ينبغي استغلال القدرة الفطرية الهائلة التي وهبها الله ـ عز وجل ـ للطفل لاكتساب اللغات عند الأطفال قبل سن السادسة وإكسابهم اللغة العربية الفصحى.
لقد كشف بعض علماء اللغة النفسيون منذ مدة أن الطفل له قدرةٌ هائلةٌ على اكتساب اللغات، وأنها تمكنه من كشف القواعد اللغوية كشفًا إبداعيًّا ذاتيًّا، وتطبيقها، ومن ثمَّ إتقان لغتين أو ثلاث لغات في آنٍ واحدٍ.
والعجيب أن الطفل في هذه المرحلة يعمّم القواعد بعد كشفها حتى على الكلمات التي لا تنطبق عليها ثم يصحّح هذا التعميم الخاطئ.
وقد كشف أحدهم أن هذه القدرة سرعان ما تختفي بعد سن السادسة، وتنتقل إلى تعلم المعرفة، ولذلك يمكن القول: إن مرحلة ما قبل السادسة مخصصة لاكتساب اللغات، وإن مرحلة ما بعد السادسة مخصصة لاكتساب المعرفة.
ويمكن القول بأن هناك طريقتين لتحصيل اللغة:
الأولى: قبل السادسة من العمر، ولا تحتاج إلى جهد في ذلك، وتسمى (اللغة الأم).
والثانية: تبدأ بعد السادسة من العمر، وتحتاج إلى تدريب وجهد.
ـ بعد دخول الطفل إلى المدرسة:
يدخل الطفل إلى المدرسة وقد أتقن العامية (اللغة الأم) قبل السادسة، لكنه يفاجأ بأن لغة المعرفة ليست اللغة التي أتقنها قبل السادسة!!
وإذا نظرنا إلى الطفل في المجتمعات الغربية نجده أتقن (اللغة الأم) قبل السادسة، والمعرفة بعدها، لأن لغة المعرفة هي نفسها التي أتقنها في الصغر.
والأمر الذي زاد الطين بلة: أن الطفل في سن الدراسة أصبح يصغي لمعلمه وهو يشرح له الدرس باللغة العامية!! وهذا في الغالب عجز من المعلم، وعدم قدرته على إفهام الطلاب باللغة العربية؛ فتراه يلجأ إلى العامية.
فيبقى الطفل المتمدرس ـ كما يقولون ـ يتخبط بين أحضان العامية، ومع ذلك يجب عليه أن يؤدي الواجبات المدرسية باللغة العربية!! ويجيب في الامتحانات بها!!
وقد نتج عنها بعض السلبيات:
ـ يجد التلميذ صعوبة في فهم درسه؛ لأنه بالعامية، والواجب عليه هو العربية! فيلجأ إلى أخذ دروس خاصة! وهذا يثقل كاهل الوالد طبعا.
ـ لا يستطيع التلميذ التعبير عن درسه في الامتحان بالعربية, فيلجأ إلى الحفظ، مع أن تلك المواد لا تحتاج إلى حفظ كهذا، وإنما تركز على الفهم.
ـ وهذا ما يجعل حفظه يتبخر بعد الامتحان؛ فلا ينتفع التلميذ أبدا بعد تخرجه.
ـ يصبح التلميذ يبغض المطالعة باللغة العربية، بل تصبح (كابوسا) لديه، وخاصة (الإعراب).
ـ تجربة:
أقام أحد المختصين تجربة على مولود جديد؛ فكان يخاطبه بالعربية الفصحى لمدة، فكانت هذه النتائج:
ـ أربعة أشهر: المعلم يخاطبه باللغة العربية الفصحى، وأمه تخاطبه بالعامية.
ـ عشرة أشهر: بدأ الطفل بفهم العربية الفصحى، وعندما نطق خاطب أمه بالعامية، ومعلمه بالفصحى.
ـ ثلاث سنوات: أصبح قادرًا على التواصل بالفصحى دون خطأ.
ولقد جرب بعض دور الحضانة هذه التجربة فكانت ناجحة، وأنا أعرف شخصيا من نجح في تربية أولاده على التكلم بالعربية الفصحى في البيت والخارج.
قال أبو عبد الله: أخذت فكرة الموضوع، وشيئا منه من مقال أحد الدكاترة.