في مثل هذا اليوم إغتالت الإستخبارات الأميركية الثائر الأممي ارنستو تشي غيفارا في بوليفيا، في الذكرى السابعة والأربعين لاستشهاده، صورة غيفارا ما تزال رمزاً للتحرر العالمي من الاستعمار والثورة ضد الظلم والاستعباد.
لم تتحقق أمنية قاتل إرنستو تشي غيفارا بعد 47 عاماً على اغتياله، أرادت الولايات المتحدة القضاء إلى الأبد على ظاهرة الثائر الأممي على الاستعمار والظلم، فبقي غيفارا أسطورة ملهمة لغالبية الثورات والانتفاضات.
الطبيب الأرجنتيني المولود عام 1928 كان أول من يحمل خطة جدية لتوحيد بلدان أميركا اللاتينية منذ زمن الثائر اللاتيني الأول سيمون بوليفار.
على دراجته النارية تعرف تشي على البؤس الموحد لدول أميركا الجنوبية، وخلال يوميات سفره الطويل في القارة اللاتينية، تكونت ملامح شخصيته الماركسية الثورية.
أثناء وجوده في غواتيمالا، تجذرت نظرة غيفارا تجاه الولايات المتحدة بعد إسقاطها الرئيس خاكوبو أربينيث الساعي إلى تفكيك نظام الإقطاع في بلاده. هكذا استبدل تشي سماعة الطبيب ببندقية المقاتل. في المكسيك، وجد في فيديل كاسترو الكوبي المنفي توأمه الثوري.
أدى غيفارا دوراً قيادياً حاسماً في معارك الثورة الكوبية التي أطاحت بنظام باتيستا الديكتاتوري وأرست نظام الحكم الاشتراكي.
لم يكن غيفارا مسؤولاً عادياً في المناصب التي تبوأها في كوبا. كان عاملاً أكثر منه مسؤولاً كبيراً إن في المعهد الوطني للإصلاح الزراعي أو في رئاسة البنك الوطني أو كوزير للصناعات. رفض غيفارا تلقي الأجور مقابل هذه المهام واكتفى فقط بأجرته الرمزية كقائد في الجيش.
طبيعته الثورية الدائمة أوصلته للاختلاف حتى مع الاتحاد السوفييتي ولا سيما بعد سحب موسكو الصواريخ البالستية التي نشرتها في كوبا بعد أزمة لامست الحرب مع واشنطن.
تتجمد الثورة وينتاب الثوار الصقيع حين يجلسون فوق الكراسي. هكذا لم يستسغ تشي البقاء في سدة السلطة. وجد في أفريقيا ضالته الثورية الجديدة فكانت الكونغو محط النضال الجديد ضد الاستعمار. لكن النجاح لم يحالف الثائر الأممي هذه المرة. إعترف الرجل بأنها قصة فشل بسبب غياب الثوريين المخلصين.
الإخفاق الإفريقي قاده للعودة مجدداً إلى أميركا اللاتينية. إختار بوليفيا لموقعها الاستراتيجي في القارة، بيد أن التجربة هذه المرة كانت أكثر دراماتيكية بعد قرار أميركي حاسم بالقضاء على غيفارا.
أعدم الرجل في الأدغال وهو أسير مكبل بالأغلال وبقي مكان دفنه مجهولاً لثلاثة عقود في صورة تجسد مقولته الشهيرة: لا يهمني كيف ومتى أموت، المهم هو أن يحيا الثوار من بعدي، يملؤون الدنيا ضجيجا،ً حتى لا ينام هذا العالم بكل ثقله فوق أجساد الفقراء والمحرومين.