يواصل مئات الآلاف من المتظاهرين المصريين بالاحتشاد في الشوارع المؤدية الى مركز العاصمة المصرية القاهرة احتجاجا وغضبا على اصرار الرئيس حسني مبارك التشبث بالسلطة، على الرغم من تفويضه نائبه عمرسليمان صلاحياته بموجب الدستور.
والى جانب الحشود الضخمة الموجودة في ميدان التحرير ومحيطه، تجمع عدة آلاف في نطاق مبنى التلفزيون، والقصر الرئاسي الذي تحميه وحدات من مدرعات ودبابات الجيش.
ويقول محلل في بي بي سي ان هناك احتمالات جديدة بوقوع مواجهات بين المحتجين والجيش.
وقال مصدر حكومي بارز لـ بي بي سي ان الرئيس المصري واسرته قد غادروا القاهرة الى منتجع شرم الشيخ بشبه جزيرة سيناء على البحر الاحمر.
كما انطلقت تظاهرات أخرى عقب صلاة الجمعة من عشرات المساجد في محافظات الأسكندرية والدقهلية وأسيوط والسويس وبورسعيد والغربية والبحيرة، فيما أطلق عليه المتظاهرون جمعة التحدي.
بيان الجيش
وكان البيان الثاني للمجلس العسكري الاعلى في مصر قد اكد ان الجيش سيضمن "انهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية، والفصل في الطعون الانتخابية، وما يلي بشأنها من اجراءات، واجراء التعديلات التشريعية اللازمة، واجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، في ضوء ما تقرر من تعديلات دستورية".
واضاف البيان ان القوات المسلحة "تلتزم برعاية مطالب الشعب المشروعة، والسعي لتحقيقها من خلال متابعة هذه الاجراءات في التوقيتات المحددة بكل حدة وحزم، حتى تمام الانتقال السلمي للسلطة، وصولا للمجتمع الديمقراطي الحر الذي يتطلع اليه ابناء الشعب".
وقال البيان ان القوات المسلحة المصرية "تؤكد على عدم الملاحقة الامنية للشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالاصلاح، وتحذر بعدم المساس بأمن الوطن والمواطنين، كما تؤكد على ضرورة انتظام العمل بمرافق الدولة وعودة الحياة الطبيعية، حفاظا على مصالح وممتلكات شعبنا العظيم".
واعتبر مراقبون محليون ودوليون ان بيان الجيش المصري اظهر انه رمي بثقله لصالح بقاء الرئيس المصري رئيسا حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في سبتمبر/ ايلول المقبل.
الا ان متظاهرين قالوا انهم صاروا اكثر عزما وتصميما على الاستمرار في احتجاجاتهم.
فقد قالت صافي مسعود، احدى المتظاهرات من ميدان التحرير: "كنا نتوقع قرار الجيش، كنا نعلم دائما انه وراء مبارك، لكننا نعلم ايضا انه لن يؤذينا، ولن نغادر الميدان حتى نختار رئيسا انتقاليا، نحن لا نريد سليمان".
ويتجمع حاليا حشد من المتظاهرين قرب قصر رئاسي، يعرف باسم قصر العروبة، في ضاحية مصر الجديدة شمال شرقي القاهرة، يهتفون ويرفعون شعارات بسقوط مبارك، ولم يحاول الجيش المحيط بالقصر منعهم او اخلاءهم.
كما تشير آخر التقارير الى تواصل التظاهرات والاحتجاجات الضخمة في معظم المدن والمحافظات المصرية.
وكان المجلس قد أصدر الخميس بيانه الاول الذي قال فيه ان المجلس بات "في حال انعقاد دائم لبحث ما يمكن اتخاذه من اجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات شعب مصر".
وقالت قناة التلفزيون المصري الفضائية ان نائب رئيس الجمهورية المفوض صلاحيات رئيس الجمهورية عمر سليمان طلب من رئيس مجلس الوزراء أحمد شفيق تعيين نائب له من لجنة الحكماء ليتولى شؤون الحوار الوطني.
"لا عودة لمبارك"
من جانبه قال حسام بدراوي الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر، في مقابلة مع بي بي سي، إنه من "غير المعقول وغير المنطقي" أن يعود الرئيس حسني مبارك للسلطة بعد أن فوض صلاحياته لنائبه عمر سليمان.
واضاف ان الإحباط الذي أصاب المصريين بعد الخطاب "نابع من الخلط بين أسلوب إلقاء الخطاب ومضمونه الذي يتضمن تلبية مطالب المتظاهرين"، حيث فوض مبارك سلطاته وأمر بتعديل الدستور.
وذكر بدراوي أنه يتفق مع جموع المتظاهرين على أن طريقة إلقاء الخطاب أوحت بأن الرئيس متمسك بالبقاء في منصبه، كما أن مبارك تحدث عن نفسه على نحو مطول في البيان.
وأشار بدراوي إلى أنه بموجب الدستور المصري فإن "تفويض سلطات الرئيس للنائب يتضمن كل سلطات الرئيس باستثاء أربع هي: سلطة تغيير الحكومة، وحل مجلس الشعب، وحل مجلس الشورى، وتعديل الدستور، ولذلك أمر مبارك بتعديل الدستور في بيانه قبل إعلانه تفويض سلطاته".
وأقر حسام بدراوي في المقابلة بأن الحزب الحاكم أصبح مرفوضاً شعبياً وقال: "إذا لم أستطع تغيير ذلك عن طريق إصلاح الحزب فسأعلن ذلك احتراماً لرأي الشعب المصري".
"تخبط وفوضى"
اما وزير المالية المصري سمير رضوان فقد قال ان احتمالات وقوع انقلاب عسكري في البلاد ستكون وخيمة على الشعب والاقتصاد.
من جانبه قال الناشط السياسي محمد البرادعي ان القيادة المصرية في "حالة تخبط كاملة"، وان الفئران بدأت تقفز من السفينة الغارقة، حسب وصفه.
وقالت السفارة المصرية في واشنطن ان التغييرات الاخيرة تعني عمليا ان نائب الرئيس عمر سليمان صار هو الرئيس بحكم الواقع.
ونقلت وكالة رويترز عن احمد علي شومان، الرائد في الجيش المصري الذي انضم الى المحتجين، ان هناك 15 ضابطا من رتب متوسطة التحقوا بالمحتجين.