أما في معظم مجتمعاتنا العربية فنجد العديد من الضحايا من الزوجات يعانين بصمت، ومن دون حتى القدرة على الحصول على أية حماية. وما يزيد الأمور سوءاً أن في بعض الحالات تعاني الزوجات من أهلهن، ومن نظرة المجتمع الظالمة لهن، بالإضافة إلى التطبيق الخاطئ للمفاهيم الدينية؛ اعتقاداً منهم أن ذلك من حق الزوج في الحصول على «حقه الشرعي»، حتى ولو كان بهذا العنف والبشاعة في التعامل.
وهنا سنسلط الضوء على مثل هذه الحالات؛ أملاً في الوصول إلى نشر الوعي والثقافة بحقوق كلا الزوجين.
الحالة:
السيدة أم هاني تقول إنها متزوجة منذ 6 سنوات من رجل يكبرها بأكثر من 17 عاماً، ولديها ولدان، وهي من دولة عربية، وتقيم مع الزوج في إحدى دول الخليج مع زوجته الأولى، المشكلة تكمن في ما يحدث كل ليلة عندما يأتي الزوج للفراش، ويطلب المعاشرة على كل الأحوال، وحتى لو كانت تعاني من الحمى فلا مجال لها سوى أن تستجيب، وعندما تحاول أن تشرح له أنها غير مستعدة للقاء الحميمي يبدأ في شتمها بألفاظ سيئة جداً، ويضربها، بل ويقوم بتقييدها وإجبارها على المعاشرة، الأمر الذي جعلها تعاني من نزيف نسائي حاد، وقالت له الطبيبة إن سبب هذا النزيف يعود إلى مشاكل في الرحم، ويجب التوقف عن المعاشرة الزوجية، ولكن بلا أي استجابة من جانبه، بل وتمادى إلى درجة أنه منعها من المتابعة الطبية، وتضيف أنها حاولت أن تشكو لزوجته الأولى، ولكنها فوجئت بالإجابة أن من حق الزوج أن يطلب زوجته وقتما يشاء، وإلا تلعنها الملائكة.
وحاولت أن تشكو لأسرتها إلا أنها لم تستمع لها!! تسأل ما الحل؟ هل ما يفعله الزوج معها من إجبارها على المعاشرة أمر يمكن علاجه من دون طلاق؟ فليس لديها أي مساندة اجتماعية، وأين تذهب بأطفالها لو وافق على الطلاق، وهل يوجد طريقة؛ لتهرب من هذه المعاشرة التي أصبحت تكرهها؟
الإجابة:
سيدتي الفاضلة، أقدر معاناتك، وأفهم تماماً ما تمرين به، وهو من الأمور التي تعاني منها أكثر من 18% من النساء المتزوجات على مستوى العالم، وللأسف لا يوجد لدينا إحصاءات دقيقة في المجتمعات العربية، ولكن من خلال المتابعات الإكلينيكية للحالات التي تراجع العيادات المتخصصة نجد أن هناك عدداً كبيراً من الزوجات اللاتي يعانين من مثل هذه الاعتداءات، ولا يشكون إلا في أضيق الحدود، وغالباً ما تعاني الزوجة من اضطرابات نفسية وجسدية، وهو ما حدث معك، حيث وجد أن أكثر من 30% من حالات النزف المهبلي خارج الدورة الشهرية يعود لأسباب نفسية، تؤثر على وظائف المبيضين ومستوى الهرمونات لدى المرأة، وقد يؤدي هذا النزف إلى حالة من فقر الدم الشديد، والذي يستوجب العلاج، ليس فقط من الناحية العضوية، وإنما يجب الاهتمام أيضاً بالجانب النفسي للمرأة.
حالات اغتصاب الزوجات لم تحظ بالاهتمام المناسب بعد، ولاتزال هناك العديد من المراحل لتعريف المجتمع أولاً بهذه الحالات، واسمحي لي بأن أوضح بعض النقاط المهمة:
أولاً- يعدّ إجبار الزوجة على الممارسة الحميمة من دون موافقتها حالة من الاغتصاب للزوجة، كما نصت عليه الكثير من القوانين الدولية، ويتعرض الزوج للعقوبة إذا ما تم التبليغ عنه، إما من قبل الزوجة أو حتى من قبل الفريق الطبي المعني في حالة تعرض الزوجة لأي نوع من أنواع الإيذاء الجسدي، أو حتى النفسي، وهناك قوانين رادعة تتراوح بين توجيه الإنذار، وأخذ التعهد، وصولاً إلى حالات السجن، مع عرض المساعدة الطبية المتخصصة للزوج، كما تقوم العديد من الجهات والجمعيات المختصة بعمل حملات توعية ضد موضوع الاعتداء والاغتصاب للزوجات.
ثانياً- هناك العديد من الدراسات التي أجريت على حالات من النساء الضحايا؛ لمعرفة أسباب عدم طلب المساعدة في أول الأمر، وقبل أن تتدهور الأمور مع الزوج، كما يحدث في معظم الحالات، وكانت الأسباب مختلفة، وتدور كلها حول ثلاثة عوامل هي:
1- الخوف من الزوج، والاعتقاد بأنه قد ينتقم من الزوجة بأشكال وصور مختلفة.
2- عدم إدراك الزوجة أو معرفتها بأن ما تتعرض له يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، حيث تعتقد بعض النساء أن واجب الزوجة أن تطيع وتستسلم لرغبات الزوج، حتى ولو لم تكن ترغب بذلك.
3- السبب الثالث يعود لأسباب مادية واقتصادية؛ نظراً لعدم تمكن الزوجة من تأمين مصدر للدخل لها ولأولادها.
ثالثاً- تعاني نسبة كبيرة من السيدات الضحايا من اضطرابات نفسية، مثل اضطرابات الكرب مع الشعور بالغضب المكبوت، والذي يسهم في زيادة الإصابة بالأمراض العضوية ذات المنشأ النفسي، ما يزيد من شدة المعاناة لديهن.
رابعاً- بعض الرجال يجهلون الحقائق حول موضوع العنف في الممارسة الحميمة، حيث يعتقدون خطأ أنه نوع من الممانعة والدلال، الذي تقوم به بعض النساء، وهنا يجب أن تتحدث الزوجة بصراحة ووضوح مع الزوج عن الأمور التي تزعجها في العلاقة، كما يجب أن تعرف كيفية التعامل مع الزوج في الحالات التي يميل فيها إلى العنف الجسدي، ويمكن أن تواجهه بأن الأمر أصبح يشكل عقبة في استمرار السرية الزوجية، وهو ما يجعله في بعض الحالات يخشى العواقب القانونية في بعض المجتمعات، أما في الحالات التي لا ينفع فيها مثل هذا التعامل فيجب على الزوجة أن تقرر مدى ما ستخسره عند طلب المساعدة من المختصين في مجال الحماية، كما يمكن أن تجرب بعض الطرق التي تجعل الزوج لا يشعر بالرفض أو الخوف منها، بحيث تطلب منه أن تتحكم هي في الأداء الحميم ولفترة، مع التأكد من عدم وجود العوامل الخطيرة لاستمرار العنف؛ مثل: حالات الإدمان على المخدرات، أو حالات السادية، وهي مواضيع سيتم مناقشتها في الأعداد المقبلة.
خامساً- حاولي أن تسجلي بعض اللقطات لحالة الإجهاد والتعب الجسدي، واعرضيها على الزوج في وقت يكون فيه مستعداً للنقاش.
سادساً- هذه الرسالة موجهة للزوج، فلا شيء يعوض الشعور بالمودة والرحمة والتواصل الرقيق بين الزوجين أثناء العلاقة الحميمة، ويجب أن تحترم حاجة الزوجة لكي تتهيأ للقاء، واحرص أن تتواصل معها لفظياً، فقد لا تكون زوجتك مستعدة اليوم، ولكنها ستكون مستعدة بالتأكيد في وقت آخر؛ رغبة في التعبير عن تقديرها لك لتفهمك احتياجاتها.
نصيحة:
اغتصاب الزوجات جريمة إنسانية قبل أن تكون قانونية، تفقد الرابطة المقدسة كل معاني المودة والرحمة، وتعرضك سيدي الزوج للعقوبة، فحاول أن تعرف ما لك وما عليك، قبل أن تتحول غرفة النوم إلى ساحة قتال، لا يربح فيها أحد، بل يخسر الجميع.
الدكتورة منى الصواف
أتقزز كثيرا من الذين يعتبرون المرأة مثل دمية بلاستيكية
خالية من المشاعر. .البعض يتحجج ويلقي اللوم على المرأة
أثناء امتناعها ويعتبره نوعا من الدلال ويجب كسر أنفها لكن بالفعل
هناك الكثير من النساء يعانين من أمراض جسدية وقد تكون كذلك
نفسية فلا بد من مراعاتها وعدم إجبارها أو تذكيرها بأن الملائكة تلعن
من كان غاضب عليها زوجها لأن الزوج كذلك مطالب بمراعاة حالة زوجته..
ليتهم يتعلمون قليلا من أسلوب تعامل الرسول-عليه أفضل والسلام-
مع زوجاته..
شكرا لك حبيبتي علی الطرح القيم..