سأدخل في الموضوع مباشرةً.. في خِضَّم الأحداث المتلاحقة في مصر ما بعد الثورة تبرز أمامنا عِّدة مشكلات سأذكر منها اليوم لأهميتها مشكلة بروز السلفيين والإخوان المسلمين على الساحة السياسية…
فلقد عَمِل النظام المنصرم منذ ستين عامًا على تشويه صورة الإخوان أمام هذا الشعب الطيب وجعل منهم الفزاعة التي يخيف منها الغرب عاملا بمبدأ "إما أنا أو هؤلاء المتطرفين" حسب تعبيرهم هم.
ومع ذلك نجح هؤلاء الأبطال في المقاومة والصمود على مدى نصف قرنٍ أو يزيد حتى قامت هذه الثورة المباركة فغيرت النظام ولكنها للأسف لم تستطع بعد أن تغير ما في العقول حتى الآن على ما يبدو.. فتحدث الناس عن ركوب موجة الثورة ..وأي ثورة.. هل كان لهذا النصر يوم معركة الجمل سيتحقق إّلا بصمود هؤلاء "المتطرفين" بعد فضل الله تعالى؟؟؟
وبرزت مسألة بروز الإسلاميين "السلفيين" على الساحة وتحركهم في مصر بحرية وتخوف الناس من حكم الإسلام وهم يرددون كالببغاوات: "مدنية.. مدنية" داعمين للمذهب اللبرالي بمعنى أن تكون حدود الدين لا تتعدى أبواب المساجد وإنما السياسة لأهل السياسة.. وماذا لو حكم الإسلام؟؟؟
لقد رسخ الأوروبيون فكرهم العَفِن في قلوبنا وعقولنا بأننا إذا حكمنا الدين سنتأخر ونرجع إلى عصر الجاهلية وبصراحة لقد كانوا على حقٍ عندما ثاروا على الحكم الملكي الديني "في فرنسا" لأنه كان بعيدًا تمام البعد عن الدين المسيحي حتى أنهم قالوا: "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس"…
ولكننا أخذنا منهم هذه الكلمة عامة ولم نفكر في حالنا نحن المسلمون الذين صنعنا الحضارة في الأندلس التي تبقى آثارها شاهدةً على براعة مَن شّيد وبنى حتى الآن…
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأول يتلقى الشرائع من ربه ويبلغها للناس "فقام بدوره الديني على أكمل وجه" وكان حاكمًا للمدينة يحكم فيها بأمر الله تعالى ويقيم الشرائع ليحقق بذلك مبادئ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان من قبل 1400 سنة "فقام بدوره المدني كما ينبغي" وكان حاكمًا عسكريًا يسير الجيوش والغزوات ليفتح البلاد وينشر دين الله ومن بعده خلفاؤه الراشدين حتى تغلبوا على أعظم أمتين في الدنيا في ذلك الوقت وهما الفرس والروم "فحقق بذلك الدور العسكري"…
وحتى لا أطيل عليكم أريد أن أقول إّن الدين لم يتعارض أبدًا مع السياسة والسبب ببساطة أّن القوانين الرجعية التي يضعها الإنسان وإن كانت صائبة فهي وقتية تصلح لوقتها فقط والزمان دائما التغير والتبدل فما يناسب عصرنا لا يناسب الماضي ولا المستقبل وهو ما يتضح في عدم ملاءمة دستور 23 لوقتنا الحالي بينما كان ملائماً لمن عاصروه…
وأن هذا لا ينسحب على ما جاء في القرآن الكريم والشرائع السماوية حيث أّن القرآن هو الدستور الأزلي الذي أنزله الرب العلِّي على الحبيب النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو ليس رجعي لأن من وضعه هو من قّدر المقادير ويعلم ما كان وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون وبذلك تكون سياسة الإسلام هي الدستور الأمثل الذي يجب أن نسير عليه في حياتنا كي ننعم برضى الرب ورضى الناس…
ببساطة شديدة الإسلام كان يحارب ولا زال يحاب وسيظل يحارب وهذه سنة الله في كونه
أما محاربي الدين فهم ما بين جاهل يردد بلا تعقل وإما يقصد هدم الدين فهذا خارج عن الملة
وكلا الفريقين لا نقدر غير أن نوضح ونفهم الجميع بالصحيح
والحمد لله الذي جعلنا من أتباع هذا الدين
دمتم في طاعة