(من المغرب)
حلم استراتيجي : أيها الخوف الخائف إرحل … ويا أعاصير الموت ارحلي! !
تخال قلوبهم حجرَا
ليسوا برابرة ، ولا عربَا
ولا بقَرَا !
ليسوا نصارى ، أو يهودا ، أو هنودًا
ليسوا دروزاً .. أو مغاربةً .. مشارقةً
..
لاسُنَّةً .. لا شيعةً .. عربا ، ولا عجما ! !
ولابشرًا … ! !
يسيل القَيح والدم من عروشهمو !
والحقد ، والجبروت ، والدجل ، الضلال …
سكنت عروقهمو !
* * * * *
أخرجتُ من أنفاق قبري رايتي تعبا
وصرختُ في غضب
كجنّـــِيٍّ جريح يَنْفُث اللهبا :
يا أمة العرب !
أما شُلت يداك دما ؟!
أما اتعظَت جروحُك منذ «دَاحسَ» ① و «البَسوس» !؟②
ولقد صرختُ ، صرختُ …
حتى زَمجَرَ الإعصار في جسدي
وفي دَرَك الحضارة
وانقراض الأنبياءِ ، الأولياءِ ! …
صرختُ .. فانبطحَت على قدَمَي العصورْ ..
وتكلست جَزَعا بحورْ ..
وتفحمت في الجو أسراب الصقورْ
وتهدمت غرف المعابد والقصورْ
وتراكمت من فوقها جثثْ البغايا
واستراحات الفجورْ !
فارتجَّت السماواتُ والأرَضينُ
وانبعثت على إيقاعها أمم الدمار
لما تبدَّل طينُهَا …
فتطاولتْ ، وتطاولتْ …
فتمثلتْ أرواحها قططاً
وأفْيِلَةً تطِير …
حُمُرًا ، وحيتانًا .. دَناصيرًا تطير !
أشداقُها لكأنها غرف السعير !
* * * * *
وأنا بداخل جثتي
أستلُّ جُمجمتي
أجَزِّئُها إلى ورق
وأرسم فوقه قلقِي
وأقرأ نثرَها شعرا على الغسق
متفصِّدا عرقا ..
متحرقا أرقا ..
متمزقا خرقا …
ترفرف رايتي بيدي
يهرّبها وميض البرق للنَّفَق ..
ويَدٌ تدحرج من على صدري صخورا من لهيب
عبثا أقاوم صامدا
موتي ، وبعثي ،
وانهيارات السنين !
يا أيها المولود في موتي ،
أتَسرقني ، وتسرق ثورتي ؟!
فلثورتي وجع الردى !
ولكبوها رجع الصدى !
يا أيها الموءود في صوتي ،
أتمسخني إلى صكٍّ أوقّعه على مضَضٍ ..
وتشنقني على سجادة
نُسجت بأعصابي ولحم طفولتي ؟!
* * * * *
من غير ما أدري
هوى فنَني ..
بكى على وطني
مشى كالنورس اليمني
إلى سبإ
يغادر لعنة الزمن
يطارد أبحرا
غرقت بها أممٌ
أبت ، في غابر الزمن ،
ركوب البحر في السفن !
وها أنذا أراها في العراء
ترسو على جزر الهوى
تبكي … وتَتْلُو سورة النبإِ
كمتيّم متربص بخيال جارتهِ
الشوق يخضعهُ
ويخدعها النوى !
ها إنني و النورس الوثني
نحلق في الهوا …
بحثا عن الوطن ̶ الجوى
نطوي دياجير الغمام
متعقِّـبين تـلَــهُّـفا شبح الغرام ! ! !
ولقد وصلنا قبل موعدنا ،
فلا لبنٌ ، ولا تمرٌ ، ولا عسلُ
ولا سكنٌ ، ولا قمرٌ ، ولا أملُ
ولا حلم يواسينا على أرض المطار !
فارتدَّ نورس رحلتي
إرتدَّ بي متوترا متعجلا …
فاندسَّ في مدن الظلام
نجتازها …
ومسالخ الذبح ، الفواجع ، والسقام
تصطف في مستنقع العرب
دكاكينا من الخُطَب
بلا سبب ! !
فإذا الضحايا يصرخون ، ويصرخونْ
متشوقين إلى السلام
يتساقطون ممزقين ،
فلا ربيع ، ولا خلاص !
عربٌ على عربٍ : أعاريب القِصاص
يتوارثون الأسْرَ والأسرى
وأزمنة الرصاص !
صنعوا حروبا …
والحروب حروب منسحقينَ :
أرضهمو ، وربهمو ، ودينهمو
بلا قدُسٍ ، ولا حُجُبِ !
النورس الوثنيّ
طاف بي مماليكا .. خرائطها قبور
وعروشُها بدعٌ ، وزلاّت الدهور !
من ذا يعاكس أمتي ، منذ الولادة … غيرُها ؟!
من ذا يقاتل أمتي في ليلها و نهارها ؟!
إلا بنوها التافهون ، الفاتحون ، الغامضون ،
الغادرون ، الناهبون ، الخائنون ؟!
يا أيها المفقود في وطني ..
إذا أبصرتَ نورسنا يحلق في الجبال وفي الوهاد
فدعه مغتربا
إلى أن ينتهي زمن الفجور !
① داحس : اسم حصان يعود لقبيلة بني رباح . وقد اشتهرت باسمه حب في الجاهلية تدعى « حرب داحس ، والغبراء» بين قبيلة بني ثعلبة ، وقبيلة بني رباح .
② أما البسوس ، فإسم شاعرة في العصرالجاهلي ، تنتسب إلى قبيلة بني تغلب ، يشاع أنها هي التي حرضت قبيلتها لمحاربة قبيلة بني بكر .
وياروعة هذا القلم
احمد هناوى
لاتحرمنا من هذا الحرف الراقي
نطمح بالمزيد من هذا الرقى