وإذا كان الاعتكاف معناه الظاهري هو المكث
في المسجد زمنا لا يبرحه مع النية
فإن معناه الباطني أن يمكث القلب
مستأنسًا بربه لا يلتفت إلى غيره .
ما أحوجك يا قلب إلى ربك ومولاك !!
لطالما اعتكفت على الدنيا حتى كدت تهلك!!
اعتكفت على المال مفكرا في جمعه
وكنزه فتعبت وأتعبت وما حصلت ما تريد.
اعتكفت على الجاه متطلعا إليه
باذلا كل جهد للوصول إليه!
فكان ماذا ؟
فكان الذل والهوان إذ لم تحصله
أو كان الفخر والاستكبار إذانلت بغيتك.
اعتكفت على الشهوات ليلاً ونهارًا!!
فنظرت إلى ما اشتهيت ومن اشتهيت
وشربت ما اشتهيت, وأكلت ما اشتهيت,
وذهبت كما اشتهيت, وصاحبت من اشتهيت
ورجوت وتمنيت, وحلمت ورأيت
وخطوت وأتيت.ثم ماذا بعد يا قلب!
لقد جربت كل عكوف
وسلكت كل سبيل في الدنيا أتراك سعدت ؟!!
كلا !! ما أراك سعدت !!
بل ما جنيت إلا التيه والحيرة
والشقاء والذل والتعاسة والضنك !!!
اسمع يا قلب !!
أنا سأدلك على السعادة والسرور والأمل والعز والرشاد
والراحة والصفاء,على الحياة الحقيقية.
إنها مع الله
لا حياة للقلب إلا مع الله
لا سعادة حقيقية إلا مع الله
حسبك فقط أن تفعل كما كان
يفعل حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم
فادخل المسجد واترك الدنيا كلها
في الليالي العشر الأخيرة من رمضان
وعد نفسك كأنك لست من أهلها, ولازم باب
ربك وقم بين يديك واشك إليه وتذلل لديه
وأحضر قلبك وروحك وعقلك وفكرك وسمعك
وبصرك وكل جوارحك, واطرق بابه ولازم أعتابه
وابك له بكاء صبي غاضب أمه فتركها
وهو يظن أنه يستطيع العيش بدونها
فلم يستطع فعاد إلى باب أمه واضعا خده
على عتبة بابها باكيا ذليلا لتفتح له
وناج يا قلب ربك وقل :
عبدك قـد أتـــــاك و قد أساءو قد هفا
يكفيه منك حـــياؤه من سوء ما قدأسلفا
حمل الذنوب على الذنوب الموبقات وأسرفا
و قد استجار بعفـــوك من عــقابك ملحفا
رب اعف عنه و عافه فأنت أولى منعفا
ولن تخسر شيئا بل ستكسب كل شيء
وسيفتح لك الباب فهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين
رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم
فمن وجده وجد كل شيء
ومن خسره خسر كل شيء
ونسأله العفو والعافية
والحمد لله رب العالمين
بارك الله فيك أخي على الطرح الطاهر والنقي
جزاك الله كل خير