15قصيدة نثر لرسل ايدسن (1935)
رسُل ايدسن أو كما يسمي نفسه "السيد قصيدة النثر الصغير"، يعتبر سيد قصيدة النثر الأمريكية بلا منازع… فمنذ أن باشر بكتابة الشعر وحتى اليوم لم يحد عنها. وإذا أراد ناقد ما أن يتتبع نمو رسل الشعري لما وجد اختلافات كبيرة بين أعماله الأولى والأخيرة، كما لو أن الشاعر قد أنجز مبكرا النضج اللازم على صعيد الرؤيا والتقنية. تتميز قصائده النثرية بسردية أصيلة لم تعهدها قصيدة النثر الفرنسية. فهي تعتمد التقرير الخبري، وكأنها مادة صحفية إخبارية، لكنها فجأة تنحو بهذا "التقرير" إلى رؤيا غريبة تأخذنا داخل الجانب المظلم من القدر البشري، وبأسلوب فكاهي وبارد حد الشراسة وكأنها تريد أن تبين لنا اللا معقول والغرابة سؤالا وجوديا يقوم على أبعاد جد منطقية مغيّبة في عالم الحلم الذي نخاف سرده للآخرين حتى لا نتهم بالهلوسة والهذيان المرضي. وأما عقد الإنسان النفسية فهي خلفية هذه القصائد – الأساطير النثرية: اقرأ قصيدته "الأب الجديد" ففيها تبادل أدوار تتطابق ونقد عقدة الكترا وأوديب. وفي مقال له مشهور "صورة الكاتب كرجل سمين"، عرّف رسل ايدسن قصيدة النثر كـ"شعر محرر من حد الشعر، ونثر محرر من ضرورات القص". ذلك أن "قصيدة نثر جيدة هي تصريح ينشد سلامة العقل، ريثما يتأرجح كاتبها على حافة الهاوية. اللغة ستكون بسيطة، الصور مباشرة الى حد أن القارئ غالبا ما ستتنازعه في أعماقه جملة تعرّفات قبل أن يدرك، بوقت طويل، ما يحدث له؟". فالمبهر في كل قصيدة نثر جيدة، هو "أنها غير متقنة الصنع، ينقصها الطموح والتوقّع… لا كمال لقصائد النثر.. فهي ليست بناءات أدبية… قصائد النثر لا مكان لها تذهب إليه.. الفيض والتلقائية؛ فيض تلقائي في محاكاة الفرح وحيوية الإبداع العام وجوهر الكلام". له مختار من قصائده النثرية تحت عنوان "النفق"، وقد ضم 171 قصيدة اختيرت من سبعة دواوين. من هذا المختار، نقدم للقارئ ترجمة لعدد من أهم قصائده النثرية المشهورة:
|
||
الكتاب الفارغ الصفحات كانت صفحات الكتاب فارغة، سقطت منه كل الكلمات. المهم، على الأقل، ان هذا لا يؤذي الواقعَ، في الحقيقية انه يعطي الواقع راحة يستحقها فعلا. |
||
الجسر
إبان أسفاره يصل جسراً مبنياً من العِظام. قبل أن يعبره، يكتب رسالة إلى أمّه : أمّي العزيزة، احزري ماذا حصل؟ عض القردُ عَرَضاً إحدى يديه وهو يأكل موزة. أنا الآن أسفل جسر عظمي. سأعبره قريباً. لا أعرف إنْ سأجدَ على الجانب الآخر جبالاً وأودية مصنوعة من اللّحم، أو مجرد ليل مستمر، قرى النّوم. يوبّخني القرد لعدم تعليمه بشكل أفضل. أسمح له أن يلبس قُلَنسوتي لتطييب خاطره. يبدو الجسر وكأنه أحد تلك التركيبات الهيكليّة لديناصور ضخم كهذا الذي نراه في متحف. ينظر القرد إلى بقيّة معصمه و يوبّخني ثانيةً. أعرضُ عليه موزة أخرى فيغضب بحدّة، كما لو أنني أهنته. غداً نعبر الجسر. سوف أكتب لك من الجانب الأخر إذا استطعت، وإن لمْ، فابحثي عن علامة… |
||
المخ
كان السيد مخ قزما ناسكاً ويحبّ أن يأكل حيوانات صَدَفيّة بعيداً عن القمر. أحب إذن أن يدلف في شجرة ليرى أبعد قليلا من ارتفاع صغير يكشف عن حجرة، حصاة… إنها غصن، فما من شيء تحت القمر يمكنك التأكد منه.
|
||
السيّارة رجلٌ تزوّج لتوّه سيّارة.
|
||