تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » بين دار الاختبار ودار القرار

بين دار الاختبار ودار القرار 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :-

(( بين دار الاختبار ودار القرار ))

الدنيا دار اختبارٍ وبلاء، وهي مزرعةٌ للآخرة، يزرع الناس فيهااليوم ليحصدوا غدًا في الآخرة ”الذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَلِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً”، وهي صائرةٌ بلا ريبإلى فناءٍ وزوال؛ ”كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىوَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ”.

أمرُ الدُّنيا في جنب الآخرة قليل؛ ”وَفَرِحُواْبِالَحيَاةِ الدُّنْيَا، وَمَا الحيَاةُ الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ إِلاَّمَتَـاعٌ”، عند الترمذي يقول عليه الصلاة والسلام؛ ”ما الدنيا في الآخرةإلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمِّ، فلينظر بماذا يرجع”.
الدُّنيا ليست دارَ مقرٍّ، بل هي دارُ ممرٍّ، منذ أن تستقرَّ قدمُالعبد في هذه الدار فهو مسافرٌ إلى ربِّه، ومدَّةُ سفره هي عمرُهُ الذي كُتِب له،ثم قد جُعِلت الأيام والليالي مراحلَ لسفره، فكلُّ يوم وليلة مرحلةٌ من المراحل،فلا يزال يطويها مرحلةً بعد مرحلة حتى ينتهي السفر، فالكيِّس الفطِن الألمعي هوالذي يجعل كلَّ مرحلةٍ نصبَ عينيه، فيهتمُّ بقطعها سالمًا غانماً.
هذه الحقائقُ عن الدنيا تحجبُها جواذبُ الأرض وفِتن الدنيا عنتأمُّل القلب، في الصحيح؛ ”إن الدنيا حلوَة خضِرة، وإن اللّه مستخلفُكم فيها،فينظر كيف تعملون”، أي: أنها حلوةُ المَذاق، خضِرة المنظَر، والشيء إذا كان حلوًاومنظره طيّبًا فإنه يفتن الإنسان، وهكذا الدنيا حلوَة خضِرة. وصف القرآن الكريمُالدنيا كزهرةٍ نضرة، تسحَر الألباب، وتستهوي القلوبَ، ثم لا تلبث إلا برهةً حتىتذبُلَ فتتلاشى تلك النضَارة، وتحطِّمُها الرِّيح، كأن لم تغن بالأمس، هكذا حالالدنيا، زهرةٌ فتَّانة غرَّارة غدارة، تغدر وتُغوي، فإذا أقبلت عليها النفوسوتعلقت بها الألباب استحالت نضارتُها إلى هشيم، فغدت نعمتُها غرورًا، وصدق اللّهإذ يقول: ”وَاضْرِبْ لَهُم مثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَـاهُمِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُالرّياحُ”. إنَّ هذا التصويرَ البلاغي البليغ يُجلِّي حقيقةَ الدنيا في ميزانالإسلام، كيلا يصبحَ الناس عبيدًا لها، تستهويهم خضرتها، ويؤثـرونها على نعيمالآخرة، فليس من سداد الرأي أن يبيعَ العبدُ دينَه بدنياه، فيتكثّـر بالحرام وجمعالحطام.

إن الناس يتراكضون في طلب الدنيا خوفًا من فواتها وطمعًا في المزيد،ويبذلون الأوقات النفيسةَ، ويقاسون الشدائد في طلبها، بينما قد يفرِّطون فيالصلاة، ويقعدون عن الجُمَع والجماعة، ويتساهلون في الطاعة، ويتثاقلون عن البذلوالعطاء.
وفي المقابل، هناك قوم تسربلوا بالفقر والمسْكَنَة، يرغبون فيالأجور من غير تفان بزعم التفرُّغ للعبادة، وإيثار عمل الآخرة، فيصابون، بعد ذلك،بداء الكسل والإخلاد إلى الراحة والدَّعة، وداء الطمَع بعطاءات الناس ومِنحهم،وتركوا عمارةَ الأرض لأرباب الشر.
إنَّ فقْدَ التوازن بين أمور الدنيا والدين أضعَفَ الأمّةَ وقعَد بهاعن أداءِ دورها في قيادة الأمَم، فالمرتبة المثلى هي الجمع بين الدين والدنيا، بينالصبر والفقر، بين التقوى والغِنى، عند البخاري: ”نعم المال الصّالح للمرءالصّالح”، كان من دعائه، صلَّ اللّه عليه وسلم ”اللهمَّأصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتيالتي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كلِّشرٍّ”. فهذا هو الفقه الرشيد الذي نص عليه أولو البصائرالثاقبة من أعلام الأمة.

منقول.

***********

جزيت خيرا اخي الغالي
نقل مميز
جزاك الله خيراا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.