"نسيان كم": دليل للمرأة "المجروحة القلب"
"نسيان كم" هوعبارة عن تأملات أنيقة ودافئة عن الحب وخسائره وكيفية البقاء و الاستمرارية لاستعادة البهجة والرضا.
وكما يوحي العنوان، يقدم الكتاب النصيحة للمرأة بكيفية تجاوز الرجل الذي يؤثر سلباً على حياتها والتقدم لتحقيق حياة أكثر سعادةً وارضاءً. كتاب مليء بالطرافة والدفء، من كاتبة تتحدث من قلبها وعقلها في آنٍ واحد.
“نسيان.كوم” كتاب من نوع آخر لأحلام مستغانمي ، الآن نحن لسنا أمام رواية يسحرها الغموض ، ويزينها روعة الأسلوب ، رواية محملة بمعاني الحب والوطنية والتمرد ، بل إننا هذه المرة أمام “كتاب” أي أن أحلام تخاطب القارئ مباشرة الآن بدون حبك قصة و صنع شخصيات لتمثل لنا أحداث هذه القصة.
أول ما يشدك للكتاب هو تلك العبارة المستفزة المستحوذة على يمين أعلى غلاف الكتاب مكتوبة بالأحمر تقول بكل جرأة :” يحظر بيعه على الرجال” كانت كافية لاثارة فضول القارئ الرجل ، وربما أيضا لإثارة غضبه وسخطه على هذا الإقصاء.
عبارة اقتنعت بعد نهاية الكتاب أن لها كل الحق في كتابتها .
“أحبيه كما لم تحبه امرأة وانسيه كما ينسى الرجال”
هذا ما كتب في ظهر الكتاب ، وكأن أحلام تقول به إن هذا هو خلاصة كل ما كتبته، وأن هذه هي العبرة التي يجب استخلاصها من الكتاب.
عبارة أجدها مستحيلة التطبيق ، تهمل كون الإنسان عاطفيا بالدرجة الأولى ، وتعتبره آلة يستطيع أن يضغط على زر”حب” ثم بكل بساطة على “نسيان”
ثم التشبيه “كما ينسى الرجال” ، وما علمك يا أحلام بنسيان الرجال ؟ وهل انطلاقا من نسيان رجال يحق لك التعميم على كل الرجال لتقدميه في شعار وكأنه بديهية: “كما ينسى الرجال”
التعميم هو الفخ الذي سقطت فيه أحلام في هذا الكتاب ، استثنت في ذلك “الرجال الرجال” في صفحة واحدة ربما لم تكن كافية بالنسبة للبعض .
من وجهة نظري،قد يحقق الكتاب هدفه بالنسبة للفئة التي استهدفتها أحلام وهي “النساء المريضات بذاكرة رجل” ، لكن لي عتابا على بعض الوسائل التي نصحت بها أحلام ، الغير الراقية ، الرخيصة ربما !
فلقد كانت هناك عبارات ، لو كنت رجلا ، لاتهمتها فيها بالعنصرية الجنسية ، صورته كزير نساء ، يتنقل من امرأة إلى أخرى بدون أي احساس بالآخر ،كما صورت المرأة كإنسانة ساذجة وكل هدفها في هذه الحياة هو البحث عن رجل لتحبه ، تنصحها أحلام بأن تحبه كما لم تحبه امرأة ، وأن تعطيه بكرم في الحب حتى لا يعرف امرأة مثلها فيما بعد ، ثم بعد ذلك إن اقتضى الأمر ، تنساه كما ينسى الرجال ، أتساءل كيف يمكن لامرأة أن تعطي كل شيء في الحب مفترضة أن بعدها ستأتي امرأة أخرى ، وأنه سيأتي يوم لتنسى فيه هذا الرجل ، وهل حب هدفه القصاص من النساء التاليات ، سيكون حبا سليما ؟ أم أنه حب خبيث قائم على سوء الظن والتحدي والانتقام ، من شيء ليس مؤكدا حتى، بل مفترضا ويتعلق بالمستقبل الذي لا شأن لنا به !
لكن لنكن واقعيين، كم من القصص المتشابهة المتكررة التي نسمع فيها عن حب أخلصت فيه المرأة فكافأه الرجل ب”خيانة” أو ب”غياب” في أحسن الظروف ، لتدخل المرأة في فترة كآبة لا يعرف أحد متى تخرج منها ، ولا تنفع معها جميع السبل لنسيانه لبدء حياة جديدة بعدها .
لهذه الفئة فقط وهي كبيرة ، فالكتاب ممتاز و سأنصح به كل النساء اللواتي جرحن مرات ومرات ولم يتعلمن ، فأصبحن يعشن على ذكريات لا تزيدهن إلا كآبة ، فربما يحتجن إلى حديث يصفهن بالغبيات ، و يصف الرجال بالخونة ، لعلهن يقتنعن بجزء منه ، ليصبحن على الأقل طبيعيات .
ربما استخدمت أحلام في هذا الكتاب مبدأ ” الغاية تبرر الوسيلة” ، الغاية هي نسيان رجل ، والوسيلة هو كتاب مليء بالقسوة والتعميم والحث على الكره، ليكون بمثابة صفعة تفيق القارئة من غفلتها ، فيسهل بعدها إصلاح وتغيير “الوسيلة” ما دامت القارئة تخلصت من المرض الذي كان يحجب عقلها ، فتستطيع بعدها اختيار المنهج الذي يناسبها في حياتها بعيدا عن أفكار أحلام التي قد تتفق وقد تختلف معها .
لكن بصفة عامة ، الكتاب مختلف و مسلي
أترككم مع بعض الروابط المتعلقة بالكتاب :
الموقع الرسمي : نسيان.كوم
المقالة التي تستثني فيها أحلام بعض الرجال من المقصودين في كتابها : الرجال الرجال
ميثاق شرف أنثوي توقع عليه بعض النساء : الميثاق
توضيح للرجال المتسلّلين إلى هذا الكتاب:
أيّها " الرجال الرجال " سنصلي للّه طويلًا كي يملأ بفصيلتكم مجددًا هذا العالم، و أن يساعدنا على نسيان الآخرين !
ليس هذا " مانيفستًا" نسويًّا.
إنّه جردة نسائيّة ضدّ الذكورة، دفاعًا عن الرجولة، تلك الآسرة التي نباهي بوقوعنا في فتنتها، إذ من دونها ما كنّا لنكون إناثًا و لا نساءً.
من قال أنّنا نهجس بتلك الفحولة التي تُباع في الصيدليّات؟ أو تلك الذكورة النافشة ريشها التي تفتح أزرار قمصانها لكي تبدو السلاسل الذهبيّة الضخمة، و ما فاض من عشب، و تضع في أصابعها خواتم بأحجار لافتة للنظر؟ رجولة الساعات الثمينة و السيجار الفخم التي تُشهر أناقتها و عطرها و موديل سيّارتها و ماركة جوّالها، كي تشي بفتوحاتها السابقة و تغرينا بالانضمام إلى قائمة ضحاياها.
ما نريده من الرجال لا يُباع، و لا يُمكن للصين و لا لتايلاند أن تقوم بتقليده، و إغراق الأسواق ببضاعة رجاليّة تفي بحاجات النساء العربيّات.
ذلك أنّ الشهامة و الشموخ و الفروسيّة و الأنفة و بهاء الوقار و نبل الخُلق و إغراء التقوى و النخوة، و الإخلاص لامرأة واحدة، و الترفع عن الأذى، و ستر الأمانة العاطفيّة، و السخاء العشقيّ الموجع في إغداقه، و الاستعداد للذّود عن شرف الحبيبة بكلّ خليّة و حتى آخر خليّة و مواصلة الوقوف بجانبها حتى بعد الفراق.
تلك خصال لعمري ليست للبيع. بل إنّ مجرد سردها هنا يدفع للابتسام، و يشعرنا بفداحة خساراتنا و ضآلة ما في حوزتنا.
أين ذهب الرجال ؟ الكلّ يسأل.
اختفاء الرجولة لم يلحق ضررًا بأحلام النساء و مستقبلهنّ فحسب، بل بناموس الكون و بقانون الجاذبيّة.
ما الاحتباس الحراري إلّا احتجاج الكرة الأرضيّة على عدم وجود رجال يغارون على أنوثتها. لقد سلّموها كما سلّمونا "للعلوج"، فعاثوا فينا و فيها خرابًا و فسادًا.
لتتعلّم النساء من أمّهنّ الأرض، لا أحد استطاع إسكاتها و لا إبرام معاهدة هدنة معها. ما فتئت تردّ على تطاولهم عليها بالأعاصير و الزوابع و الحرائق و الفيضانات. هي تعرف مع من تكون معطاءة و على من تقلب طاولة الكون.
ليعقدوا ما شاؤوا من المؤتمرات ضدّ التصحّر و التلوّث و ثقب الأوزون و الاحتباس الحراري. ليست الأرض مكترثة بما يقولون. هي تدري أنّ الرجولة لا تتكلّم كثيرًا، لا تحتاج إلّا أن تكون فيستقيم بوجودها ناموس الكون.
الرجولة..
هي التي تؤمن إيمانًا مطلقًا لا يراوده شكّ أنّها وُجدت في هذا العالم لتعطي لا لتؤذي، لتبني و تحبّ و تهب.
الرجولة… في تعريفها الأجمل تختصرها مقولة كاتب فرنسي " الرجل الحقيقي ليس من يغري أكثر من امرأة بل الذي يغري أكثر من مرّة المرأة نفسها ".. الرجولة التي تؤمن بأنّ العذاب ليس قدر المحبّين، و لا الدمار ممرًّا حتميًّا لكلّ حبّ، و لا كلّ امرأة يمكن تعويضها بأخرى، و أنّ النضال من أجل الفوز بقلب امرأة و الحفاظ عليه مدى العمر هما أكبر قضايا الرجل و أجملها على الإطلاق. و عليها يتنافس المتنافسون.
هذا الكتاب يسمح لمن تسلّل من الرجال هنا، أن يتعلّم من أخطاء غيره من "الذكور" من باب "تعلّم الأدب من قليل الأدب ".
عليهم أن يتعلّموا الحبّ من قليلي الحبّ. أن يعتبروا بمصائر الكاذبين و الخونة و المتذاكين و الأنانيّين. و ليأخذوا علمًا أنّ النساء استيقظن من سباتهن الأزلي.
أمّا الرجال الحقيقيّون فأعتذر لهم. أحبّ إثم ذكائهم. فأنا واثقة أنّهم سينجحون في رشوة النساء بما يملكون من وسائل "رجالية" لا تصمد أمام إغراءاتها امرأة.
لمزيد من الاعتداد بالنفس و السخرية، سيكلّفون امرأة بإحضار هذا الكتاب المحظور عليهم، كي يضحكوا في سرّهم حتى قبل أن يقرؤوه. فهم يدرون أنّ المرأة كالشعوب العربيّة تتآمر على قضيّتها، و تخون بنات جنسها ولاءً منها لوليّ قلبها: الرجل.
لذا كلّ مكاسب المرأة عبر التاريخ كانت بفضل فرسان منقذين نبّهوها إلى خدعة الذكورة.
سنظلّ نحلم أن تكون لنا بهؤلاء الرجال قرابة. أن نكون لهم أمّهات أو بنات.. زوجات أو حبيبات.. كاتبات أو ملهمات.
أولئك الجميلون الذين يسكنون أحلامنا النسائيّة، الذين يأتون ليبقوا.. و يطمئنوا.. و يمتّعوا.. و يذودوا. ليحموا و يحنوا و يسندوا.. الذين ينسحبون ليعودوا، و لا يتركون خلفهم عند الغياب كوابيس و لا جراحًا و لا ضغينة. فقط الحنين الهادر لحضورهم الآسر، و وعدًا غير معلن بعودتهم لإغرائنا كما المرّة الأولى.
كم من مرّة سنقع في حبّهم بالدوار ذاته، باللهفة إيّاها. غير معنيّات برماد شعرهم و بزحف السنين على ملامحهم.
ليشيخوا مطمئنّين. لا الزمن، لا المرض، لا الموت، سيقتلهم من قلوبنا نحن "النساء النساء".
كيف لحياة واحدة أن تكفي لحبّ رجل واحد ؟
كيف لرجل واحد أن يتكرّر.. أن يتكاثر بعدد رجال الأرض.
لا يمكن أن نُقصيكم من هذا الموقع كما لا يمكن أن نُقصيكم من حياتنا، لأنّنا بفضلكم موجودات. كلّ ما نريده هو أن نحافظ عليكم، وعلى شيم الرجال الرجال التي بهرتنا يوماً، و ما عدنا اليوم نعثر عليها.
مشكور على المرور