في احدى أيام عطلتي الصيفية…. زرت حديقة مليئة بالأزهار الوردية…. فل وياسمين وأخرى نرجسية…. كنت فرحة آنذاك….. فبدأت بالقفز هنا وهناك…. سحرني خضارها….. وأذهلني جمالها…. كان لونها جميلا…. يبث في الأمل والتفاؤل…. لكني سمعت صوتا غريبا…. دفعني الى التساؤل…. من أين مصدر هذا الصوت يا ترى….. فبدأت بالسير حتى أرى…. استرقت الخطوات… وما زلت أستمع لتلك الأصوات…. انها اشبه بصوت بكاء…. قلت في نفسي ما هذا الغباء…. فالزهرة لا تبكي…. ولا تحس ولا تشكي…. عدت فمشيت…. لكني ذهلت من هول ما رأيت…. انه فعلا صوت بكاء… كانت الأزهار تبكي كما لو أنها شلال من الماء…. فوراء هذا الخضار….كان يعمها الخراب والدمار…. اقتربت منها…. فأحست بالخطر… فتراجعت الى الخلف عنها…. بكل حذر…. قلت لها لا تخافي أيتها الزهرة الجميلة…. فأنا ما زلت طفلة صغيرة…. لن أمسكي بسوء…. فاقتربت منها بكل هدوء…. تحسستها بكلتا يدي…. تأملتها بعيني…. أحست بالحنان… وشعرت بالاطمئنان…. بدأت الزهرة بالكلام… وأنا أستمع لها بكل اهتمام…. هاجمنا قطيع من جيش الاحتلال…. تهافتوا علينا من السهول والجبال…. قطعوا الأشجار…. زرعو الخراب والدمار…. عاثوا فيها الفساد…. حولوا الأزهار الى رماد…. والخضرة تحولت الى سواد…. فأخرجت من جيبي منديلا… وبدأت أمسح دموعها قليلا قليلا…. كنت أبتسم لأزيح همها…. وأنسيها ألمها….كان الألم يعتصر قلبي…. ويسري في وجداني….لكن أملي بربي… وقوة ايماني… دفعتني الى الصبر الجميل…. والأمل الكبير…. اهتممت بها كثيرا…. حتى اصبح منظرها جميلا…. أعدت اليها خضارها…. فعاد اليها زوارها…. يستنشقون رحيق عطرها… ويتمتعون بروعة جمالها…. فما أجمل ان نزرع في نفوس البؤساء…. أملا لا يكون خيالا بل حقيقة…. فتصبح قلوبهم خضراء…. جميلة كتلك الحديقة.