تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ديوان الشاعر محمد بن علي السنوسي

ديوان الشاعر محمد بن علي السنوسي 2024.

محمد بن علي السنوسي
حياته ومولده :
ولد الشاعر الاستاذ محمد علي السنوسي عام 1343 هـ بمدينة جازان بجنوب المملكة العربية السعودية وقد درس في مدرستين أهليتين ثم تابع علومه فدرس مبادئ النحو والصرف والبلاغة على يد والده القاضي العلامة الشاعر الشيخ علي بن محمد السنوسي وعلى يد العلامة عقيل بن احمد حنين ثم عكف على مكتبة أبيه وقرأ كتب الأدب والتاريخ والشعر ثم تبحر في دراسته معتمدا على نفسه في كل فنون الفكر والأدب وقد نظم أول قصيدة له عام 1359 هـــ وقدم للمكتبة العربية خمسة دواوين شعرية هي :
– القلائد .
– والأغاريد .
– والأزاهير .
– والينابيع .
– ونفحات الجنوب .
وقد قام نادي جازان الأدبي في حياة الشاعر بنشرها في ديوان واحد عام 1403 هـ وكتاب نثري طبع في حياته أيضا بعنوان مع الشعراء وقد ترجمت بعض قصائده إلى اللغة الإيطالية ونشرتها مجلة الشعراء التي تصدر بروما كما انه قد شارك في العديد من المؤتمرات الأدبية مثل مؤتمر الأدباء بمكة المكرمة عام 1394 هــ ومؤتمر عكاظ بالرياض عام 1394 هــ واتحاد الأدباء في بغداد عام 1400 هــ وقد تم تكريمه بالميداليات التالية :
– ميدالية ذهبية من جامعة الملك عبد العزيز بجدة
– ميدالية ذهبية من وزارة الثقافة العراقية .
– ميدالية فضية من جامعة الملك عبد العزيز بجدة .
– درع ذهبي من وزارة البلديات .
عمل مديرا لجمارك جازان ثم رئيسا لبلديتها ثم مديرا لشركة الكهرباء ثم رئيسا لنادي جازان الأدبي من عام 1400 هـ إلى أن توفاه الله إلى رحمته في شهر شوال عام 1407 هـــ وكان عضوا بمجلس الإدارة في إمارة منطقة جازان وترك بعد وفاته أوراقا تضم مقالات وأحاديث طبع نادي جازان الأدبي جزءا منها بعنوان " من أحاديث السنوسي ، محمد بن علي "
السنوسي الإنسان :
نشأ نشأة كريمة وتلقى حفظ القرآن على يد الشيخ علي بن أحمد عيسى ، وبعدها أخذ مبادئ العربية وشيئا من الفقه على يد والده القاضي الشيخ علي بن محمد السنوسي ، ثم التحق بحلقة الشيخ عقيل بن أحمد عالم جازان في عصره ، ودرس هو والشاعر محمد بن أحمد العقيلي ومعهم عدد من الشباب في ذلك الوقت .
كان ذكيا تواقاً إلى المعرفة بشتى فروعها وفنونها فحصل في الوقت القصير على الشيء الكثير وبدا في قرض الشعر مبكرا . كان يحضر الصالونات الأدبية التي كانت تعقد في ذلك الحين خصوصا في منزل الشيخ عبده علاقي رئيس بلدية جازان في ذلك الحين .

السنوسي الشاعر:
السنوسي الشاعر كما يقال ملئ برديه وهو كالجواد السبوق لا يرضى من القول بأهونه ، وكثيراً ما يهذب شعره إذا استدعى الأمر ولو بعد أن يعرضه على من هو قريب منه .، وكان ـ يرحمه الله ـ يرى الشعر كلام خالد وأدب رفيع لا يمكن التساهل في إنشائه .
و للسنوسي دواوين شعرية عدة منها ما ذكرناه سابقاً في التعريف به ، وقد جمعها في مجمعته المعروفة ( الأعمال الكاملة للسنوسي ) بحيث احتوت على شعر رصين قوي .
علما أنه قد نشر كثيراً من أعماله في كل من :
– مجلة المنهل السعودية .
– مجلة الأديب اللبنانية .
– مجلة الحج السعودية .
– مجلة الهلال المصرية .
– مجلة روما ( الإيطالية ) التي تصدر في روما .
أيضاً صدر له كتاب ( مع الشعراء) دراسات وخواطر أدبية . والسنوسي رحمه الله من الشعراء الذين حضروا مؤتمر المربد بالعراق وكرموا من وزارة الثقافة العراقية بميدالية ( المتنبي ) وهو من الرواد الذين كرموا بمؤتمر مكة .
كان شعر السنوسي محل دراسات كثيرة وكتبت عنه العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة .

أمامك دنيا

أمامكَ دنيا تُرهقُ القلبَ والعقلا فيا خاطري رفقاً ويا ناظري مهلا
تحيَّرَ فيها المصلحون وأَعجزتْ نُهى الفيلسوفِ الفذِّ والشاعرَ الفحلا
(طلاسمُ) تعيي الفكر فهماً فينحني خضوعاً لها مهما تكبَّرَ واستعلى
يعيش بها الإنسانُ طفلاً وإن بدا لعينيه كهلاً ثم يتركها طفلا
تصدُّ بلا ذنبٍ وتدنو بلا هوى فلا صدّها صداً ولا وصلها وصلا
فدعْ عنك أوهام الحياة فإنها تضن وتعطي لا سخاءً ولا بخلا
تعوَّدتُ منها حربها وسلامها ومارستُ من أخلاقها الجد والهزلا
فلم يُطغني نُجْحٌ ولا هدَّني أسى وما نقضتْ كفي نسيجاً ولا غزلا
جَرَتْ وجرينا وانتهينا ولم تزلْ تُسابق في غلوائها الصقر والوعلا
مشينا دجاها والضحى في عيوننا وجُزنا ضحاها والدجى يغمر العقلا
فدعها كما شاءت تدير أمورها (فما كفها حلماً ولا بطشها جهلا)
رآها (المعري) فازدراها ترفعاً وزهداً وألقى فوق غاربها الحبلا
وغرّ (النواسي) سحرها وجمالها فعبَّ ولم يترك بأقداحه فضلا
وكان كلا (الفكرين) فرْعيْ حقيقةٍ بكى ذاك شؤماً حين قهقهَ ذا فألا
ولستُ بذا .. أو ذاك لكنني أرى من الخير أن أحيا بها وسطاً عدلا
فمالك يا قلبي تثيرُ خواطراً بلينا بها فحصاً وبحثاً ولم تبلى
تكلفني ما لا أطيق وتشتهي رغائب .. قلبي من غلاوتها أغلى
حياتكَ أنْ تلقي الحياة .. بهمة تخوض الخضم العد والثمد الضحلا
وتبسمَ في وجه الزمان إذا قسا وتمشي ولو كان الثرى زلقاً وَحْلا
وإن كان شوكٌ في الطريق إلى العلا وحاولت أن تجتازه فالبس النعلا
فأنكد ما يلقاه فكرٌ مهذبٌ غباءٌ قويٌّ يحقر الفكر والفضلا
وأسعد ما تلقاه نفسٌ من المنى رضىً باسمٌ يستعذب الشمس والظلا
على أنني منها على قمة الرجا أراها بعين تركب الصعب والسهلا
فدع لِـيدِ الأيام غربلة القذى فإن لها كفاً تغربلها .. نخلا
ولذ بحمى الإيمان وارضَ بما قضى به الله ، واعلم أن حكمته أعلى
فللدين فضل في الحياة لأنها بغير الهدى تغدو جحيماً به نُصلى
وثق أنّ من أعطى الحياة جمالها وأقواتها لم يهمل الدود والنملا

رمضــان

رمضانُ يا شهر الضياءِ الحرِّ من أسر الظلامْ
أَطلقْ بأضواء الهدى أَسْرَ النفوس من الحطامْ
وأَنِرْ بقدسيِّ الصفاءِ رؤى الحياة من القتامْ
وانضحْ عواطفنا تقىً واغمُرْ نوازعنا وئامْ
رمضان يا أملَ النفوسِ الظامئاتِ إلى السلامْ
يا شهرُ بل يا نهرُ ينهلُ من عذوبتهِ الأنامْ
طافتْ بك الأرواحُ سابحةً كأسراب الحمامْ
بِيضٌ يجلّلها التقى نوراً ويصقلها الصيامْ
رفافةٌ كشذى الزهورِ نقيةٌ كندى الغمامْ
شفافةُ الإحساسِ قانتةٌ مهذبةُ الكلامْ
عزّتْ على الأهواء وارتفعت على دنيا الرغامْ
وسمتْ إلى النور الذي غمرَ الوجود به ابتسامْ
نورٌ من الفرقان يرفعها إلى أسمى مقامْ
آياته تُشفي السقام ولفظهُ يطفي الأُوَامْ
رمضانُ ! معذرة فإني لا وراء ولا أمامْ
نمنا وأسرى المدلجون وما عسى يجِدُ النيامْ
طال الطريق بنا وضلّ وهدّ منكبنا الزحامْ
ولوى الطموح عنانه وانقدّ من يدنا الزمامْ
سخِرتْ بنا الأهواء وانطلقت تقهقهُ في عرامْ
وتخاذلت همم النفوسِ فلا انطلاق ولا اقتحامْ
حالٌ يغصّ بها الكرام شجىً ويبتهج اللئامْ
رمضانُ رُبَّ فمٍ تمنَّعَ عن شراب أو طعامْ
ظنّ الصيامَ عن الغذاء هو الحقيقةُ في الصيامْ
وهوى على الأعراض ينهشها ويقطعُ كالحسامْ
يا ليتهُ إذا صامَ صامَ عن النمائم والحرامْ
واستاكَ إذ يستاكُ من كذبٍ وزورٍ واجْترامْ
وعن القيامِ لو أنه فيما يحاوله استقامْ
رمضانُ ! نجوى مخلصٍ للمسلمين وللسلامْ
تسمو بها الصلوات والدعوات تضطرم اضطرامْ
الله جل جلاله ذي البرّ والمننِ الجسامْ
أن يُلهم اللهُ الهداةَ الرشدَ في كل اعتزامْ

عودة إلى الطبيعة

قريتي قريتي الوديعةُ يا عشّ فؤادي ويا مقرّ جناحي
طبعَ الله حبك العذب في قلبي ولم يمحهِ سوى الله ماحي
يا ربىً لج بي هواها فما ينفكّ نشوان من هوىً ملحاحِ
كم ترشّفت من جمال لياليك فتوناً من الصبا والمراحِ
وتنشّقت من جلال مجاليك فتوناً من الشذى الفواحِ
في الدجى والنجوم تغزلُ أحلام العذارى على صدور البطاحِ
والضحى والغيوم ترسم في الوادي ظلالاً نديةَ الأدواحِ
والنسيم النشوانُ يحتضن الزهرَ رقيقاً كطيبةِ الفلاحِ
الذي قلبه أرقُّ من الطلِّ وأصفى من الزلال القراحِ
والذي يزرع الحقول بذوراً وزهوراً بهمة وكفاحِ
والذي يملأ القلوب شعوراً بجمال الطبيعة الممراحِ
والذي يغرس النواة بكفٍّ طبعت من بسالة وسماحِ
والذي إن أضافَ أخجلَ حتى يحسب الضيف أنه غير صاحِ
والذي إن أخاف أَوْجلَ حتى لتراه كالمارد السفاحِ
قريتي قريتي الوديعة يا عش فؤادي ويا مقر جناحي
كلما ضمني دجاكِ ورقّتْ نفحاتُ الصبا على الأدواحِ
وانتشى الكون بالعبير وراح السيلُ يختال في السهول الفساحِ
يغمر الأرض بالنعيم غزيراً ويهز القلوب بالأفراحِ
نَعِمَتْ روحيَ الكئيبة بالصفو وصحّت من الأسى والجراحِ
ربَّ كوخٍ يضمّ زوجين كالطفلين طُهراً ورقةً كالأقداحِ
يملآن الحياة شدواً ويختالانِ زهواً في غبطةٍ وارتياحِ
ويعيشان في هدوءٍ بريءٍ من فُضولِ الغنى وكدّ الشّحاحِ
نَعِما بالحياة في ظلِّ عيشٍ أخضرٍ من قناعةٍ وانشراحِ
فيلسوفان ينظران إلى الدنيا كما تنظر الذرى للرياحِ
يتمنى عيشيهما صاحبُ القصر المعلى وذو الظُّبى والرماحِ

جبل فيفاء

(متحفٌ) من أشعةٍ وظلالِ في إطارٍ من نضرةٍ واخضلالِ
سابحٌ في الفضاء يغمرهُ النور بفيضٍ من السنا والجلالِ
يتحدى الذرى ويخترق السحبَ ويزهو في عزة واختيالِ
صنعةُ المبدعِ المصورِ جل الله ربي ربُّ العلى والكمالِ
(جبلٌ) تعشق النجوم مجاليه وتصبو إلى ذراهُ العوالي
يزحم النيراتِ منكبه الضخم ويحتكُّ بالسهى والهلالِ
مشرئب إلى السماء برأسٍ صلفٍ في شموخه متعالِ
أخضرُ السفح أزهرُ السطح مصقولُ الحواشي زاهي الربى والتلالِ
زراهُ ساكن (الألمب) (أبولو) رائداً ينشد الجمال المثالي
فإذا (منجمٌ) من الحسن فياضٌ وكنز من كل حال وغالِ
مسرح الشعر والبيان ومسرى لمحة الفكر وانطلاق الخيالِ
حيث عاشت أرواحنا وأمانينا حياةً موصولة بالمعالي
ونعمنا ولا نزال بدنيا من فتونٍ وعالم من جمالِ
وسكبنا على الوجود غناًء صافي النبع كوثري الزلالِ
يا لتلك الذرى الموشاة بالزهر نضيراً وبالثمار حوالِ
ولتلك الربى يرف شذاها بعبير الصبا ونفح الشمالِ
ولذاك السحاب والماء يجري من خلال الصخور جرى الصلالِ
والوجوه الصباح والمقل النشوى بسكر الصبا وسحر الدلالِ
والرياض المنسقات صفوفاً في علالٍ كأنهن لآلِ
سَحَرٌ كله ، نهاراً وليلاً يا لأيامه ويا لليالي
عالمٌ من لطافة وبهاء وهواء من رقة واعتدالِ
ورؤى من مشاهد الفن والحسن تجلّت في صفحة من جبالِ
دون إدراكها شعافٌ وصخرٌ خطرُ المرتقى بعيد المنالِ
شاقني ذلك السموّ ولي قلبٌ وَلوعٌ بكل سامٍ وعالِ
كَلِفٌ بالسموّ أني تجلى شامخاً في الجبالِ أو في الرجالِ
فتَصَعَّدته ويمّمتُ وجهي شطره في تقدم ونضالِ
وركبت الصعاب وانتصر (الشوق) بقلبي على الونى والكلالِ
ذاك دأبي ودأب قومي مدى الدهر صراع الردى وقهر المجالِ

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.