إن أكثر ما يلفت الانتباه على وجه الأرض تلك الجبال الشامخة، ما هي أسرار وجودها وهل أخبر النبي الكريم عن هذه الأسرار؟…..
إن أكثر ما يلفت الانتباه على وجه الأرض تلك الجبال الشامخة، ما هو سر وجودها، وما هي مهمتها، ولماذا خلقها الله تعالى؟ هذه تساؤلات أجاب عنها العلماء حديثاً بشكل دقيق. يخبرنا علماء الأرض عن حقيقة علمية وهي أن الأرض في بداية نشوئها كانت مليئة بالثورات البركانية والتصدعات والزلازل، ولم تكن مستقرة أبداً. وعندما تبردت القشرة الأرضية شكلت الغلاف الصخري الذي نراه اليوم.
هذا الغلاف كان ذات يوم منذ بلايين السنيين يعجُّ بالحركة. ويخبرنا العلماء عن أجزاء هذا الغلاف وهي الألواح. فالقشرة الأرضية متصلة مع بعضها ،بل هي عبارة عن مجموعة من الألواح أو الصفائح التي تتحرك باستمرار. إن الحركة العنيفة لهذه الألواح والـناتجة عن حرارة باطن الأرض تؤدي إلى عدم توازن الأرض أثناء دورانها حول الشمس وأنها لم تكن صالحة للحياة.
ولكن حركة الألواح واصطدامها مع بعضها أدى إلى نشوء الجبال وانتصابها مما أدى إلى تثبيت القشرة الأرضية وعدم اهتزازها وإعادة التوازن إلى الأرض.
إذن الحقيقة العلمية الثابتة التي نجدها في أبحاث علوم الأرض هي أن الأرض في بداية خلقها كانت تميد وتهتز وغير مستقرة، فنشأت سلاسل الجبال ذات الجذور الممتدة لعشرات الكيلو مترات في الغلاف الصخري للأرض مما أدى إلى استقرار الكرة الأرضية.
هذه الحقيقة نجدها بالتمام والكمال في حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما يقول: (لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت) [رواه الترمذي]. وانظر معي إلى قوله صلى الله عليه وسلم (تميد) أي تميل وتكاد تنقلب كالسفينة التي تطفو على سطح الماء وتكاد تقلبها الأمواج. وقد أثبت العلم هذه الحقيقة، فالقشرة الأرضية تطفو على بحر ملتهب من الحمم المنصهرة تبلغ حرارتها آلاف الدرجات المئوية.
ويسمي العلماء الطبقة التي تلي القشرة الأرضية بنطاق الضعف الأرضي ويتألف من صخور منصهرة عالية الكثافة والحرارة والضغط تتولد فيه تيارات حرارية عنيفة تؤدي إلى تحرك أجزاء القشرة الأرضية وتبدو كأنها ستنقلب. ووجود الجبال على هذه القشرة له دور مهم في توازن القشرة الأرضية وجعلها أكثر استقراراً وانتظاماً في رحلة دورانها حول محورها. وهنا نتوقف مع هذا الحديث العظيم والذي يتضمن حقيقة علمية وجاءت كل كلمات الحديث مطابقة لآخر ما يتحدث عنه علماء الأرض اليوم.
صورة بالكمبيوتر توضح الجذور القديمة للجبال.. وهي تشبه الأوتاد.. قال تعالى: (والجبال أوتادا) [النبأ: 7]. مصدر الصورة BBC
ويقول العلماء في بحث جديد:
إن الاصطدام بين الألواح الأرضية أنتج الجبال وأنتج طبقة سميكة على شكل جذر سميك توضع في قشرة الأرض.
كما يؤكد هذا البحث أن جذور الجبال نشأت قبل بليون عام ولكن قمم الجبال تآكلت وبقيت الجذور، وبعد ذلك أي ما قبل 100-250 مليون عام في فترة الديناصورات بدأت قشرة الأرض بالتمزق من جديد وتم تجديد الجبال وإعادة تشكلها عبر ملايين السنين، وكانت هذه الجذور الجبلية تطفو على صخور ملتهبة.. والارتفاع الأخير للجبال ساهم في خلق الوديان التي شكلت الأنهار.
وسبحان الله، هناك آية تتحدث عن هذا البحث بالضبط، قال تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ) [الرعد: 3]، فهذه الآية تتحدث عن حركة القشرة الأرضية أو ما يسمى الألواح الأرضية (مَدَّ الْأَرْضَ)، ومن ثم تشكل الجبال التي تطوف على حمم منصهرة مثل الرواسي في البحر (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ)، وبعد ذلك تشكل الأنهار (وَأَنْهَارًا ) فانظروا إلى دقة وبلاغة كلمات القرآن.
والسؤال:
من الذي أخبر الرسول الكريم بهذه الحقائق، ومن الذي علمه هذه المصطلحات العلمية؟ فكلمة (تميد) هي أدق كلمة لوصف حالة الأرض في بدء خلقها، وكلمة (فاستقرت) هي الكلمة الأنسب لوصف حالة الأرض بعد نشوء الجبال. أليس هذا الحديث هو دليل وبرهان مادي على أن الله تعالى هو الذي علم رسوله، وأن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قد بلغنا كل كلمة بدقة فائقة كما أوحاها الله إليه دون زيادة ولا نقصان.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
شكرا لك على الطرح المميز
دمت متألقا
مودتي لك
و كل الشكر والأمتنان لروعة طرحك
لقلبك أكاليل الورد