هل يجوز القول في الدعاء عند دفن المرأة : اللهم أبدلها زوجا خيرا من زوجها ، أم هذا الدعاء والقول خاص بالرجل ؟
الحمد لله
اختلف أهل العلم رحمهم الله : هل يقال في حق المرأة : أبدلها زوجاً خيراً من زوجها ، أو هو خاص بالرجل ؟ على قولين :
القول الأول : أن الدعاء بالإبدال خاص بالرجل ، فلا يقال في حق المرأة : أبدلها زوجا خيرا من زوجها ؛ لأن المرأة في الآخرة إذا كانت من أهل الجنة ، فهي لزوجها الذي في الدنيا .
قال السيوطي رحمه الله : " ( وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجه ) قَالَ طَائِفَة مِنْ الْفُقَهَاء : هَذَا خَاصّ بِالرَّجُلِ وَلَا يُقَال فِي الصَّلَاة عَلَى الْمَرْأَة أَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجهَا ؛ لِجَوَازِ أَنْ تَكُون لِزَوْجِهَا فِي الْجَنَّة ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُمْكِن الِاشْتِرَاك فِيهَا ، وَالرَّجُل يَقْبَل ذَلِكَ " .
انتهى من " شرح السيوطي لسنن النسائي " (4/73) .
وقال ابن يوسف المواق رحمه الله : " وإن كانت امرأة قلت : اللهم إنها أمتك ثم تتمادى بذكرها على التأنيث ، غير أنك لا تقول : وأبدلها زوجا خيرا من زوجها ؛ لأنها قد تكون زوجا في الآخرة لزوجها في الدنيا , ونساء الجنة مقصورات على أزواجهن لا يبغين بهم بدلا , والرجل تكون له زوجات كثيرة في الجنة ولا يكون للمرأة أزواج " .
انتهى من " التاج والإكليل لمختصر خليل " (3/18) .
وقال البهوتي رحمه الله : " ويقول في دعائه لامرأة : اللهم إن هذه أمتك ابنة أمتك نزلت بك , وأنت خير منزول به …. ، ولا يقول : أبدلها زوجا خيرا من زوجها ، في ظاهر كلامهم قاله في الفروع " انتهى من " كشاف القناع " (2/116) .
القول الثاني : أن الدعاء بالإبدال يقال في حق المرأة ، كما يقال في حق الرجل ؛ أخذاً بعموم الحديث : ( وزوجاً خيراً من زوجه ) ، فهو شامل للرجل والمرأة ، ويكون المعنى في حق المرأة : إبدال صفات لا إبدال ذوات ، فكأنه دعاء بأن يبدل الله خلق زوجها وصفاته إلى الأفضل والأكمل ، لا أن تزوج بزوج آخر .
قال الرملي رحمه الله : " ( قوله : وزوجا خيرا من زوجه ) قضيته أن يقال ذلك ، وإن كان الميت أنثى .
والظاهر أن المراد بالإبدال في الأهل والزوجة : إبدال الأوصاف لا الذوات … " .
انتهى من " نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج " (2/477) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : ( وزوجا خيرا من زوجه ) أي : سواء كان المصلى عليه رجلا أم امرأة .
وهناك إشكال ؛ لأنه إن كان المصلى عليه رجلا ، وقلنا : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فهذا يقتضي أن الحور خير من نساء الدنيا ، وإن كان امرأة ، فإننا نسأل الله أن يفرق بينها وبين زوجها ، ويبدلها خيرا منه . فهذان إشكالان ؟
أما الجواب عن الأول : ( أبدله زوجا خيرا من زوجه ) ، فليس فيه دلالة صريحة على أن الحور خير من نساء الدنيا ؛ لأنه قد يكون المراد خيرا من زوجه في الأخلاق ، لا في الخيرية عند الله عز وجل .
وبهذا الجواب يتضح الجواب عن الإشكال الثاني ، فنقول : إن خيرية الزوج هنا ليست خيرية في العين ، بل خيرية في الوصف ، وهذا يتضمن أن يجمع الله بينهما في الجنة ؛ لأن أهل الجنة ينزع الله ما في صدورهم من غل ، ويبقون على أصفى ما يكون ، والتبديل كما يكون بالعين يكون بالصفة ، ومنه قوله تعالى : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) إبراهيم : 48 ، فالأرض هي الأرض بعينها ، لكنها اختلفت ، وكذلك السموات " .
انتهى من " الشرح الممتع " (5/327) .
تنبيه : الدعاء : ( وزوجا خيراً من زوجه ) لا يقال عند الدفن ، إنما يقال : في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثالثة ، فقد روى مسلم (963) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وصلى على جنازة ، يقول : ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِمَاءٍ وَثَلْجٍ وَبَرَدٍ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ ، وَقِهِ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ ) .
وأما عند الدفن ، فالوارد : أن يُستغفر للميت ويسأل له الثبات عند سؤال الملكين له في قبره ، كما روى أبو داود (3221) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه ، فقال : ( اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود " .
والله أعلم .
بارك الله تعالى فيكم ولكم وعليكم
اللهم اكتب لهم وليوللمسلمين سعادة الدارين
آمين
تقبلوا مروري
تقبلوا فائقتقديري