تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » من حسرات التعلل إلى مسرات التوكل

من حسرات التعلل إلى مسرات التوكل 2024.

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخي المسلم : تعيش في قلقٍ و تأنيب ضميرٍ و تقول لو أني فعلت كذا لكان كذا , و لو سهرت الليالي لأصبحت عَلَماً و أستاذا , و لو عملت في التجارة ما كنت الآن شحاذا , و لو ما ذهبت إلى تلك البقعة ما نفذ المرض في جسمي نفاذا , و مصائبي التي أعيشها الآن بسبب ذاك و هذا , فاعلم يا أخي أنك إن عرفت ربك و وثقت به و عملت مخلصاً له بما تستطيع , آخذاً بالأسباب غير متعلق قلبك بها بل بربك القدير السميع , مستسلماً له راضياً بتدبيره و عطائه , موقناً بالفوز و بحكمته , فأنت قد اتصفت بخلق التوكل , العالي الرفيع .
أخي المسلم : لن تضمن النجاة من كربات الآخرة و الفوز بنعيمها أو إنجاز عملٍ دنيوي إلا إذا أخذت بجميع الأسباب , و الأسباب كثيرة و العمر قصير و القدرات ضعيفة , فأنى لك بعد هذا أن تنجز عملاً أو تبلغ نجاحاً أو تحصل مالاً أو ثروة أو عرضاً دنيوياً أو يكون لك الفوز بالجنة و النجاة من النار , و إنما هي عطايا من الله لنا برغم عظيم تقصيرنا , في الدنيا بلاء و اختباراً و في الآخرة جوداً و إحساناً , و هذه العطايا يجب ألا تدفعنا إلى التراخي و التواكل و إلا حَرَمنا من بيده أمرنا , و أصبح ذلك عرة في حقنا , بل علينا النشاط ما أمكننا , مخلصين له الدين و بالأسباب غير متعلقة قلوبنا , عارفين عظمة و قدرات ربنا , واثقين من حكمته , مطمئنين لتدبيره , موقنين بالنجاة و الفوز على يديه , لا بعلومنا و أسبابنا , نرى الخير في كل ما يأتينا منه و لو كان كدراً في أيامنا و ليالينا , و بين يديه نستسلم و أمرنا له قد سلمنا و فوضنا , نرضى بما يقسم لنا في معيشتنا و دنيانا و آخرتنا , فكيف لا و نحن عليه توكلنا و وكيلاً لأمرنا رضينا , و نفوسنا لتهدأ و خواطرنا لِتَطِب , أليس الله مولانا و به ثقتنا و رجاؤنا , فلا هَمّ بعد ذلك و لا نكد , و لا حسرة و لا كَبَد , بل صفاء لحياتنا و نشاطاً بما يرضيه , نسعد في حياتنا و بعد مماتنا .
أخي المسلم : كما ترى فإن خلق التوكل هو من أشرف أخلاق المسلم , فيه التذلل لله و التوحيد له و نبذ الشرك بنوعيه الأكبر و الأصغر و فيه الإخلاص و معرفة الله عزوجل و الثقة به و بتدبيره و اليقين بحكمته و الرضا بقضائه و الاعتراف بأفضاله و أنعمه , و هو فرض و واجب على كل مؤمن و مسلم , و هو يجعلك من أحباء الله عزوجل , فسارع إليه , تعلمه و تخلق به تكن من سعداء الدارين .

– إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الأنفال
– وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10) المجادلة
– وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) يونس
– رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً (9) المزمل
– فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران
– وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) المزمل
– ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم (49) الأنفال
– فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) النحل
– وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) العنكبوت

– لو أنكم توكلون على الله تعالى حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا و تروح بطانا .
الراوي : عمر بن الخطاب – المحدث : الألباني في صحيح الجامع – خلاصة حكم المحدث : صحيح
– قال عمرو بن أمية يا رسول الله أُرسل ناقتي أو أتوكل قال قيدها و توكل
الراوي : جعفر بن عمرو بن أمية الضمري – المحدث : محمد بن محمد الغزى في إتقان ما يحسن – خلاصة حكم
المحدث : إسناده جيد .
– من اكتوى أو استرقى فهو بريء من التوكل .
الراوي : المغيرة بن شعبة – المحدث : الترمذي في سننه – خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

– مراجع : 1- الدرر السنية , الموسوعة الحديثة و موسوعة الأخلاق الإسلامية .
2- موقع بوابة الإسلام .
3- إحياء علوم الدين للغزالي .
4- الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
5- شبكة مشكاة الإسلامية – الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان .

– الآيات القرآنية مكتوبة بقراءة حفص عن عاصم من موقع عبد الدائم الكحيل

الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان/دمشق 22أيلول 2024

جزاكم الله خيرا الجزاء موضوع رائع

الأخ الفاضل الدكتور جواد
شكر الله لك قلمك واناملك التي سطرت هذه الكلمات الراقية..
حقيقة لا يمكن أن يصل العبد إلى التوكل الحقيقي إلا بوجود اليقين في القلب
ولا يمكن أن يصل العبد إلى الصبر المقبول إلا بوجود اليقين في القلب ..
ولا يصل العبد لدرجة الرضا الحقيقي إلا باليقين ..

أسأل الله تعالى أن يرزقنا اليقين الراسخ في القلب وسائر المسلمين

جزاك الله خيرا
ونفع بك المسلمين

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الإسلام رباني
جزاكم الله خيرا الجزاء موضوع رائع
بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً لك , جعلك الله من أهله و أظلك بظله يوم لا ظل إلا ظله و أدام عليك نعمة الايمان و ثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة و أبعد عنك الهموم و الأحزان و الفقر و القلة و الذلة

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو نضال 1

الأخ الفاضل الدكتور جواد
شكر الله لك قلمك واناملك التي سطرت هذه الكلمات الراقية..
حقيقة لا يمكن أن يصل العبد إلى التوكل الحقيقي إلا بوجود اليقين في القلب
ولا يمكن أن يصل العبد إلى الصبر المقبول إلا بوجود اليقين في القلب ..
ولا يصل العبد لدرجة الرضا الحقيقي إلا باليقين ..

أسأل الله تعالى أن يرزقنا اليقين الراسخ في القلب وسائر المسلمين

جزاك الله خيرا
ونفع بك المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً لك أخي أبو نضال على الرد الجميل , أدام الله عليك نعمة الإيمان و جعلك من أهله و ملأ قلبك حباً له و لرسوله صلى الله عليه و سلم و أظلك بظله يوم لا ظل إلا ظله و زادك في الإسلام رفعة و علواً في الدارين و كتبك في عليين
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.