لم يكذبْ إبراهيمُ النبيُّ ، عليه السلامُ ، قط إلا ثلاثَ كذْباتٍ . ثنتين في ذاتِ اللهِ . قوله : إني سقيمٌ . وقولُه : بل فعله كبيرُهم هذا .
وواحدةٌ في شأنِ سارَّةَ .
فإنه قدم أرضَ جبَّارٍ ومعه سارَّةُ . وكانت أحسنَ الناسِ . فقال لها : إن هذا الجبارَ ، إن لا يعلمُ أنك امرأتي ، يغلبني عليك . فإن سأل فأخبريه أنك أختي . فإنك أختي في الإسلامِ . فإني لا أعلمُ في الأرضِ مسلمًا غيري وغيرِك .
فلما دخل أرضَه رآها بعضُ أهلِ الجبَّارِ . أتاه فقال له : لقد قدم أرضَك امرأةٌ لا ينبغي لها أن تكونَ إلا لك . فأرسل إليها فأتى بها .
فقام إبراهيمُ عليه السلام إلى الصلاةِ . فلما دخلت عليه لم يتمالكْ أن بسط يدَه إليها . فقُبِضَتْ يدُه قبضةً شديدةً . فقال لها : ادعي اللهَ أن يُطْلِقَ يَدي ولا أضرُّك . فَفَعَلَتْ .
فعادَ . فَقُبِضَتْ أشدَّ من القبضةِ الأولى . فقال لها مثلَ ذلك . ففعلتْ .
فعاد . فقُبِضتْ أشدَّ من القبضتين الأُوليين . فقال : ادعي اللهَ أن يطلقَ يدي .
فلك اللهُ أن لا أضرَّكِ . ففعلتْ . وأطلقتْ يدَه .
ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطانٍ . ولم تأتني بإنسانٍ . فأخرجْها من أرضي ، وأعطها هاجرَ . قال فأقْبَلَت تمشي .
فلما رآها إبراهيمُ عليه السلام انصرف .
فقال لها : مهيمْ ؟ قالت : خيرًا . كفَّ اللهُ يدَ الفاجرِ . وأخدم خادِمًا . قال أبو هريرة : فتلك أمُّكم يا بني ماءِ السماءِ .
______________
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2371خلاصة حكم المحدث: صحيح
جزاكي الله خير الجزاء
جزاك الله كل خيرا
ويعطيك العافيه
تحياتي
جزاكم الله خيرا على جهدكم هذا وبارك فيكم
السؤال
<h5 style="line-height: 150%; text-align: justify;">سلام الله عليكم
السؤال : ما حكم الشرع في إمام يخطب في الناس في يوم الجمعــة و يقول إن
سيدنا إبراهيم الخليل ارتكب خطيئة عندما قال لفرعون إن سارة أخته
وحفظكم الله
</h5>الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لأحد أن يصف أحداً من أنبياء الله تعالى بأنه أخطأ، وإن كان ذلك بقصد التنقيص كان ذلك مخرجاً من الملة، والعياذ بالله تعالى.
والذي نظنه – إن شاء الله – أن هذا الإمام خانته عبارته إن كان – فعلاً – قال ما نقلت عنه بالحرف.
ولعله أراد أن يذكر القصة الثابتة في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات، ثنتين في ذات الله. قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة، وكانت أحسن الناس، فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلماً غيري وغيرك، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار. أتاه، فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلا لك، فأرسل إليها، فأتي بها، فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضة شديدة، فقال لها: ادعي الله أن يطلق يدي، ولا أضرك، ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضة الأولى، فقال لها مثل ذلك، ففعلت، فعاد، فقبضت أشد من القبضتين الأوليين، فقال: ادعي الله أن يطلق يدي، فلك الله أن لا أضرك، ففعلت، وأطلقت يده ودعا الذي جاء بها، فقال له: إنك إنما أتيتني بشيطان، ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي، وأعطها هاجر. قال: فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف، فقال لها: مهيم؟ قالت: خيراً. كف الله يد الفاجر، وأخدم خادماً. قال أبو هريرة: فتلك أمكم يا بني ماء السماء". وهذا لفظ مسلم.
وقد نص العلماء على أن إطلاق الكذب هنا على إبراهيم عليه السلام ليس على ظاهره.
قال في الفتح: (قال ابن عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون موثوقاً به ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، إنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام – يعني إطلاق الكذب على ذلك – إلا في حال شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعاً لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات، فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحاً مخلا، لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها).
وننبه السائل إلى أن الجبار الذي أخذ سارة ليس فرعون، وإنما هو شخص آخر اختلف العلماء في تعيين اسمه. والله أعلم.
فتاوى أسلام ويب
منهج السلف فى الإيمان بالرسل