كلمه لكل المسلمين
هي كلمة نوجهها لكل مسلم ومسلمة ، ولكل صاحب مسئولية أو صاحب أمانة عامة أو وأيضا لكل غير صاحب مسئولية أو غير صاحب أمانة عامة ، وهي رسالة لكل فرد من المسلمين ومعها فيها تذكرة لكل فرد من غير المسلمين لمن أراد الموعِظَة والنصيحة والخير.
فهي حقيقة تذكير لكل إنسان مهما كان مركزه أو انتماؤه أو أصله أو أمانته ، وحقيقة وكي يعلم الإنسان أكان مسئولا أو غير مسئول فإنه سيقف أمام الله ويسأل عن الأمانة أو المسئولية أو عن الأعمال التي كُلف بها وهو مؤتمن عليها ، أضيّع أمر الله أم حفِظه ، وكل إنسان محاسب على ما فرط في جنب الله ، ففروا إلى الله جميعا أيها المسلمون .
فهن كلمات نوجهها للناس عامة ، ونخص في هذا المسلمين في التذكير والنصح لأن المسلمين إذا عرفوا صراط الله القويم حق المعرفة والتزموه فسيرشدون ، ويرشدون غيرهم إلى الحق والخير والعدل وإلى كل سوي وسليم ، ويسهل على المسلمين أيضا إيصال كلمة الله وكلمة الحق والخير والعدل ، ويسهل عليهم إيصال رونق الإسلام وجماله وحكمته وعدله ونزاهته ورحمته وعظمته لكل إنسان .
وكي يعلم غير المسلمين (أو المسلمين المستنكفين ) أن الإسلام هو عدل كله نزاهة كله ونظم حكيمة وِقيَم حميدة ومبادئ طيبة جليلة وأخلاق كريمة جميلة ، وليس لا قدر الله أن يحسبوا أو يشوهوا أو يفتري بعضهم على الإسلام – معاذ الله – أنه فيه أي ظلم أو أي عسف أو أي فوضى أو أي غوغاء ولو قليل ، أو أن الإسلام معاذ الله معادي ولو بقليل لأي شيء طيب أو أي شيء كريم أو أي شيء حكيم أو أي شيء نافع للناس ، أو أن الإسلام– معاذ الله – ضد أي تيسير يسره الله للناس من حكمة وبسّر من وسائل كريمة وإنسانية حكيمة ، أو أن الإسلام لا يتماشى مع نعمة العقل التي أسبغها الله على الناس .
والأساسيات التي وجب من المسلمين أولا التزامها وتعليمها لغير المسلمين هن :
1_ أولها : أن باب التوبة مفتوح أمام كل الناس مهما كان مركزهم أو مهما كان انتمائهم أو مهما كان جرمهم أو مهما كانت خطاياهم وذلك في أنهم يستطيعون أن يتوبوا إلى الله ويثوبوا إليه مهما كثرت ذنوبهم أو مهما كثرت خطاياهم وأن يرجعوا عن طريق الخطأ أو الضال أو الظالم متى شاءوا ولا يملك خزائن رحمة الله إلا الله ، فالله هو الغفور الرحيم لمن ندم على ذنوبه وخطاياه ولمن عاهد الله على ترك الخاطئ والضال وعاهد الله التزام طريق الخير والحق والعدل وصراط الله المستقيم ، فباب التوبة مفتوح دائما لمن أسرف على نفسه فلا يقنط أي خاطئ من رحمة الله .
ومع هذا وحقيقة وليس تقنيطا ولا تنفيرا ولكن نصيحة ومحبة ونية خير وجب القول والتذكير أنه مع أن باب التوبة مفتوح دائما لكل تائب مهما كان ذنبه ، إلا أنه هناك حالتين لا يكون فيهما باب التوبة مفتوحا ولا ينفع فيهما الندم وهما :
أولهما : عندما تحضر الإنسان المنية والنزع ويغرغر فعندها لا تنفع التوبة ولا يقبل الندم .
وثانيا : لا تقبل التوبة بعد أن تأتي بعض آيات الله (ومنها ظهور الشمس من المغرب ) ، وليراجع باب التوبة من أراد الاستزادة (وانظر الآية 158 من سورة الأنعام) .
2_ ونقطة مهمة ويجب أن يعيها الكثير وهي أن التوبة كثيرا ما لا تعفي صاحب الجريرة من القصاص ، لكن إذا صدقت التوبة من العبد فالأهم حقا والأعظم قدرا والأكبر شأنا أن تقود التوبة والندم صاحبها إلى رضوان من الله ومغفرته وجنة عرضها السموات والأرض ، وأن تقوده توبته إلى النجاة من عذاب الله .
والقصاص رب فيه كفارة لمن صدقت توبته ، وفي التوبة والندم على الخطايا والذنوب هناك فائدة أخرى وهي : أنه قد يترحم بعض الناس أو كثير منهم على التائب من ذنوبه ويفرحوا لتوبته وندمه ويذكروا فضله وثوبته إلى الله .
وكل صاحب جرم أو معصية وجب عليه التوبة إلى الله وأن يصدق في التوبة والندم على الخطأ وأن يفعل من الخير والصالحات وأن يتجرد من المظالم كي يفكه هذا ا من بعض جريرته أمام الله وأمام الناس ، وإذا كانت المعصية بين الله وبين العبد وتاب الإنسان بينه وبين ربه توبة نصوحة وذلك دون وساطة من أحد(وحاشا أن يُفعل كالنصارى) فهو أمر مطلوب وواجب ، وإذا كان الذنب له جريرة بين الناس وجب الندم على الظلم ووجب رد المظالم إلى أهلها .
وإذا كان الذنب يستوجب قصاصا عادلا غير جائر فعلى صاحب الذنب أن يتوب إلى الله أولا ويتحلل من ذنبه وذلك لصالحه ، ووجب من المسلمين تذكير وتحفيز وتحبيب صاحب الذنب إلى التوبة الله وطلب التوبة منه إلى والندم على الخاطئ حتى يتطهر من ذنبه وينال رضوان الله ويرجع إلى صراط الله المستقيم -قبل القصاص وبعده- نقيا محبوبا بين الناس وعند الله ، وبعدها وإن كان القصاص من قاضي عدل كتغريم مادي أو سجن أو صوم أو حتى ربما قد تصل عقوبة المعصية إلى حد الموت ، ولكن الأهم والأسلم والأرحم والأعظم شأنا كما أسلف هو التوبة إلى الله الرجوع إليه ، فنعم فالتوبة والندم وذلك مما يغسل الذنوب وينقي الخطايا ، ومع التوبة يجب أن ترد المظالم لأصحابها .
ويجب في المقاضاة الأخذ بعين الاعتبار الملابسات التي قد تحيط بكل قضية وقضية ، وليس معاذ الله الالتفاف على الجرم أو غمط أصحاب الحقوق وسلب المقدرات ولكن المطلوب هو النزاهة والعدل وربما من الناي من قد يعفو، وأيضا من مستلزمات الفضاء أن يقاضى كل إنسان وفق صلاحياته ، وإذا اقتضى الأمر أن لا يفضح الذنب أو صاحبه -ولكن مع أخذ حق العدل والشرع العادل ورد الحقوق لأصحابها – فيجب أن تعامل القضية بالسرية المطلوبة ، ومن الجرائر من تستلزم أن تكون مشهودة ومع وجوب تذكير صاحب الذنب أو الجرم بالله وتحبيب التوبة إليه وتحفيزه على الندم أمام الله على كل خطأ اقترفه وتشجيعه على الثوبة إلى الغفور الرحيم ، وبعدها يقضى في القضية بالحق والعدل ومخافة الله وليس مخافة الناس .
3_ ونقطة مهمة نذكرها : في مقترفي الذنوب أو"أصحاب المظالم الصغار"!! ورب ذريعتهم أو قد يدعون أنهم مأمورون بمن فوقهم بالمرتبة أو الوظيفة ، فهذا عذر غير مقبول ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما ورد في السنة النبوية المطهرة ، ولا يقبل عذر الذي ورد ذكرهم في الآية الكريمة " قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " (النساء 97 ) .
والأهم من كل هذا حقيقة : كيف جازت أنفس بعض هؤلاء الناس أو كلهم ظلم الغير أو تحقيرهم أو تبريحهم إهانة أو ضربا أو الاستهتار بحيوات وعافيات وحريات وكرامات كثير من الناس دون وجه حق أو دون وجه عدل أو دون مبرر مقبول ، كيف جازت أنفسهم أن يكونوا في الشر كآمريه أو حتى أشد .
وليعلم أولئكم "الظلمة الصغار" أو تابعي الظلمة أنهم ليسوا معفيين من الجريرة والقصاص وعليهم التوبة والندم إلى الله قبل أن يُقاضوا ، ويجب أن يقاضوا قضاءا عادلا ، ويجب أن يتوب قسم منهم جهارا أمام الناس كي يظهروا فداحة الجرم الذي اقترفوه للناس وللآخرين ، وليبينوا مدى فداحة الجرم فيمن أطاع ونفذ أي جرم أو ظلم أو شر من ظالمين أو من مجرمين أو من فاسدين قساة ، وكي يعطوا لغيرهم درسا ولكل مأمور ألا يكون شريكا في أي ظلم أو في أي شر مهما كان أو صغر وأنه لا طاعة لمخلوق مهما كان في معصية الخالق .
4_رابعا : نقولها الحمد لله أن الله مكّن بعض المسلمين من اختيار رجال فضلاء أمناء وأصحاب عدل ونزاهة وصدق كي يقودوا مركبة البلاد والعباد للخير والفضيل والعدل والنزاهة والسماحة والتراحم والقسط والإقساط وتحصيل الحقوق وطرد الظلم والمظالم وزجر التظالم.
ولكن ونعلم وحقيقة أن رقيب هؤلاء وعدالتهم ونزاهتهم وجب أن يكون الله وحده والخوف وجب أن يكون من الله وليس من الناس ، ومع هذا فللمسلمين وللناس الطيبين التذكير في الله وفي الحق والنصح في الخير والعدل لأئمة المسلمين وعامتهم في الصالح والطيب والكريم .
أما أن يجعل الرقيب أو الحسيب هو بعض الناس أو طائفة منهم من دون الله وأن يكون المطلوب هو خشيتهم من دون الله فهذا مرفوض مرفوض .
فأي رجل من المسلمين اختير لحمل أمانة ما أو مسئولية ما وذلك لخشيته لله ولتقواه لله والتي والله لا تأتي إلا بكل خير ، فلو أن أمانة صاحب المسئولية وأداء سيكون خوفا من فلان أو مماشاة لأهواء فلان أو محاباة لفلان من دون الله لجنحت المركبة عن الطريق السوي السليم ولجنحت المركبة إلى الفساد أو النكد أو الظلم والغصة كما كانت سابقا وربما أكثر .
المقياس يجب أن يكون فقط هو مقدار خشية العبد من ربه ومقدار التزام العبد نزاهة وعدل وقسط شرع الله الذي هو قمة العدالة والنزاهة التي يرغبها الناس . وإذا رأى أحد من الناس تقصيرا من صاحب مسئولية مخالفة لشرع الله القويم فهناك وسائل سليمة للنصح والتصحيح كي تعود المركبة إلى المنحى الصحيح السليم لو مالت قليلا .
5- خامسا : أيها الناس -أو بعض الناس- ليس جميلا طمس بعض الأفكار في الرمل والتغاضي عنها وان تبقى الحقائق المخيفة فوق الرمل ، أو أن تريدوا وضع أيديكم مع الصالحين ولكن تريدونه إسلاما مفرغا من مضمونه الطيب والأصيل أو مسخا لا قدر الله .
ليس جميلا البعد عن الإسلام ومقاصده العظيمة النافعة ، أو وأن يكون الناس هم الرقباء والمخشيون من دون الله ، حقيقة والله لا نريد أن يضحك أحد على أحد ولا أن نريد أن يتجبر أحد على أحد ، ولكن نريد الخير والعدل والنزاهة والسماحة والسعة المطلوبة وتلبية حاجات الناس العادلة والطيبة والتي هي موجودة في وشرعة الله ، ورقيبها وحسيبها هو خشية الله وتقواه والتي لا تأتي إلا بكل خير وسليم وكريم ، ولن يصح مسار المركبة والحياة عامة ولن ينال صاحب كل حق حقه ولن تسعد الإنسانية بالقسط والسماحة والنزاهة المرجوة إلا بمنهج الله الحكيم الكريم العادل النزيه الذي هو الإسلام .
6-وفي الأساس الخامس نريد أن نتطرق إلى سؤال مهم : هل العسكر هم آمرون أو مأمورون ؟ والحقيقة السائدة والمعلومة هي : أن العسكر هم مأمورون ، وهم مأمورون حقيقة للمهام الفضيلة وللأمور العادلة تحت سلطة فاضلة ، ومهمتهم هي الجندية لله وفي الخير والفلاح وللمرابطة على الثغور وعون صاحب الأمر الصالح على الأمر الفاضل والكريم ، وعونه على نشر الخير والعدل والسماحة ، وإن هذا لهو شرف عظيم وفضل كبير.
لكن أن يتجاوز صاحب الوظيفة وظيفته أو أن يطغى أحد على صلاحيات غيره أو أنة يستبد مسئول(!) بمنصب أو صلاحية ما فهنا يقع الظلم وتنخرم العدالة وهذا أمر مرفوض ، ولكن أن يكون كل شيء في إطاره العادل الصحيح السوي السليم فلن يُظلم أحد ، ولن يضيع فضل أحد ، ولن ينسى جميل أحد ، وكفى للإنسان من فضل ومن فخر أنه أدى الأمانة الطيبة التي شاءها الله وكان الله منه راضيا .
6-في الأساس السادس نذّكر أن : الإسلام خير كله عدل كله نزاهة كله ، وإن كان في منهج ما خير ما أو عدل أو نزاهة ما فهو جزء يسير من خير الإسلام وعدله وعدالته ونزاهته ونصاعته ، والمناهج الأخرى ليست بنفس قدرة ونزاهة ونجاعة وكفاءة وأساسية الإسلام في الحكم وفي العدل والإقساط وفي حرب الفساد والظلم وفي إرساء الطيب والصالح والعادل والمُلبي لكل احتياجات الناس والعصر، ونهيب ببعض من المسلمين الذين نالوا ثقة من الناس أن ألا تنتقص ثقتهم أو اعتزازهم أو تمسكهم بالإسلام ومنهجه المتألق الذي هو بلسم كل زمان ومكان وعصر .
ونحن كمسلمين لا نجد حرجا في أن نأخذ أو إن نستعمل أي وسيلة سليمة أو أي أداة سليمة ونافعة وتخدم العدل والصالح والطيب ، وأيضا نستنبط أيضا مما علمنا الله ما ينفع ويؤدي للصالح ، ولكن هل يعقل أن ينسى الإسلام ؟ هل يعقل فقط من أجل وسائل قليلة مفيدة أن نأخذ الجمل بما حمل ؟ هل يعقل أن نبدأ من أجل وسيلة واحدة أن نطلق على كل ما نادى به ديننا أصلا واستمسك به من عدل ونزاهة وحكمة وأمانة بالديموقراطية ؟! عجبا ! أو يطلق عليه أي مسميات أخرى فيها زيف؟! وهي مسميات قد تعجب منتسبيها بها مع خللها وينسبون لها كل فضل لها وينسون فضل الإسلام ، وبعض المسلمين يستحي حتى ذكر إسم الإسلام .
7- وأخيرا نأتي إلى الإبداع : فهل الإسلام ضد الإبداع الفاضل والمفيد والنافع ؟ طبعا لا ، هل الإسلام ضد أن يبتدع الإنسان سيارة مثلا ؟! أو أي أن يبتدع جهاز مفيد أو نافع مثلا ؟! أو أن يبتدع أي وسيلة تأتي بالخير على البلاد والعباد ؟! وهذا حقيقة إبداع .
ولكن هل الإبداع أن يبتدع أحد فسقا ما ؟! أو يطيش فلان على قشور ويعيش على أحلام جوفاء ما؟! هل هو إبداع ؟! أو أن يبتدع أحد إفسادا ما ؟ هل هذا إبداع ؟!
أن يبدع الإنسان مقولة أو موعظة أو عبرة طيبة تجلب للخير والفلاح وتأتي الصلاح والمنفعة على العباد دون مفسدة فنعم ، ولكن أنه تحت اسم الإبداع يريدون زرع فساد أو ضلال فلا .
ولنكن صريحين مع أنفسنا ومع هؤلاء المتباكين على الإبداع : أي إبداع يبكون ؟ أفي قشور يضحك بها غيرنا علينا ، أو لا طائل حقيقي منها ، أو بناء شريحة غافلة وناس مضللين يعيشون في أحلام أو في سراب يحسبه الظمآن ماء ، أو في ضلال ومفسدة .
طبعا نستثني من هذا كل عمل يجلب المنفعة ولا يجلب الضرر أو المفسدة ، ونستثني منه أيضا التسلية البريئة من خفة ومهارة التي تسعد الناس دون ضرر ولا مضرة ، ورُبّ أيضا من نقدٍ فكاهي مفيد غير ضار ولا مؤذي ولا فاسق ولا جالب للمفسدة .
ونتساءل كم من الوقت وكم من الجهد وكم من التكريس وكم من الاهتمام وكم من العناية تكرس لابتكار وسائل مفيدة وحلولا طيبة تفك ضوائق كثير من الناس ومشاكل كثير من الناس ؟ كم ؟ وكم ؟
أما في أمور التافهة فتنفق أموال الطائلة ويهدر وقت الثمين وتفسد وتضيع القدرات البناءة تحت أقدام الرذيل والفاسد . أما آن للوقت لأن يكرس للخير وللمفيد وللنافع ، أما آن يكرس كل جهد طيب وكل عمل بناء وكل نية حسنة لصالح العباد والبلاد ولفك ضوائق الناس ولإيجاد الحلول السكنية والزراعية والتنقلية ، والمعيشية بشكل عام ؟
أم أنه بعض الناس في كل شيء نافع فهم عالة وأما في أشياء فاسدة فهم مبدعون ، أم هم في قشور ضائعون ؟!
رزقكم الله وإيانا الجنة
وفقكم الله لكل مايحب ويرضى
نحمد الله ونشكره على تواجدك بيننا اخي
ومنحنا الفرصة للاطلاع على ابداعاتك الراقية
بارك الله فيك
وجعله في موازين حسنتك