ولمصلحة الطفل توجهت الشريعة للرجل، فحرضته على اختيار صاحبة الدين، وتوجهت إلى أولياء الفتاة، وطلبت منهم النظر إلى دين الخاطب وأخﻼقه، ثم وضعت الشريعة الدستور الذي تسير عليه اﻷسرة (مودة ورحمة) وذكرت الرجل والمرأة بذكر الله عند اللقاء، فقال صلى الله عليه وسلم: (لو أن أحدكم أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره الشيطان أبداً) ولمصلحة الطفل وضعت الشريعة بعض التكاليف الشاقة عن الحامل، فأباحت لها الفطر في رمضان، وفي ذلك دعوة للرجل من أجل الشفقة على زوجته، فإذا خرج الطفل إلى الدنيا سارعنا فأسمعناه كلمة التوحيد لتحرك فطرته، ونملكه سﻼحه، ونبعد عنه عدوه الشيطان، وقد ثبت أن لكلمات اﻷذان آثار كبيرة حتى على غير المسلم، و(كل مولود يولد على الفطرة)، وقد وجدت قصصاً كثيرة حصل فيها أذان على أطفال غير المسلمين، فانتهى أمرهم إلى الدخول في اﻹسﻼم.
تأتي بعد ذلك مسألة الرضاعة، وهي من اﻷهمية بمكان، والطفل كما قال اﻹمام أحمد: (ﻻ يرضع لبناً فقط، وإنما يرضع خلقاً وأدباً وديناً) والطفل يحتاج إلى إشباع عاطفي، فينتفع من التصاقه بجسد والديه، ويستفيد جداً من حنوهم عليه، وقد مدح رسولنا صلى الله عليه وسلم نساء قريش بقوله: (أحناه على ولد في صغر وأرعاه لزوج في ذات يد).
وفي هذه المرحلة ننصح باﻻهتمام بمسألة القدوة؛ ﻷن الطفل يسمع ويرى، بل إن قواه العاقلة تتكون مما يسمع ويرى، ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنه ﻻ يُعاشر أهله في حجرة فيها طفل رضيع، وقد ثبت أن الطفل يتضرر من التهاون في مثل هذه اﻷمور.
وإذا وجد الطفل الرعاية واﻻهتمام، وتفهمت اﻷسرة حاجته لﻸمن والحرية والقبول، وأتيحت له فرص اللعب والحركة، واهتمت اﻷسرة بغذائه ولباسه، ووجد العدل في المنزل، فإن نموه الجسدي والنفسي يكون ممتازاً، وعلينا بعد ذلك أن نهتم بتعزيز الصفات الطيبة، واﻻجتهاد في تعديل ما يحتاج لذلك، مع ضرورة تفهم المراحل العمرية، فالعناد مثﻼً وجوده بين العام الثاني والسادس، كما أن السنة الخامسة يحصل فيها تمحور حول الذات، ورغبة في أخذ كل شيء، ومن واجبنا عدم اﻻنزعاج، والحرص على تفهم كل مرحلة وخصائصها.
وإذا كان طفلك في سن الثالثة، فإننا نتوقع أن يكون كثير الحركة، مياﻻً إلى اللعب، فيه شيء من العناد..إلى غير ذلك من اﻷمور التي تحصل في مثل هذا السن.
وأرجو أن تحرصوا على غرس العقيدة بكلماتٍ واضحة، والثناء على الوهاب سبحانه؛ حتى ينشأ على حق الله، وسوف ينتفع جداً من صﻼتكم للنوافل في المنزل، كما أن في ذلك تدريب له على الصﻼة والهدوء فيها، وننصحكم بأن ترددوا السور القصيرة واﻷذكار إلى جواره، ومساعدته على حفظ ما تيسر من ذلك.
وﻻ مانع من تهيئته ﻻستقبال مولودٍ جديد، وتعويده على آداب اﻷكل واللباس، واﻻستئذان، ومشاركته في اللعب كما قال عمر (ﻻعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً واصحبه سبعاً … )
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يصالح لنا ولكم النية والذرية، وسوف نكون سعداء بتواصلك ﻹكمال المشوار.
وبالله التوفيق والسداد
الطرح القيم .
في إنتظار جديدك.
تحياتي