تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » بناء النشيء الجديد

بناء النشيء الجديد 2024.

ان الاهتمام بتربية ذرية صالحة، يعد من أفضل و أضمن صور الاستثمار، لو اراد الانسان ان يفكر بمنطق استثماري! .. فان من ابهج عناصر الدنيا ان يرى الانسان ثمرة وجوده واثر تربيته، يمشي أمامه على وجه الارض، عامراً للبلاد و! مصلحاً للعباد. وخاصة عندما يقترب من نهايته، فيرى ان دوره على وشك الانتهاء فى الحياة الدنيا، لتبدأ ذريته بدور جديد من الحركة التكاملية، والتى تعود اثارها اليه وهو فى القبر، حيث يتنظر ادنى رصيد يرجح كفة حسناته، حيث انقطع العمل وبدأ الحساب.

القرآن الكريم عندما يعبر عن طلب الأنبياء وغيرهم للذرية الصالحة فانه يعبر بلفظ (الهبة)، ومعنى ذلك ان الانسان لا يطلب من الله تعالى هذه العطية الكبرى باستحقاقه، وانما يريد من الله تعالى ان يتفضل عليه بذلك. فانه مهما بالغ في التربية فانه لا يحقق امانيه بسعيه، فان خيوط الامر كثيرا ما تخرج عن يده!! .. وياترى كم من الفضل العظيم توجه الى ابراهيم بمثل اسماعيل، والى زكريا بمثل يحيى، والى مريم بمثل المسيح عليهم السلام .. وكم من المناسب ان يدعو احدنا بإلحاح ان يمن عليه بمن يصلح به المسلمون فى مستقبل هذا الزمان، حيث عز النصير لهذا الدين الذي عاد غريبا ك! ما بدأ غريبا.

ان ولي الامر فى الاسرة شاء ام أبى يعد رأس الهرم التربوي، الذى بفساده تفسد القاعدة .. فان الولد لا يرى في سنوات تربيته الأولى مربيا سوى والديه. وعليه فليس من الرياء أبداً ان يظهر الأبوان شيئا من طاعاتهما تشجيعا له، وان يخفيا معاصيهما لئلا يسقطا من عينه، وخاصة اذا لم يكن يتوقع منهما الولد ذلك .. و من المؤسف حقا ان الولد عندما يكبر ويعود الى رشده، فانه يحس في أعماق وجوده حالة من الكره لهما، بحيث يجره الى العقوق جرا، لما يعيشه فى باطنه من الاحتقار لهما، و ذلك اذا كانا سببا في افساده.

ان من الاخطاء التربوية الشائعة هو اكثار الوالدين من! لنهى والزجر الى درجة تبرم الولد، وبالتالي الميل الى التمرد على الاوامر، والحال انه لا بد من تقديم البديل الصالح عند كل نهي .. فالشاب الذي يعيش الفراغ الروحي والفكري، فانه يتوجه الى كل ما يملأ ذلك الفراغ، فلا بد من إشباع وقته بما يصلح به امره .. والشاب الذي يأنس مع رفقه السوء، لابد من اقتراح من يسد أنسه من الصالحين .. والبالغ الرشيد الذي تدفعه الغريزة الى ارتكاب السوء، لا بد من السعي لتحصين نصف دينه، والا اشترك الابوان في وزره كما يفهم من بعض الروايات.

ان من موجبات افساد الاولاد: اختلاف الابوين فى نمط التربية، اذ ان من الخطأ الفادح ان يتقمص احد الابوين دور الشفيق المدلل، والاخر دور الحازم القاطع. فان الولد يميل بطبعه الى الاول، وبالتالي تتحقق فى صغره حالة من الجفوة تجاه الثاني .. ولا بد من الالتفات هنا الى ضرورة التوسط بين حالتى: الدلال والحزم، فلكل من الاسلوبين حسناته وسلبياته، ولكل عمر طبيعته الخاصة به، ولا بد من التفريق بين الخطأ الذي لا يصل الى حد الحرام فيكفي فيه الارشاد، وبين الخطأ الذي يساوي المنكر فلا بد فيه من الوقوف بحزم وقوة، والا ذابت هيبة الحرام في نفس الناشىء، ليتدرج من صغيرة الى كبيرة، ومن كبيرة الى موبقة.

اذا اردنا ان نفترض ضرة للابوين، فان من يمكن ان يكون كذلك هم أصدقاء الولد، فان تقارب السن، واشتراك الاهتمامات، واتحاد الدوافع الغريزية، وتهييج وسائل الاعلام المفسدة: كل ذلك من العوامل التي تسوق! لولد سوقا الى اتخاذ بطانة سوء، بهم تذهب أتعاب سنوات من التربية أدراج الرياح .. ومن الغريب حقا ان يجنب الابوان كل ما فيه اضرار بصحته الظاهرية، بل البعض يبالغ في الاهتمام ببشرة الولد مثلا، والحال انهما يتركانه لينقش صديق السوء، ومظاهر الافساد في الشارع: كل مفردات الافساد في نفسه .. ولو كشف الغطاء للعبد لتمنى حرمانه من ذرية، تكون سببا للتعاسة في الدنيا، والشقاء في الآخرة.

ان من المناسب ان يذكر رب الاسرة نفسه، بان ماله و ثمره كده وجهده في سنوات طويلة، سيصب اخيرا في حساب ولده، وخاصة اذا كان هذا المال نتيجة صرف سنوات من ريعان شبابه في اشق المهن كالغوص في البحار، بحثا عن لقمة العيش!! .. أو ليس من المنطق ان يفكر الانسان تفكيرا منطقيا فيمن سيستلم ثمار سنوات الكدح! .. وذلك في ليلة واحدة: أي ليلة موته لينتقل الى عالم مجهول موحش. والحال ان الولد قد يعيش بتلك الثروة نفسها منتقلا من لذة الى أخرى، ناسيا ان أباه المسكين، يستصرخه في إهدائه حسنة واحدة من عرق جبينه، لينقذه من عذاب اليم.

ان من الملفت حقا ان يكون إنبات بذرة الى مرحلة الاثمار، محتاجا الى علم وتخصص في سنوات بما يعرف بالهندسة الزراعية، ليتم التعرف على شيء من أسرار عالم النبات، والذي لايعد شيئا امام تعقيدات النفس الانسانية .. افلا تستحق تربية من هو بمثابة الجزء الذي لا ينفك من الإنسان، الى دراسة وبحث ولو على مستوى العموميات؟!.. ولماذا لا نحاول وخاصة الطبقة المثقفة ان يكون لنا رصيد يعتد به في هذا المجال، إذ كيف يمكن تحقيق التربية النموذجية، من دون علم بأدنى قواعد هذا العلم، الذي يتناول أعز شيء في عالم الوجود، الا وهي النفس التي بين الجنبات.

منقول

اخي الفاضل Doodi
اشكرك عالموضوع الهادف
كثير من الناس تنعكس جميع خلافاتهم الزوجية لحياة الطفل
فالطفل يحفظ مايراه ولا ينساه ابدا 000000000000

أخي أبوحسين
أشكر لك مرورك الرائع وكلماتك التي تزين الموضوع وتجمله
حقيقة أن أبعاد الأطفال عن خلافات الأباء يريحهم ويجعل
تربيتهم تربية سليمة خالية من أي منغصات أو مشاكل نفسية
لك أخي مني الأحترام والتقدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.