الحمد لله والصﻼة والسﻼم على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
*فقد روى*مسلم*في صحيحه عَنْ*عَائِشَةَ،*قَالَتْ:*دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس من أخﻼقه السب واللعن، وإنما قد يسب من يراه يستحق ذلك، فإن كان من المؤمنين فيكون ذلك زكاة وأجرا لمن سبه بسبب ما شارط النبي صلى الله عليه وسلم عليه ربه، وأما إن كان من الكفار والمنافقين فﻼ يكون ذلك رحمة لهم بسبب كفرهم ونفاقهم، ومع ذلك فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لدوس حال كفرهم أن يهديهم، ولم يدع عليهم لما طلب منه ذلك.
قال*النووي*رحمه الله في شرح مسلم:*إِنَّمَا يَكُونُ دُعَاؤُهُ عَلَيْهِ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وزكاة ونحو ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِ والسب واللعن ونحوه وكان مسلما، وإﻻ فقد دَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ رَحْمَةً. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْعُو عَلَى مَنْ لَيْسَ هُوَ بأهل للدعاء عَلَيْهِ أَوْ يَسُبُّهُ أَوْ يَلْعَنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ وَمُخْتَصَرُهُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي بَاطِنِ الْأَمْرِ، وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ فَيَظْهَرُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ سَبِّهِ وَدُعَائِهِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلَامِهَا بِلَا نِيَّةٍ؛ كَقَوْلِهِ: تَرِبَتْ يَمِينُكَ، وعَقْرَى حَلْقَى، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَا كَبِرَتْ سِنُّكِ، وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بطنه، ونحو ذلك. ﻻ يقصدون بشيء مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ، فَخَافَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أن يصادف شيء مِنْ ذَلِكَ إِجَابَةً، فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَغِبَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَقَعُ هَذَا مِنْهُ فِي النَّادِرِ وَالشَّاذِّ مِنَ الْأَزْمَانِ، وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا: ادْعُ عَلَى دَوْسٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. انتهى.
فالواجب على المسلم إذا بلغه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله على أحسن المحامل، بما يليق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما جاء عن*علي بن أبي طالب وابن مسعود*ـ رضي الله عنهما ـ قولهم:*إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أهناه وأهداه وأتقاه.*أخرجه*ابن ماجه
على هذه الموضوع القيم
وحاشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
من السب والشتم
بوركت
جزاااااااااك الله خيرا
تقبل مروري
تحااياي