نايف الحسيناوي
هؤلاء الهاربون من مسرح الحياة الاجتماعية , المنعزلون عن الناس زهــداً وتعففـاً ( كما يقولون) هم في الحقيقة هاربون من المسؤولية . وهؤلاء الناس يعلمون بالظلم ويميزون الظالمين وهوياتهم ويعلمون الظلم والظالمين وتبعاتهم وهوياتهم ويعلمون أنَّ عليهم مسؤولية مقاومة الظالمين وردهم عن ظلم الناس وإستضعافهم , لكنهم بسبب الشدة والقسوة والضغط وسلب الكرامة والتضليل الواسع الذي يمارسه المستكبرون يزرع في نفوسهم الخوف ويحولهم الى ضعفاء غير معذورين عند الله فيهربون من المسؤولية الملقاة على عاتقهم الى أنواع العزلة والرهبنة قال تعالى :ـ { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد27 . فتحت هذا العنوان يحاول جماعة من الناس أن يبرروا سلبيتهم إتجاه حركة التصدي للظلم والظالمين .
وهذه الفئة من الناس يُشجعها الظلمة لمافيه من الضمان في تخدير عقول الناس ودفعهم بإتجاه أنفسهم وذواتهم بحجة التألق الروحي وإنعزالهم عن المجتمع وعدم مطالبتهم لحقوقهم وحقوق الآخرين التي إستحوذ عليها الظالمين والمستكبرين بغير حق . ولذا لايتورع الظالمون المستكبرون من دفع بعض من أعوانهم الى المجتمع وقد ألبسوهم لباس الخشوع والرهبنة والانعزال عن الدنيا وزينتها ليجمعوا حولهم من إستطاعوا من الجهلة والجبناء غير متأخرين عن دفع الرواتب لبعضهم وإغرائهم بشتى الاغراءات إذا تطلب الامر. وهذا الاتجاه موجود في كل مجتمعات الظلم على مر التاريخ وله أتباعه ورجاله . إنَّ تحمل المسؤولية صفة نفسية يتصف بها بعض الناس ويفتقدها آخرون ويكتسبها الانسان إكتساباً . هذه المسؤولية هي عبارة عن التزام الانسان خط النمو الفكري والاجتماعي وتطوره وأرتقائه نحو كمال مجتمعه
وهذه المسؤولية الخطيرة تنطوي على إتجاهين في آن واحد .
الاتجاه الاول :ـ هو مسؤولية العمل الصالح في البناء الفردي والاجتماعي الصالح .
الاتجاه الثاني :ـ هو مسؤولية مواجهة المستكبرين الظالمين بكل أشكالهم ورفض كل الوان الظلم والتسلط والاستغلال والاستعمار والاستضعاف والخضوع والخنوع للناس والمقاومة الصادقة وبذل الجهد وتقديم التضحيات في هذا السبيل حتى لو كلفت ذلك الانسان حياته .