول (ارنولد توينبي) وهو أحد فلاسفة مؤرخي العصر الحديث:
((الدين إحدى الملكات الضرورية الطبيعية البشرية… وحسبنا أن نقول بأن افتقار الانسان للدين يدفعه إلى اليأس الروحي)).
إن الذي يعيش بغير دين وبغير عقيدة في الله والآخرة انسان محروم شقي. انه مخلوق حيواني كالكائنات التي تدب على هذه الأرض والتي تعيش ثم تموت، من غير أن تعرف لها هدفاً في الحياة، أو تدرك سر الوجود.
والحياة لا تستقيم بدون إيمان بالله.. في هذا الصدد يعترف (فولتير) الكاتب والثائر الفرنسي يقول:
((لم تتشككون في وجود الله، ولولاه لحطمني صديقي وأخي وسرقني خادمي، وخانتني زوجتي)).
وتجارب التاريخ والحياة الواقعية تنطق بفضل الإيمان بالله، وضرورته للانسان، فهو ضروري له ليطمئن ويسعد وضروري أيضاً للمجتمع ليستقر ويتماسك ويرقى.
وحينما يعيش الانسان بغير عقيدة، تتحول أدوات العلم في يديه إلى مخالب وأنياب تقتل وترهب، وتتحول إلى معاول وألغام تدمر وتحطم، وتشيع الخوف والذعر. استطاع العلم ن يضع قدم الانسان على سطح القمر، ولكنه لم يملك أن يضع يده على سر وجوده والغاية من حياته. لقد استطاع الانسان أن يكشف كثيراً من الحقائق العلمية ولكنه لم يكشف حقيقة نفسه. لقد حمله العلم إلى سطح القمر، ولكن أبعده عن سر الطمأنينة والسعادة.
والنفس المحرومة من العقيدة الدينية لن تنتهي به إلا إلى الخوف واليأس والقلق، وهذه بدورها تنتهي به إلى أمراض عصبية ونفسية وعلماء النفس يحللون الأمراض النفسية والعصبية ولكنهم ينسون دور العقيدة في علاج هذه الأمراض.
ويقول ديل كارنيجي في كتابه ((دع القلق وابدأ الحياة)) ((إن أطباء النفس يدركون إن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وأن يشفيا من الأمراض)).
إن الإيمان بالله يعطي الانسان (محركاً) هو أساس سائر الأخلاق الطيبة ومصدر قوة العقيدة.
وتمضي أسس علم النفس، فتحاول ألا تدع القلق يسيطر على الانسان، بأن تنصحه ألا يتسرع الفزع إلى نفسه، ولا يهتم بالغد، وجعلوا إن أساس القلق هو الفزع مما قد يحمله الغد، وجعلوا إن أساس القلق هو الفزع مما قد يحمله الغد، من ضياع الصحة والمال والولد.
ولكي نوازن بين تفكير المسلم المؤمن وغير المؤمن نعرض رأي الشيخ محمد متولي الشعراوي:
نضرب مثلاً يقرب ذلك إلى الأذهان.. إن لكل انسان في كل يوم مشكلات ومشاغل، يجب أن يواجهها.
وخلال هذه المشكلات والمشاغل تنقسم النفس البشرية إلى قسمين، قسم يعبد عقله وهو ي كل ما يحدث له ينتابه قلق لا ينتهي فهو خائف أن تضيع منه الصفقة أو أن يفقد وظيفته، أو لا يوفق في عمل هو يريده.
وهو في خوفه هذا مما هو قادم، يحاول أن يعمل عقله ويخطط.. ومهما عمل.. ومهما خطط، فإن الخوف ينتابه من النتيجة التي لا يستطيع أن يضمنها.. ولهذا فهو في قلق دائم متلهف ليعرف نتيجة ما عمل، يخشى أن يسقط أو يفشل، ويعيش متمزقاً طول حياته.. وفي مقابل ذلك نجد انساناً آخر معتمداً على الله في كل شيء.. يعمل كل ما في وسع ويتخذ من الأسباب ما يحقق النتائج التي يطلبها ولكنه يعتمد على الله ويعرف إن الله معه، ولذلك لا يعيش في قلق، بل تدخل في نفسه الطمأنينة، وقد أدى واجبه بالوسائل المتاحة له، فلا داعي للقلق وهو يقول: (قل لن يصيبنا إلا ما كنت الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
والتوكل على الله لا ينافي أخذ الحذر من كل ما يضر قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) وأمر بحفظ النفس فقال: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
ويؤكد علماء النفس أن لا شيء يملأ نفس الانسان بالسعادة قدر الإيمان بالله والسلام، فالمسلم المريض نفسياً يرتاح عندما يتجه إلى طبيبه يشكو إليه آلامه، فيستمع إليه ويرفه عنه ويعده بمساعدته والخلاص مما هو فيه، فم بالك لو انه لجأ إلى الله سبحانه وتعالى، وآمن به وهو القائل لرسوله:
ـ (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني).
ـ (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).
ـ وإذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون أللهم عندك احتسب مصيبتي. فاجرني فيها، وأبدلني خيراً منها.
ولعل أروع ما يثير في النفس الراحة والاطمئنان، الاستماع إلى قول الله سبحانه:
ـ (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).
ويجمع الأطباء النفسيون، إن علاج التوتر العصبي، والتأزم الروحي، يتوقف إلى حد كبير على الإفضاء بمبعث التوتر والأزمة إلى أخ أو إلى صديق. فهل هناك أعمق وأقرب وأصدق واحكم من أن يستمع إلى الله وإلى هذه الآيات الكريمة بإيمان عميق فتستريح النفس، وينتظر الرجاء من رب العباد وخالقها.
نادى علم النفس مرضاه بالصبر، لأن عدم صبر الانسان يصيبه بأخطر الأمراض النفسية. ولا شك إن ما قيل عن ذلك ليس بجديد بل سبقه قول نبينا الكريم محمد (ص):
((ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر)).
ويوصي أساتذة علم النفس بأن يشغل الانسان نفسه بالعمل اليدوي، إذا ضاقت نفسه وزاد همه، لأن هذا العمل يملأ نفسه وفكره ويبعده عما يؤلمه ويفكر فيه. وهذا ليس بجديد أيضاً فهذا قد عالجه النبي بقوله: ((ما على أحدكم إذا ألح به الهم إلا أن يتقلد قوسه)).
أي يعمل عملاً.
ومن الجانب الآخر نجد انساناً يعمل ويعمل ولا ينقطع عن العمل، ولو تأمل في أمر استعجاله الزائد لوجد أن ذلك يستهلك أعصابه وحياته سريعاً، فلا يحقق ما تصبو إليه حياته كلها في نهاية الأمر وقد عالج ذلك سيدنا محمد (ص) بقوله من أربعة عشر قرناً من الزمان:
ـ إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
وحتى لا يصاب الانسان بداء السرعة وما ينشأ عنها من إرهاق، فليستمع إلى قول النبي الكريم محمد (ص): ((التؤدي في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة)).
وينصح النبي الكريم لحماية الانسان من الاجهاد والارهاق فيقول:
ـ ((إن لبدنك عليك حقاً))…
حتى في الدين طالب بالاعتدال، فعندما سمع رسولنا الكريم أحد المسلمين يقول:
أنا أصلي الليل ولا أرقد أبداً، وأصوم الدهر ولا أفطر أبداً، وأعتزل النساء ولا أتزوج أبداً، رد النبي عليه قائلاً:
((أنا أتقاكم فأنا أصلي وأصوم وأتزوج، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).. أو كما قال:
ويريد بذلك عدم الارهاق في شؤون العبادة.. فمن باب أولى ينهي عن الارهاق في شؤون الدنيا ـ فالارهاق طريق يضعف الأعصاب وقد يحطمها.
ولهذا أيضاً جاء في أحد أحاديثه الشريفة.
((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه.. أي عابه)).
ـ قاتل الله الغضب!!
وأدرك نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وسلم ) أثر الغضب المتكرر على النفس والأعصاب والأمراض النفسية فنصح قائلاً:
ما من جرعة أعظم عند الله من جرعة غيظ كظمها عبده ابتغاء وجه الله ((وقال أيضاً)) ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
وعالج أيضاً بعض حالات الغضب، فقال:
إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس يذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع.
ـ يسروا ولا تعسروا…
ـ وبشروا ولا تنفروا…
هذه ((روشته لا لفرد فقط، بل للشعب بأجمعه.. هذه أجمل روشتة)) لإشاعة الراحة النفسية الدائمة أن مجرد سماع نقد أو كلمة يأس أو إضعاف الهمم يؤثر تأثيراً قوياً وعميقاً، قد يغير من ضغط الدم صعوداً وهبوطاً، وقد تحل به نوبة قلبية.. ولهذا يجب الترويح على النفوس بما يملأ قلوبهم أملاً وسروراً: ولهذا قال النبي الكريم عبارته المعروفة: بشروا ولا تنفروا.. وقال أيضاً في قضاء الحاجات يسروا ولا تعسروا.
ومما يتصل بالعلاج النفساني أن يشغل المهموم نفسه بغير سبب همه وأن يبتعد عن المكان الذي يذكره بسب همه أو يشغل نفسه بعمل ينسيه همه.
نعيش الآن في عالم مضطرب ثائر.. فيه يثور الانسان المعاصر على نفسه وعلى الآخرين.. عالم في صراع بين طوائفه وطبقاته.
عالم في صراع بين البيض والسود.. وبين الأغنياء والفقراء صراع مادي لا يعرف الرحمة ولا الإخوة ولا الانسانية، وكأن سوط المادة يلهب ظهور البشر لجمع مال أو اغتصاب حق أو حيازة ثروة.
وهذه الحياة المادية الثائرة المضطربة حرمت الانسان من حياة هادئة وأبعدته عن الراحة والسعادة.
لقد أكدت إحصائية: ان ثمانين في المائة (80%) من مرضى المدن الأمريكية الكبرى يعانون أمراضاً ناتجة عن توتر الأعصاب من ناحية أو أخرى، ويقول علم النفس الحديث أن من أهم جذور هذه الأمراض النفسية الكراهية والحقد والجريمة والخوف والإرهاق واليأس والترقب والشك والاثرة والانزعاج من البيئة.
وكل هذه الأعراض تتعلق مباشرة بالحياة المحرومة من الإيمان بالله. ان هذا الإيمان بالله يمنح الانسان يقيناً جباراً حتى يستطيع مواجهة أعتى المشكلات والصعاب، فهو يجاهد في سبيل هدف أعلى ويغض بصره عن الأهداف الدنيئة القذرة.
والانسان في حاجة إلى عقيدة الاسلام، لتكون الشاطئ الذي يأوي إليه والركن الذي يعتمد عليه، إذا ألمت به الشدائد وحلت به المصائب أو خاب أمله في موضوع ما. عندئذ تأتي العقيدة الاسلامية فتمنحه القوة بعد الضعف والأمل بعد اليأس.
إن الإيمان بالله وعدله فوي العوض والجزاء عنده تهب الانسان الصحة النفسية والروحية فيغمر في نفسه وروحه مظاهر التفاؤل، ويجد في ذلك الرجاء والأمل، والسكينة والاطمئنان وهذا لا يقوم مقامه مال ولا ولد ولا علم ولا ملك الدنيا. أما الذي يعيش في هذه الدنيا بغير عقيدة الإيمان بالله، يرجع إليها إذا تتابعت الخطوب وحلت الكروب، فإنه يعيش مضطرب النفس، حائر الفكر، مشتت الذهن، وأمثاله يتعرضون أكثر من غيرهم للقلق النفسي والتوتر العصبي والاضطراب الذهني وهم ينهارون بسرعة إذا حلت بهم النكبات والمصائب والخطوب.
وهذا ما يؤكده علماء علم النفس. وفي هذا الصدد يقول (ارنولد توينبي) وهو أحد فلاسفة مؤرخي العصر الحديث:
((الدين إحدى الملكات الضرورية الطبيعية البشرية… وحسبنا أن نقول بأن افتقار الانسان للدين يدفعه إلى اليأس الروحي)).
إن الذي يعيش بغير دين وبغير عقيدة في الله والآخرة انسان محروم شقي. انه مخلوق حيواني كالكائنات التي تدب على هذه الأرض والتي تعيش ثم تموت، من غير أن تعرف لها هدفاً في الحياة، أو تدرك سر الوجود.
والحياة لا تستقيم بدون إيمان بالله.. في هذا الصدد يعترف (فولتير) الكاتب والثائر الفرنسي يقول:
((لم تتشككون في وجود الله، ولولاه لحطمني صديقي وأخي وسرقني خادمي، وخانتني زوجتي)).
وتجارب التاريخ والحياة الواقعية تنطق بفضل الإيمان بالله، وضرورته للانسان، فهو ضروري له ليطمئن ويسعد وضروري أيضاً للمجتمع ليستقر ويتماسك ويرقى.
وحينما يعيش الانسان بغير عقيدة، تتحول أدوات العلم في يديه إلى مخالب وأنياب تقتل وترهب، وتتحول إلى معاول وألغام تدمر وتحطم، وتشيع الخوف والذعر. استطاع العلم ن يضع قدم الانسان على سطح القمر، ولكنه لم يملك أن يضع يده على سر وجوده والغاية من حياته. لقد استطاع الانسان أن يكشف كثيراً من الحقائق العلمية ولكنه لم يكشف حقيقة نفسه. لقد حمله العلم إلى سطح القمر، ولكن أبعده عن سر الطمأنينة والسعادة.
والنفس المحرومة من العقيدة الدينية لن تنتهي به إلا إلى الخوف واليأس والقلق، وهذه بدورها تنتهي به إلى أمراض عصبية ونفسية وعلماء النفس يحللون الأمراض النفسية والعصبية ولكنهم ينسون دور العقيدة في علاج هذه الأمراض.
ويقول ديل كارنيجي في كتابه ((دع القلق وابدأ الحياة)) ((إن أطباء النفس يدركون إن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وأن يشفيا من الأمراض)).
إن الإيمان بالله يعطي الانسان (محركاً) هو أساس سائر الأخلاق الطيبة ومصدر قوة العقيدة.
وتمضي أسس علم النفس، فتحاول ألا تدع القلق يسيطر على الانسان، بأن تنصحه ألا يتسرع الفزع إلى نفسه، ولا يهتم بالغد، وجعلوا إن أساس القلق هو الفزع مما قد يحمله الغد، وجعلوا إن أساس القلق هو الفزع مما قد يحمله الغد، من ضياع الصحة والمال والولد.
ولكي نوازن بين تفكير المسلم المؤمن وغير المؤمن نعرض رأي الشيخ محمد متولي الشعراوي:
نضرب مثلاً يقرب ذلك إلى الأذهان.. إن لكل انسان في كل يوم مشكلات ومشاغل، يجب أن يواجهها.
وخلال هذه المشكلات والمشاغل تنقسم النفس البشرية إلى قسمين، قسم يعبد عقله وهو ي كل ما يحدث له ينتابه قلق لا ينتهي فهو خائف أن تضيع منه الصفقة أو أن يفقد وظيفته، أو لا يوفق في عمل هو يريده.
وهو في خوفه هذا مما هو قادم، يحاول أن يعمل عقله ويخطط.. ومهما عمل.. ومهما خطط، فإن الخوف ينتابه من النتيجة التي لا يستطيع أن يضمنها.. ولهذا فهو في قلق دائم متلهف ليعرف نتيجة ما عمل، يخشى أن يسقط أو يفشل، ويعيش متمزقاً طول حياته.. وفي مقابل ذلك نجد انساناً آخر معتمداً على الله في كل شيء.. يعمل كل ما في وسع ويتخذ من الأسباب ما يحقق النتائج التي يطلبها ولكنه يعتمد على الله ويعرف إن الله معه، ولذلك لا يعيش في قلق، بل تدخل في نفسه الطمأنينة، وقد أدى واجبه بالوسائل المتاحة له، فلا داعي للقلق وهو يقول: (قل لن يصيبنا إلا ما كنت الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).
والتوكل على الله لا ينافي أخذ الحذر من كل ما يضر قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) وأمر بحفظ النفس فقال: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
ويؤكد علماء النفس أن لا شيء يملأ نفس الانسان بالسعادة قدر الإيمان بالله والسلام، فالمسلم المريض نفسياً يرتاح عندما يتجه إلى طبيبه يشكو إليه آلامه، فيستمع إليه ويرفه عنه ويعده بمساعدته والخلاص مما هو فيه، فم بالك لو انه لجأ إلى الله سبحانه وتعالى، وآمن به وهو القائل لرسوله:
ـ (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني).
ـ (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد).
ـ وإذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون أللهم عندك احتسب مصيبتي. فاجرني فيها، وأبدلني خيراً منها.
ولعل أروع ما يثير في النفس الراحة والاطمئنان، الاستماع إلى قول الله سبحانه:
ـ (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).
ويجمع الأطباء النفسيون، إن علاج التوتر العصبي، والتأزم الروحي، يتوقف إلى حد كبير على الإفضاء بمبعث التوتر والأزمة إلى أخ أو إلى صديق. فهل هناك أعمق وأقرب وأصدق واحكم من أن يستمع إلى الله وإلى هذه الآيات الكريمة بإيمان عميق فتستريح النفس، وينتظر الرجاء من رب العباد وخالقها.
نادى علم النفس مرضاه بالصبر، لأن عدم صبر الانسان يصيبه بأخطر الأمراض النفسية. ولا شك إن ما قيل عن ذلك ليس بجديد بل سبقه قول نبينا الكريم محمد (ص):
((ما رزق الله عبداً خيراً له ولا أوسع من الصبر)).
ويوصي أساتذة علم النفس بأن يشغل الانسان نفسه بالعمل اليدوي، إذا ضاقت نفسه وزاد همه، لأن هذا العمل يملأ نفسه وفكره ويبعده عما يؤلمه ويفكر فيه. وهذا ليس بجديد أيضاً فهذا قد عالجه النبي بقوله: ((ما على أحدكم إذا ألح به الهم إلا أن يتقلد قوسه)).
أي يعمل عملاً.
ومن الجانب الآخر نجد انساناً يعمل ويعمل ولا ينقطع عن العمل، ولو تأمل في أمر استعجاله الزائد لوجد أن ذلك يستهلك أعصابه وحياته سريعاً، فلا يحقق ما تصبو إليه حياته كلها في نهاية الأمر وقد عالج ذلك سيدنا محمد (ص) بقوله من أربعة عشر قرناً من الزمان:
ـ إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
وحتى لا يصاب الانسان بداء السرعة وما ينشأ عنها من إرهاق، فليستمع إلى قول النبي الكريم محمد (ص): ((التؤدي في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة)).
وينصح النبي الكريم لحماية الانسان من الاجهاد والارهاق فيقول:
ـ ((إن لبدنك عليك حقاً))…
حتى في الدين طالب بالاعتدال، فعندما سمع رسولنا الكريم أحد المسلمين يقول:
أنا أصلي الليل ولا أرقد أبداً، وأصوم الدهر ولا أفطر أبداً، وأعتزل النساء ولا أتزوج أبداً، رد النبي عليه قائلاً:
((أنا أتقاكم فأنا أصلي وأصوم وأتزوج، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).. أو كما قال:
ويريد بذلك عدم الارهاق في شؤون العبادة.. فمن باب أولى ينهي عن الارهاق في شؤون الدنيا ـ فالارهاق طريق يضعف الأعصاب وقد يحطمها.
ولهذا أيضاً جاء في أحد أحاديثه الشريفة.
((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه.. أي عابه)).
ـ قاتل الله الغضب!!
وأدرك نبي الاسلام محمد (صلى الله عليه وسلم ) أثر الغضب المتكرر على النفس والأعصاب والأمراض النفسية فنصح قائلاً:
ما من جرعة أعظم عند الله من جرعة غيظ كظمها عبده ابتغاء وجه الله ((وقال أيضاً)) ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
وعالج أيضاً بعض حالات الغضب، فقال:
إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس يذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع.
ـ يسروا ولا تعسروا…
ـ وبشروا ولا تنفروا…
هذه ((روشته لا لفرد فقط، بل للشعب بأجمعه.. هذه أجمل روشتة)) لإشاعة الراحة النفسية الدائمة أن مجرد سماع نقد أو كلمة يأس أو إضعاف الهمم يؤثر تأثيراً قوياً وعميقاً، قد يغير من ضغط الدم صعوداً وهبوطاً، وقد تحل به نوبة قلبية.. ولهذا يجب الترويح على النفوس بما يملأ قلوبهم أملاً وسروراً: ولهذا قال النبي الكريم عبارته المعروفة: بشروا ولا تنفروا.. وقال أيضاً في قضاء الحاجات يسروا ولا تعسروا.
ومما يتصل بالعلاج النفساني أن يشغل المهموم نفسه بغير سبب همه وأن يبتعد عن المكان الذي يذكره بسب همه أو يشغل نفسه بعمل ينسيه همه.
يسلموووو ساااااري على المووووضوع الراااائع والجميل وعلى الطرح المتميز ……وننتظر جديدك سااااري
يعطيك ألف عااااااااااااااااااااافيه