وسبب تسميته بالأخطل الصغير اقتداءه بالشاعر الأموي الاخطل التغلبي.
ولد في بيروت عام 1885، وتوفي فيها بتاريخ 31 يوليو 1968.
تلقى تعليمه الأولي في الكتاب ثم أكمل في مدرسة الحكمة والفرير وغيرهما من مدارس ذلك العهد.
عنه وعن اعماله
أنشأ عام 1908 جريدة البرق، واستمرت في الصدور حتى بداية عام 1933، عندما أغلقتها السلطات الفرنسية وألغت امتيازها نهائياً. وكانت قد توقفت طوعياً أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى.
كانت حياته سلسلة من المعارك الأدبية والسياسية نذر خلالها قلمه وشعره للدفاع عن أمته وإيقاظ هممها ضد الاستعمار والصهيونية، وكانت اللغة العربية ديدنه ومدار اعتزازه وفخره.
اتسم شعره بالأصالة، وقوة السبك والديباجة، وجزالة الأسلوب، وأناقة العبارة، وطرافة الصورة، بالإضافة إلى تنوع الأغراض وتعددها.
تأثر الأخطل الصغير بحركات التجديد في الشعر العربي المعاصر ويمتاز شعره بالغنائية الرقيقة والكلمة المختارة بعناية فائقة.
صدر له من الدواوين الشعرية
ديوان الهوى والشباب عام 1953.
ديوان شعر الأخطل الصغير عام 1961.
وصلت شهرتة إلى الأقطار العربية، وكرم في لبنان والقاهرة
في حفل تكريمه بقاعة الأونيسكو ببيروت سنة 1961 أطلق عليه لقب أمير الشعراء.
كان قد تسلم مسئولية نقابة الصحافة في العام 1928.
أنشأ حزبا سياسيا عرف باسم حزب الشبيبة اللبنانية
وانتخب رئيسا لبلدية برج حمود عام 1930
غنى له محمد عبدالوهاب ووديع الصافي و فيروز و فريد الأطرش.
صبغت أساطير الهوى بجراحي
ولد الهوى والخمر ليلة مولدي
وسيحملان معي على ألواحي
يا ذابح العنقود خضب كفه
بدمائه بوركت من سفاح
أنا لست أرضى للندامى أن أرى
كسل الهوى وتشاؤب الأقداح
أدب الشراب إذا المدامة عربدت
في كأسها أن لا تكون الصاحي
هل لي إلى تلك المناهل رجعة
فلقد سئمت الماء غير قراح
رجعى يعود بي الزمان كأمسه
صهباء صارخة وليل ضاح
أشتف روحهما وأعطي مثلها
روحاً وأسلم ليلتي لصاحبي
روح كما انحطم الغدير على الصفا
شعباً ، مشعبة إلى أرواح
للحب أكثرها وبعض كثيرها
لرقى الجمال وبعضهما للراح
***
أنا لا أشيع بالدموع صبابتي
لكن ألف جناحها بجناحي
غذيتها بدم الشباب وطيبه
وهرقت في لهواتها أفراحي
إلفان في صيف الهوى وخريفه
عزا على غير الزمان الماحي
***
دعني وما زرع الزمان بمفرقي
ما كنت أدفنفي الثلوج صداحي
من كان من دنياه ينفض راحه
فأنا على دنياي أقبض راحي
إني أفدي كل شمس أصيلة ،
حذر المغيب ، بألف شمس صباح
قتلى الهوى فيها بلا عدد
بصرت به رث الثياب ، بلا
مأوى بلا أهل بلا بلد
فتخيرته ، وكان شافعه
لطف الغزال وقوة الأسد
***
ورأى الفتى الآمال باسمة
في وجهها ، لفؤاده الكمد
والمال ملء يديه ، ينفقه
متشفياً إنفاق ذي حرد
ظمآن والأهواء جارية
كالسلسبيل ، مسى يرد يرد
روض من اللذات ، طيبة
أثماره ، خلو من الرصد
نعم أفانين ، يكاد لها
يختال من غلواه في برد
ماضيه ، لو يدري بحاضره ،
رغم الأخوة مات من حسد
***
سكران ، والكاسات شاهدة ،
إن الكؤوس لها من العدد
سكران لا يصحو كسكرته
أمساً ، وسكرته غداة غد
سكران ، وهي تزقه قبلاً
ويزقها ، وإذا تزد يزد
سكران ، وهي تمص من دمه
وتريه قلب الأم للولد
سكران ، حتى رأسه أبداً
لا يستقر لكثرة الميد
(( قالت له : نم ، نم لفجر غد
ضع رأسك الواهي على كبدي
نم ، لا تسلط يا حبيب على
مخمور جسمك قلة الجلد
عيناك متعبتان من سهر
ويداك راجفتان من جهد
– لا ، لا أنام ولا أذوق كرى ،
إن النهار مضى ولم يعد
لا ، لا أنام و لا أذوق كرى ،
أنا لست من يحيا لفجر غد
سلمى ، أحس النار سائة
بدمي ، وتجري معه في جسدي
وأحس قلبي فاغراً فمه
للحب ، للذات ، للرغد
إن ضاع يومي ، ما أسفت على
خضر الربيع وزرقة الجلد
***
نم لا تكابر ، كاد رأسك أن
يهوي بكأسك ، غير أن يدي ..
– يهوي ! .. نعم يا فتنتي ومنى
نفسي ، وزهرة جنة الخلد
يهوي ! .. ولم لا ، والشباب ذوى
وعلى شبابي كان معتمدي
لم تبق لي مني ، سوى رمق
متراوح في أضلع همد …
رباه مذ يومين كنت فتى
لي قوتي وشبيبتي وغدي
واليوم ، أسرع للبلى ، وأنا
لم أبلغ العشرين أو أكد
سلماي إنك أنت قاتلي !
فجميل جسمك مدفني الأبدي
وطويل شعرك صار لي كفناً
كفن الشباب ذوى وكان ندي
سلمى اطفئي الأنوار وافتتحي
هذي الكوى لنسائم جدد
ودعي شعاع الشمس يضحك لي
فشعاعها يرد على كبدي
ودعي أريج الزهر ينعشني
وهديل طر الأيكة الغرد
أنا ، إن قضيت هوى ، فلا طلعت
شمس الضحى بعدي على أحد ))
***
– أنا إن قتلتك كيف تحفظني
إن صح زعمك ، حقظ مقتصد
أو كنت مت لليلتي جهد
يا مهجتي خفف ولا تزد
– لا ، أنت محييتي ومنقذتي
من عيشي المتنكر النكد
أفأنت قاتلتي ؟ كذبت أنا ،
لولاك كنت أذل من وتد
لكنما العشاق ، عادتهم
ذكر المنايا ذكر مفتئد
يبكون من جزع للذتهم
أن لا تكون طويلة الأمد ..
قلبي لقلبك خافق أبداً
ويظل يخفق غير متئد
– إن كان ذاك ، فهذه شفتي
من يشتعل في الحب يبترد
***
وتصافحا فتعانقا فهما
روحان خافقتان في جسد
***
نهبا أويقات الصفاء ، وقد
عكفا عليهما عكف مجتهد
وترشفا كأس الغرام ، وما
تركا بها من نهلة لصدي
ومشى الهوى بهما كعادته ،
والبحر لا يخلو من الزبد …
***
سنة مضت ، فإذا خرجت إلى
ذاك الطريق بظاهر البلد
ولفت وجهك يمنة ، فترى
وجهاً متى تذكره ترتعد :
هذا الفتى في الأمس ، صار إلى
رجل هزيل الجسم منجرد
متلجلج الألفاظ مضطرب
متواصل الأنفاس مطرد
متجعد الخدين من سرف
متكسر الجفنين من سهد
***
عيناه عالقتان في نفق
كسراج كوخ نصف متقد
أو كالحباحب ، باخ لامعه ،
يبدو من الوجنات في خدد
تهتز أنمله ، فتحسبها
ورق الخريف أصيب بالبرد
ويكاد يحمله ، لما تركت
منه الصبابة ، مخلب الصرد
***
يمشي بعلته على مهل
فكأنه يمشي على قصد
ويمج أحياناً دماً . فعلى
منديله قطع من الكبد
قطع تآبين مفجعة
مكتوبة بدم بغير يد
قطع تقول له : تموت غداً
وإذا ترق ، تقول : بعد غد ..
والموت أرحم زائر لفتى
متزمل بالداء مغتمد
قد كان منتحراً ، لو أن له
شبه القوى في جسمه الخصد
لكنه ، والداء ينهشه ،
كالشلو بين مخالب الأسد ..
جلد على الآلام ، ينجده
طلل الشباب ودارس الصيد ..
***
أين التي علقت به غصناً
حلو المجاني ناضر الملد
أين التي كانت تقول له :
ضع رأسك الواهي على كبدي ؟..
مات الفتى ، فأقيم في جدث
مستوحش الأرجاء منفرد
متجلل بالفقر ، مؤتزر
بالنبت من متيبس وندي
وتزوره حيناً ، فتؤنسه
بعض الطيور بصوتها الغرد ..
مثلك الفجر الذي سوف يلي
أيها الليل استطل مهما تشا
وتحكم يا كرى في المقل
ما يفيد النور في إشراقه
إن يكن أطفئ نور الأمل
أنا ، مهما تطرد الشمس الدجى
لا تزل نفسي بليل أليل
أعشق الليل وما لي والضحى
عشت يا ليل : ألا فانسدل
إنسدل تحجب عن الطرف الشقا
يا لطرف بالشقا مكتحل
لا يرى ، إذ تطلع الشمس ، سوى
سائل أو عاجز أو وكل
عصف الفقر بهم ، فانتشروا
كانتشار الوابئ المستفحل
يلهمون العشب من جوعهم
ويحهم ما تركوا للهمل ؟
بجسوم هزل ، تحملها
بعياء واهيات الأرجل
ووجوه ، كتب الموت على
صفحتيها : هذه الأوجه لي
صدق الموت بما قد قاله
ما ترى أشلاءهم في السبل ؟
لم تشائي ، قطرة في جدول
بعد هذا المجد ماذا يرتجى ؟
هوذا النجم قريب فاعتلي …
ما على الأسطول من أسطولهم
أيخاف الباز شر الحجل ؟
***
ذكر " السين " عهوداً للتي
تيمت مهجته وهو خلي
فإذا بالنار في أحشائه
وإذا بالجرح لم يندمل
فمشى يقسم أن لا ينشي
عن لقا ألزاسه أو يقتل
فلتك الألزاس يا سين لهم
إنما الملك لرب الأزل
لك عرش العلم في أبهته
وله سلطانه في الملل
حلم القيصر أن يرفعها
دولة " للسلف " فوق الدول
واستلذ الحلم .. فاستعجله
بالظبى البيض وسمر الأسل
عقت " البلغار " والحلم قضى
وتلاشى في شهور الحمل
قيصر الروس، ولم يحلم بما
حزته تاج المعم المخول
لك نصف الناس ، لو تنهضهم
كانت الأملاك بعض الخول
***
إيه غليوم ، استزد من حشدها
واستنبح أبناءها واسترسل
إنما الأمة للجيش .. وقد
رضيت فاضرب بها واستبسل
ومر المعمل في تسليحها
هو يدعى معملاً : فليعمل
وامإ البحر سفيناً ، والفضا
" زبليناً " .. ساء فأل الأعزل
ومتى ينهض عزيز فارده
ومتى يجهل مليك فاجهل
نم على صهوته أو لا تنم
وانطلق مثل النسيم المرسل
ترتجي أن تصبح الكف ، وأن
تصبح الأملاك بعض الأنمل
أمل ناجزتهم من أجله ..
ولقد يردى الفتى بالأمل