تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أفلا شققتَ عن قلبِه ؟ ! كلمات من القلب

أفلا شققتَ عن قلبِه ؟ ! كلمات من القلب 2024.

وحمل أُسامةُ – رضيَ اللهُ عنهُ – رمحهُ .. ومضَى ..
ورأى ذلكَ الرّجلُ هُناك ..
فرفَع الرمح صَلتاً يلوحُ حَدّهُ لناظِرِه ! وانطلقَتْ الكلماتُ منْ فَمِ الرّجلِ أسرعُ منَ الرمح ..
[ لا إلهَ إلا اللهُ ]

ولكِنْ !

عاجَلَهُ أُسامَة – رضيَ اللهُ عنهُ – بعدهَا بالرمح .. وقتلَه ..

وعادَ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم .. وأخبَرَه ..
قالَ :
[ يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ : لاََ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قُلْتُ كَانَ مُتَعَوِّذًا فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. ( البخاري)
وفي رواية :
( قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ. قَالَ « أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ ». فَمَازَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَىَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ ) رواه مسلم

وهُنا الردُّ كانَ قاطعاً .. وعنيفاً ..

لأنّ الحُكمُ أتَى على أمرٍ لم يكنْ في يدِه ..

فالقلوبُ بيدِ الله وحدهُ .. ولا يعلمُ مافي القُلوبِ إلا الله ..

رُغمَ أنّ أُسامَة رضي اللهُ عنهُ كانَ حِبُّ الرَّسولِ صلّى الله عليهِ وسلّم وابنُ حِبّه ..

ومع ذلكَ لمْ يكُن لهُ أنْ يحكُمَ على قَلبِ أحد !

ونقِفُ هُنا وقفةٌ .. لقدْ مرّت علينَا مواقفٌ مُشابِهة ..

رُبّما أسأنَا الظّنّ بأحدٍ وحكمنَا على نِيّتِهِ وقلبِه ..

– أنا متأكّدة أنّ قصدها كذا وكذا !

– هي تقول شيء وقصدها شيء آخر !
– أعرف أن نيّتها كذا ، لكنّها لن تظهر هذه النيّة

وهذِهِ كَارِثةٌ لوحدِهَا تحتاجُ لتمحِيصٍ : أفَلا شَقَقّتَ عن قلبِه ؟!

وفي المُقابِل .. هُناكَ ماهُو شبيهٌ بهذَا ..

الحُكمُ على القُلوبِ والدّواخِل .. ولكن ! تزكيةً لها !!

وهُنا أصِلُ معكم للوقفاتِ المُرادةِ من هَذا المَوضُوع ..

= الوقفَةُ الأُولى
ألمْ يقُل اللهُ ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ ) ؟!
ومعْ ذلِك كَم مرّ علينا من المَواقِفِ التّي أثنينا فيها على أنفسِنَا خَيراً ..
ووصفنَا أنفسِنا بأُمورٍ فيهَا تزكِية .. فنقُول :
– أنَا لا أحسِد ..

– أنا لا أحقِد ..

– أنا مُؤمِنَة ..

– أنا صَافِيةُ القلب ..

إلخ ..

أليسَ هذا يُعتَبِر تَزكِيةً لنُفُوسِنا وقُلوبِنا ؟!

وتزكِيتِنا هُنا تناقضُ الآية

( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ )

ورُغمَ أنّ قلوبنا هي مُضغةٌ منّا ..

ومع ذلك فَما نجهَلُهُ عنهَا أكثر ممّا نعرِفُهُ ..

فأمراضُ قلوبِنَا وخبايَاهُ لا يعلمُها إلا الله وحدهُ سُبحانَه

وأذكُر هُنا قصّةً سريعةً ليُفهَمَ ما أقصِدُه ..

= فتاةٌ عاشَت في بيتِ أهلِها وهيَ تعتقِدُ أنّها لاتحمِلُ حقدَاً أو حسَداً في قلبِها ..

ثُمّ تتزوَجُ وتحتَكُّ بأهلِ زوجِها وتكتَشِفُ فيهِم الحقْدَ والحَسَد ..

وتمرُّ الأيام .. فتُلاحظُ أنّ في نفسها هذا المرض !!
فهل يعنَي هذَا أنّها اكتسَبتْ هذَا المرضَ منهُم ؟
لا .. ولكنّهُ مرضٌ مُستوطِنٌ فِي داخِلِ قلبِها ..
ثُمّ منْ رحمةِ اللهِ بهَا أن وضعَهَا فِي ظُروفٍ ليُخرِجَ مافِي قلبِهَا منْ أمراضٍ ..
لتعمَلَ جاهدةً على إصلاحِهَا بعونِ الله ..
وهكذَا القلوبُ .. فِيهَا مافِيها !!
واللهُ يكشِفُ لنا مافِيهَا من أمراضٍ لنعملَ على إصلاحِها بعونِهِ سُبحانَه ..

لنَصلُحَ لمجاورةِ ربّنا فِي الجنّة
وإلّا .. فكيف نُجاورهُ في جنّته بقلوبٍ مريضةٍ سقيمة ؟!

= الوقفة الثانية : وإذاً .. إنْ كانتْ قُلوبُنا وهيَ قِطعةٌ منّا لانستطيعُ أن نحكُمَ عليهَا ..

فيأتِي السُّؤالُ الأهمُّ : كيفَ أحكُمُ على قُلوبِ منْ حولِي صفاءً ونقاءً وطُهراً وأنا لا أستطيع أن أحكُمَ على قلبِي ؟!

وقدْ يكونُ منهُم منْ نعيشُ معهُم ونحتَكُّ بهِم ..

أو أخواتٌ لنا هٌنا لانعلَمُ عنهُم إلا سُطُورٌ قد كتبُوها ..
وأحرُفٌ قدْ سطّرُوهَا .. أومشاعرٌ قد سكبُوها !!
أو مواقفٌ وقفوا فِيها معنا دعاءً ومساندةً ..
وليسَ القصدُ التّقليلُ من أهميةِ الأُخوّة هُنا ..
أو تقليلُ ما تُقدّمُه الأخواتُ هُنا لبعضهِنّ .. لا .. حاشَ وكلّا ..

وأسألُ اللهَ أن يكتبَ للجميعِ الأجرَ والثّواب ..
ولكنّ ما أتحدّثُ عنهُ شَيءٌ آخر ..

فكَمَا أنّنا لانستطيعُ أن نتّهِم أحدَاً ..

فكذلِكَ لانستطيعُ أن نُزكِي أحدَاً !!


مقصُودِي منْ كُلّ ماقُلتُه .. هُو ..

أنّنا كثِيراً مانقُولُ لأخَواتِنا كَلماتٍ نصِفُ فيهَا دواخِلَ النّفوس..

وما احتَوتهُ القُلوبُ .. ومَا ازدانتْ بهِ الأرواح ..


فنقُولُ مثلاً ..

– طيّبةَ الرّوح .. – نقِيّةَ الفُؤاد ..

– طاهِرةَ القلبِ .. – صَافِية السّريرَة ..

– نقِيّة .. – تقيّة .. – طيّبة ..

– طاهِرة .. – صَافِية .. – مُؤمِنَة .. إلخ ..

وغيرها مِن كَلماتٍ لادليلَ لنا عليهَا إلا السُّطُور ..

ونحكُمُ على باطِنٍ منْ خلالِ شَيءٍ فِي الظّاهِر !


رُبّما يعتَرضُ على كَلامِي هُنا الكثِير .. ولكنِّي أحببتُ أنْ أذكُرَ هذا الأمرَ لأسبَاب ..


= الأول : أنّها شهادةٌ سنُسألُ عنهَا .. فكيفَ نشهَدُ على أحَدٍ بلا دلِيل ؟!

= الثّانِي : أنّهَا انتشرَتْ وتفَاقمَتْ وقدْ تهَاونَ الأخَواتُ فِي استِخدَامِها ..

وكَأنّهَا أُمُورٌ مُسَلّمَةٌ لانُقَاشَ فِيها !

= الثّالِث : أنّ هذِهِ التّزكية تُعتبرُ قَطعٌ للأعنَاق !

ولو أردنَا أنْ نُثنِي ونمدَحُ .. فَلا أقلُّ منَ أن نُضِيف :

نَحسبُها كذلِك ولا نُزَكّيهَا على الله ..

أحسَبُها كذلِك واللهُ حسِيبُها ..

كما جاءَ في الحدِيث : أثنَى رجلٌ على رَجلٍ عندَ النّبِيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ،

فقال : ( ويلَكَ ، قطعتَ عُنقَ صَاحِبكَ ، قطَعتَ عُنقَ صَاحبك ) .. مِرارَاً

ثُمّ قال : ( مَنْ كانَ مِنكُم مادِحَاً أخَاهُ لا محَالَة ، فليَقُلْ : أحسَبُ فُلاناً ، واللهُ حسِيبُه ،

ولا أُزكِي علَى اللهِ أحداً ، أحسَبُهُ كَذا وكَذا ، إنْ كانَ يعلَمُ ذلكَ مِنهُ ) البخاري



غَالياتِــي : القَضِيّة أخَطَرُ منْ مجرّدِ كلِماتٍ نقولُها ..


فهذِه شهَاداتٌ نوقِّعُها بأيدِينَا .. ولادليلَ لدينَا إلا الكلمَاتِ والسّطُور ..

فهلْ لدينَا استعدَادٌ أن نُقابلَ اللهَ بشهَاداتِنا هذِه ؟!

وكمَا نُحاسَبُ على سُوءِ الظّنِّ بغيرِ دلِيلٍ .. فكذلكَ سَنُسأَلُ عنْ شهاداتٍ بغيرِ عِلمٍ يَقِينِي ؟

ونخشى أنّنا بهذا نتألّى على الله – والعياذُ بالله –
ونتقوّلَ عليه بلا علم !



وأودّ أنْ أُضيفَ كلمةً أخيرَةً هُنا ..

فأنا لم أُسَطّرَ هذهِ الكلمات إلا خوفاً على أحبّةٍ لِي كخوفِي على نفسِي ..


وهيَ كلماتٌ صُغتُها مِنْ قلبٍ مُحِبٍّ لكُنّ فِي الله ..

قلبٌ يٌحبُّ لكنَّ مايُحِبُّ لنفسِهِ بإذنِ الله ..

وأنا صِدقَاً لمْ أقصُدَ أحدَاً بعينِهِ بِهذِهِ الكَلمات ..

ولكنّها وقفةٌ نحتَاجُ لمُراجعَتِها معَ أنفُسِنا

ورُبّما نستَاءُ من أنفُسِنَا بعدَ هذِهِ الكَلمَات ..

لأنّنا قدْ نكونُ وقعنَا فِي هَذا الأمر بجهلٍ وبغيرِ قصدٍ منّا ..

فنتساءَلُ كيفَ لنَا أن نُصلِحَ ماخَطّتهُ أيدينا مُنذُ سنواتٍ هُنا أو فِي أيّ مَكانٍ آخر ؟!

ولكن لنَكُن على ثِقَةٍ أنّنا إنْ صدقنا مع الله وتُبنَا إليه ولزمنَا الإستغَفار ..

أتانَا الفَرجُ منْ عندِهِ وبفضلِهِ ونراهُ فِي آية ( سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ )

أنّهُ يغفِرُ ماقدْ مضَى .. ويُصلِحُ ماهُو آتٍ بإذنِهِ سُبحَانَه ..

وأعتَذرُ للجَمِيعِ عنْ صرَاحتِي التّي رُبّما قدْ يعتبِرُهَا البعضُ جَارحَة ..

ولكنّ الحَقُّ أحَقّ أنْ يُتّبَع


(اللهِ آعلَم)

منقول وتمنياتى لكم بالتوفيق

جزاك الله خيرا على الموضوع
وأثابك الجنة

جزاك الله خيرا
وأثابك الجنة
أرجو قبول التعديل على الموضوع وجمع فقرات الموضوع

موضوع رائع
أحسنت وتقبل الله منك وجعله في ميزان حسناتك
ولكم بالمثل
شكرا ع المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.