أن التنعُّم بدوحَة العُلا والمَجد ، وسقاء الروح من مَعين السعادة وراحة الجسد
الأبدية بين حقول وآفِرة من الإنجازات والنجاحات .. كُلها تستلزم سعياً كفاحيّاً
وحثيثاً لا يَكلُّ عزماً ولا يملُّ صبراً ، سيرٌ متواصلٌ بِلباس من الجهد الدءوب
في طريق العمل الجاد الذي سار فيه العظماءُ والحكماءُ والأبطالُ ممَّن خلَّدهم
التاريخُ في كلِّ زمانٍ ، وهذا الطريق الزاهي قد يغيب عن بصره النّأظر إلى الوراءِ
ويظهر جليّاً ببهائِه للمبصرِ بعقلهِ ، وفكرهِ وعينيه .
فهوَ لا تتضح كينونتُه ، ولا ترتَسم خطوطه لتشكِّله ولا تنبض الحياة في
معالمهِ وبين جنباتهِ ولا تبتدئ خطواتهُ إلا بالإنتصار على خنوع النفس ودنوّها وذلك
بالإعتماد التام على ذاتك، والوقوف على قدميك ..
إنَّ الحيــــاةَ حبّتْكَ كــلَّ كُنوزِهـا
لاتبخلنَّ على الحيـــاةِ ببعضِ ما
أحسِـن وإن لـم تُجزَ حتَّى بالثَّنـا
أيَّ الجزاءِ الغيثُ يَبغِي إن هَمَى
كن متزوِّداً بوقود إرادتك وثقتك بالكثير الجميل الذي لديك، فبصيرتك
مبارَكة تسعى لمرضاة من اللهِ وتوفيقهِ ، ودافعك رغبة لتحقيق مراد يداعبك حُلم
تحقيقه، ووهج حديث بداخلك يراودك بين الفينة والأخرى ما حدَّثت بهِ نفسَك
ذاتها إلا لمقدرتك على نيله وتذوق رحيقه، إنك إن مضيتَ واثقَ الخُطى واضعاً
قدميك على طريق الكفاحِ لتحقق أهدافك فسوفَ يستمرُّ تحسُّن حالك ومآلك،
وستنمو مُكتسباً ما تريده ومتنعما بمزيدهِ، ولن يخلو طريقك عن وجود أيادي
تير إليك لتقف عندها أثناء مسيرك، منها ما سوف تسعد بمصافحتك والسلام
عليك لآنها تهتمُّ بك وتُثني عليكَ وتدفعك بنصائح قلبيَّة صادقة وأفكارٍ رائعة،
ومنها ما سوف تُثبِّط همتك وتصهر أملَك بمسمَّى النصيحة والحكمة السَّديدة !
وكلُّ ما عليك أن تقفَ عند الأولى .. صافِحها وكُن مُستمعاً شَكوراً لها وموقِّراً
حافظاً للوُدِّ ووفيَّا معها ، وأما الأخرىَ فتجاهلها وبغير السلام والشكر لاتَزد حتى
لا يلطمك غبار جهلها وتصافحك يدها الخانعة في كل مرة فتسقط بك إلى قاعها
.. واستمر بالوقوف على قدميك بثباتٍ، ولا تدع الكسَل يكبلك، والسَّقطات
تُحجمك، والأعذارُ المُخادعة توهمك …
إنَّ شَرَّ الجُنـــاةِ في الأرضِ نفسُ
تَتوقَّى قبـل الرَّحيلِ الرَّحيـــــــلا
وترى الشَّوك في الوُرود وتعمىَ
أن ترىَ فَوقـها النَّــــــدى إكليـلا
انطلق مجاهداً بلا توقُّف لتحظىَ بما تريده ولتتخلص مما يكدرك وتغيظه
ولتتحمل مسؤولية نفسِك لوحدِك .
كُن قِنديلاً لا يتطفئ، مُعيناً لغيرك، فالطريقُ ممتعٌ بخطوات قدميك .. مُزهر
بعطرِ همّتك .. حدائق وجنائن بمضيِّك قُدُماً .