السؤال
هل يحق لي السفر للسياحة فقط في دول تكثر فيها الفتن .
علما أنني متأكد أنني سأبتعد إن شاء الله عن الحرام ، والرادع لي ليس ( قوة الوازع الديني ) وإنما خوفا من الأمراض ! وطبعا أنا أتحدث باسم الكثير من الشباب . وجزاكم الله خيرا .
الجواب
لا يجوز السفر لِبلاد الكُفر مِن أجل السياحة ، ولا لِبلاد تكثر فيها الفِتن والمنكَرات ، وتفشو فيها الفواحش والْمُحرَّمات ؛ لأن درء المفسدَة مُقدَّم على جلَب المصلحة ، ولو كان ذلك في العبادات.
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لِرجل أن يَفِي بِنذْرِه في موضع مِن المواضِع حتى تأكّد أن ذلك الموضع ليس فيه محذور ؟
روى أبو داود من حديث ثابت بن الضحاك قال : نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَنْحَر إبلاً ببوانة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني نذرتُ أن أنْحَر إبلاً ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان فيها وَثَن من أوثان الجاهلية يُعْبَد ؟ قالوا : لا . قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوْفِ بِنَذْرِك ؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم .
والشاهد من ذلك أن دفْع الْمَفْسَدَة مُقدَّم على جلب المصلحة .
هذا لو تصوّرنا أن السفر للسياحة لِمثل تلك البلاد فيه مصلحة ! بل يَظْهر أن مفاسِده مُتحققة !
وليست الْمَفْسَدَة فيما يتعلّق بِهَتْك الأعْرَاض ، ولا فيما يَتعلَّق بِشُربِ الخمور فَحَسْب ، بل تتعدّى إلى العقيدة ، مِن مُداهَنة للكُفَّار ، وموالاة لأعداء الدِّين ، بل قد يفعل بعض المسافِرين بعض الشعائر التعبدية للكُفَّار من حيث لا يشعر !
وأقلّ ما في تلك الأسفار أن يألف الإنسان الْمُنكَر ، وتَهُون في عينيه الْمُنكَرات !
حتى سمعنا بعض من أتى من بلاد الكُفَّار يستهين بما عند الناس مِن مُنكَرات !
ولو افترضنا أن شَخْصًا قال : أنا أملِك نِفسي ، وأعْرِف نفسي ، وأنا سأبتعِد عن الْحَرام .
فيُقال له : ومن الذي يضمن نفسه أن لا يقع في الْحَرام ، ولا يَفْتَتِن ؟
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الدَّجَّال : مَن سَمِع بالدَّجال فَلْينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مُؤمن ، فيتبعه مما يَبعث بِه من الشُّبهات . رواه أحمد وأبو داود .
وقصدي من ذلك أن الشخص قد يظن أنه على درجة من الإيمان فيأتي إلى مواطن الشُّبهات فيزل ويقع من حيث لا يشعر .
وأمْر آخر ، وهو أن الشخص متى ما اعتمَد على نفسه وجُهْدِه – وكما يُقال : وَثَق بِنفسِه – خُذِل ، وأُتِي من حيث لا يشعر .
وكما قيل :
مِن مأمَنِه يُؤتَى الْحَذِر !
ثم إن من يقول مثل ذلك القول يُزَكِّي نفسه ، ولو مِن طرْف خَفِيّ ، وقد قال الله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)
فلا يجوز السفر إلى بلاد الكُفر ولا إلى بلاد العُهر لأجل السياحة ، وقد جَعل الله للمسلم من أمْرِه يُسْرا .
والله تعالى أعلم
منقول
و شكرا لك عالموضوع
تقبل مروري
يعطيك العافية
ملاحظة : الرجاء عدم كتابة اسم المصدر والاكتفاء بكتابة كلمة منقول