البارجة يو إس إس أريزونا تشتعل بها النيران بعد الهجوم الياباني على ميناء بيرل هاربر.
الهجوم على بيرل هاربر (أو العملية زد كما كان يسميها مقر الإمبراطورية العامة اليابانية) هي غارة جوية نفذتها البحرية الإمبراطورية اليابانية بصورة مباغتة في 7 ديسمبر 1941 على الأسطول الأمريكي للمحيط الهادي في قاعدته البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي، غير الحدث مجرى التاريخ وأرغم الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية.
وكانت تلك الضربة بمثابة إجراء وقائي لكي يصبح الأسطول الأمريكي قي المحيط الهادي بعيداً عن الحرب التي كانت تخطط اليابان لشنِّها في جنوب شرق آسيا ضد بريطانيا وهولندا والولايات المتحدة.
تمحور الهجوم الياباني على غارة جوية شنت على موجتين جويتين بمجموع 353 طائرة حربية يابانية انطلقت من ستة حاملات يابانية للطائرات إضافة إلى عدة غواصات قزمية لضرب الأسطول الأمريكي في بيرل هاربر بالإضافة إلى الطائرات الحربية الأمريكية الرابضة على الأرض.
ونتج عن الهجوم اغراق أربعة بوارج حربية من البحرية الأمريكية، كما دمَّر أربعة بارجات أخرى. كما أغرق اليابانيون أيضاً ثلاثة طراريد، وثلاثة مدمِّرات، وزارعة ألغام واحدة، بالإضافة إلى تدمير 188 طائرة. وأسفرت الهجمات عن مقتل 2،402 شخص وإصابة 1،282 جريح. لم تُصب الهجمات أياً من محطة توليد الطاقة، وحوض بناء السفن، ومركز الصيانة، ومحطة الوقود، ومخازن الطوربيد، فضلاً عن أرصفة الغواصات، ومقر البحرية الأمريكية ومقر قسم الاستخبارات. بينما كانت الخسائر اليابانية ضئيلة، فقد دُمِّرت 29 طائرة وأربع غواصات قزمة، وقُتل أو أُصيب 65 جندي فقط.
وكان الهجوم بمثابة مشاركة رئيسية في الحرب العالمية الثانية حيث أنه وقع قبيل إعلان الحرب رسمياً، وقبل وصول الجزء الأخير من ال14 رسالة إلى وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن العاصمة. كما صدر تعليمات للسفارة اليابانية بتسليم تلك الرسالة قبل الوقت المحدد للهجوم على هاواي مباشرةً. وكانت طبيعة الهجمة الفجائية سبباً في تغيير الرأي العام الأميركي من الموقف الإنعزالي إلى دعم المشاركة المباشرة في الحرب. وساعد إعلان ألمانيا الفوري للحرب على الولايات المتحدة على الرغم من عدم التزامها بأي معاهدة مع اليابان في ظهور الولايات المتحدة على خشبة المسرح الأوروبي لأحداث الحرب العالمية الثانية
كانت الضربة تهدف إلى إبطال تأثير الأسطول الأمريكي في المحيط الهادِئ، وبالتالي حماية تقدم اليابان في ملايا البريطانية وجزر الهند الشرقية الهولندية، حيث سعت اليابان إلى الحصول على الموارد الطبيعية مثل النفط والمطَّاط. امتلكت كل من الولايات المتحدة واليابان خطط طوارئ طويلة المدى لمواجهة الحرب في منطقة المحيط الهادئ، وكان يتم تحديثها باستمرار مع تصاعد التوتر بين البلدين الذي زاد بشكل مطرد خلال الثلاثينيات، مع توسع اليابان في منشورياوالهند الصينية الفرنسية الذي إستقبلته الولايات المتحدة ودول أخرى بفرض عقوبات على اليابانيين.
وفي عام 1940، أوقفت الولايات المتحدة شحنات الطائرات، وقطع الغيار، والمعدات الآلية، وبنزين الطيران إستناداً لقانون الرقابة على الصادرات. واعتبرت اليابان ذلك عملاً عدوانياً. إلا أن الولايات المتحدة لم توقف صادراتها النفطية إلى اليابان في ذلك الوقت لأن واشنطن كانت تعتقد بأن مثل هذا الإجراء سيكون خطوة متطرفة، نظراً لاعتماد اليابان على النفط الأمريكي. ويحتمل أن تعتبر اليابان تلك الخطوة نوع من أنواع الاستفزاز.
قام فريق التخطيط الياباني بدرإسة الهجوم البريطاني على الأسطول الإيطالي عام 1940 في مدينة تارانتو بشكل مكثف. وقد استفادوا منه استفادة عميقة عند التخطيط للهجوم على القوات البحرية الأميركية في ميناء بيرل. وبعد التوسع الياباني في الهند الصينية الفرنسية بعد سقوط فرنسا، أوقفت الولايات المتحدة صادرات النفط إلى اليابان في صيف عام 1941 بسبب القيود الأميركية الجديدة التي طُبقت على الاستهلاك المحلي للنفط. نقل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أسطول المحيط الهادئ إلى هاواي، وأمر بزيادة القوات العسكرية قي الفلبين على أمل إحباط أي عدوان يابانى قي الشرق الأقصى. اعتقدت اليابان خطأًأن أي هجوم على مستعمرات المملكة المتحدة في جنوب شرق آسيا سيؤدي إلى إشتراك الولايات المتحدة في الحرب، وبالتالي لم تجد حلاً سوى شن ضربة وقائية مدمرة لتجنب إشتراك أسطول الولايات المتحدة في الحرب، كما اعتبرت اليابان أن غزو الفلبين ضروري، في حين أن الولايات المتحدة اعتبرت إعادة استعمار هذه الجزر ضمن خطة الحرب أورانج خلال سنوات الحرب.
كان كل من اليابان والولايات المتحدة على علم نشوب الحرب بينهما (وضع الطرفان خطط طوارئ) منذ العشرينيات، على الرغم من أنه لم يكن التوتر بينهما كبيراً إلى أن غزت اليابان بلدة منشوريا في عام 1931. وعلى مدى العقد التالى، واصلت اليابان التوسع في الصين، مما أدي إلى نشوب الحرب الشاملة في عام 1937. وفي عام 1940، غزت اليابان الهند الصينية الفرنسية في محاولة للسيطرة على الإمدادات التي تصل إلى الصين، وكخطوة أولى لتحسين حصولها على موارد جنوب شرق آسيا. أدت هذه الخطوة إلى حظر أميركا للصادرات النفطية إلى اليابان، ومن ثم خطط اليابان للاستيلاء على إنتاج النفط في جزر الهند الشرقية الهولندية. اعتبر الجيش الياباني نقل الأسطول الأمريكي قي المحيط الهادئ من قاعدته السابقة في سان دييغو إلى قاعدته الجديدة في ميناء بيرل استعداداً أمريكياً لشن حرب بين البلدين.
بيرل هاربور في 30 تشرين الأول، 1941.
بدأ التخطيط الأولي للهجوم على ميناء بيرل لحماية الانتقال إلى "منطقة الموارد الجنوبية" (وهو المصطلح الياباني لجزر الهند الشرقية الهولندية وجنوب شرق آسيا بشكل عام) في أوائل عام 1941، تحت رعاية اللواء ياماموتو الذي أصدر الأوامر الأسطول اليابان المتحد. لم يحصل على موافقة للتخطيط والتدريب النظامي لشن الهجوم من هيئة الأركان العامة للإمبراطورية اليابانية البحرية إلا بعد خلاف كبير مع مقر البحرية وتهديده بإقالته من منصبه. انتهى الكابتن مينورو غندا من التخطيط الكامل بحلول أوائل فصل ربيع عام 1941.وعلى مدى الأشهر القليلة التالية، تم تدريب الطيارين، وتجهيز المعدات، وجمع المعلومات الاستخبارية. وعلى الرغم من هذه التحضيرات، لم يُصدر الإمبراطور هيروهيتو الموافقة الفعلية على خطة الهجوم حتى الخامس من شهر نوفمبر، وذلك عقب المؤتمر الثالث من أصل أربعة مؤتمرات إمبراطورية للنظر في الأمر. ولم يُصدر الإمبراطور الإذن الختامي حتى اليوم الأول من شهر ديسمبر، وذلك بعد أن نصحه غالبية القادة اليابانيين قائلين أن "الخطاب الأمريكي""سيدمر ثمار حادث الصين، وسيعرض مانشوكو للخطر وسيؤثر على سيطرة اليابان على كوريا." وفي أواخر عام 1941، إستعدت القواعد والمرافق الأمريكية في المحيط الهادئ في منإسبات متعددة، بسبب العداء المتوقع بين الولايات المتحدة واليابان. لم يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن بيرل هاربور سيكون الهدف الأول في أي حرب مع اليابان، بينما توقعوا أول هجوم ليكون على الفلبين. وذلك بسبب الخطر الذي تشكله على الممرات البحرية في الجنوب والإعتقاد الخاطئ بأن اليابان ليست قادرة على القيام بأكثر من عملية بحرية في وقت واحد
مخابرات الجيش الأمريكي كسرت الشفرة اليابانية قبل وقت طويل وتعرفت من خلالها على تحركات الأسطول الياباني في المحيط الهادي، ومن الرسائل التي فكت رموزها رسالة وجهتها البحرية اليابانية (في24 سبتمبر) إلى السفارة اليابانية في واشنطن تطلب منها معرفة عدد البوارج في بيرل هاربر. في 25 نوفمبر (أي قبل الهجوم بـ 12 يوماً) ابلغ تشرشل الرئيس روزفلت بأن الاستخبارات البريطانية لديها معلومات تفيد باستعداد اليابانيين للهجوم على هاواي خلال أيام. وفي 26 نوفمبر 1941 أمرت واشنطن حاملتي الطائرات انتربرايزر وليكسنتن (وهما اغلى قطعتين وتحمل كل منهما 50طائرة متقدمة) بمغادرة بيرل هاربر حتى اشعار آخر. قبل الهجوم بيومين اتصل الرئيس روزفلت برئيس منظمة الصليب الأحمر ليبلغه بأن عليهم الاستعداد للتعامل مع خسائر بشرية كبيرة في هاواي
الطريق الذي سلكه الأسطول الياباني للوصول إلى بيرل هاربر، والعودة منه، وكانت القوات اليابانية قد أسطولها من دون أن يتم رصدها في اتجاهها إلى بيرل هاربر.
كان ياماموتو مقتنعاً بضرورة القضاء على الأسطول الأميركي في بيرل هاربر أولاً قبل الاستيلاء على جنوب شرق آسيا فقضى هو وربابنة أسطوله أشهراً في التدرب سراً على الهجوم في قاعدةٍ يابانيةٍ منعزلة، وتم ذالك في جزيرة كيوشو. توجه إيسوروكو ياماموتو إلى الأسطول قائلاً
«إن مصير الامبراطورية معلقٌ على هذه المهمة وكل فردٍ يجب ألا يبخل بنفسه من أجل ذلك.»
في 26 نوفمبر 1941، غادرت القوة الضاربة التي تتكون من ست حاملات للطائرات إلى شمال اليابان لتصل إلى شمال غرب هاواي، حيث تقصد إطلاق طائراتها للهجوم على بيرل هاربور. كان من المفترض استخدام 405 طائرة: 360 للهجوم للهجمتين، و48 طائرة قتالية دفاعية جوية، بما في ذلك تسعة طائرة قتالية في الهجمة الأولى.
كانت الهجمة الأولى الهجوم الرئيسي، في حين أن الهجمة الثانية تهدف لإنهاء المهام المتبقية. تكونت الهجمة الأولى الأسلحة التي يجب أن تستخدم لمهاجمة السفن الحربية الرئيسية، صدرت الاوامر لأطقم الطائرات لاختيار أهداف ذات القيمة العالية (البوارج ووحاملات الطائرات) أو إذا كانت غير موجودة، يمكن إختيار أي سفن أخرى ذات قيمة عالية (مثل الطرادات والمدمِّرات). بينما كان على مفجرات الغطس مهاجمة أهداف أرضية. كما صدرت الأوامر للمقاتلين بتدمير أكبر عدد ممكن من الطائرات غير الواقفة في حالة إنتظار للتأكد من أنهم لن يقوموا بهجمات مضادة، وخاصةً خلال الهجمة الأولى.وعندما ينفد الوقود، يجب علي المقاتلين العودة إلى حاملات الطائرات للتزويد بالوقود والعودة إلى القتال مرة أخرى. وعلى المقاتلون خدمة تلك السياسة حيثما دعت الحاجة، وخاصةً عبر مطارات الولايات المتحدة.
وقبل بدء الهجوم، تم إرسال طائرتين استطلاعتين إلى أواهو وتقديم تقرير حول أسطول العدو وتكوينه وموقعه. قامت أربعة طائرات استكشافية بدوريات في المنطقة الواقعة بين كيدو بوتاي ونييهاو لمنع أي هجمات فجائية للقوات.
یضم أسطول الغواصات على 5 غواصات صغيرة من النوع A للانتقال إلى ساحل أواهو. غادرت الخمس مراكب من النوع آي المقاطعة البحرية كورى في اليوم الخامس والعشرين من شهر نوفمبر لعام 1941، حيث رست على بعد 10 نانومتر (19 كم) من مصب بيرل هاربور وأطلقت شحناتها حوالى الساعة الواحدة في السابع من شهر ديسمبروفي الساعة 03:42 بتوقيت مدينة هاواي، رصدت كإسحة الألغام«يو إس إس كوندور منظار أفقي لغواصة قزمة جنوب غرب مدخل بيرل هاربور، حيث كانت تطفو وتتأهب للمدمرة يو إس إس «وارد». يبدو أن الغواصة القزمة قد تمكنت من الدخول إلى بيرل هاربور، ولكن أغرقت المدمرة وارد غواصة أخرى في الساعة 06:37 خلال أول إطلاق نار أمريكي في الحرب العالمية الثانية. أخطأت غواصة تطفو على الجانب الشمالي من جزيرة فورد «كيرتس« في أول طوربيد لها، كما فشلت في مهاجمة «موناغان« قبل أن تغرقها سفينة موناغان في الساعة 08:43.
تعرضت غواصة ثالثة للإرتطام بالأرض مرتين، المرة الأولى خارج مدخل الميناء، والمرة الثانية كانت شرق أواهو حيث تم الاستيلاء عليها في اليوم الثامن من شهر ديسمبر. قام الملازم البحري كازو ساكاماكي بالسباحة إلى الشاطىء ليصبح أول أسير حرب ياباني. كما تعرضت غواصة رابعة لأضرار جراء هجوم عميق، وهجرها طاقمها قبل أن تتمكن من إطلاق الطوربيد. أوضحت درإسة تحليلية قام بها المعهد البحري بالولايات المتحدة عام 1999 للصور الفوتوغرافية للهجوم إلى احتمالية نجاح غواصة قزمة في إطلاق طوربيداً على حاملة الطائرات وست فرجينيا’. تلقت القوات اليابانية اتصالاً لإسلكياً من غواصة قزمة في الساعة 00:41 في الثامن من شهر ديسمبر يدعي بوجود أضرار بسفينة أو أكثر من سفن الحرب داخل بيرل هاربورلا ييزال مصير الغواصة النهائي مجهولاً، لكنها لم تعُد إلى ناقلة الغواصات