كثيرا ما نترضى على الصديق لما له من مواقف في خدمة الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم
لكن القارئ للكتاب الذي نقلت منه تلك اللمحات بفضل الله ربما يشعر أنه يتعرف على هذا الصحابي لأول مرة
فتعالوا نعيش مع هذا الرجل الفذ في لمحات من أدبه مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع الصحابة رضي الله عنهم
قالت عائشة -رضي الله عنها-: خرجنا مع رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على التماسه، وأقام الناس معه، وليس على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس أبا بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وبالناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قلت: فعاتبني وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على فخذي، فنام رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]. فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، فقالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته».
صححه الألباني
وفي هذه القصة يظهر حرص الصديق على التأدب مع رسوله، وحساسيته الشديدة على أن لا يضايقه شيء، ولا يقبل ذلك ولو كان من أقرب الناس وأحبهم إلى رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كعائشة رضي الله عنها، فقد كان – رضي الله عنه – قدوة للدعاة في الأدب الجم مع النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ومع نفسه ومع المسلمين,
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ(دخل في خصومة) فَسَلَّمَ وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلاَثًا ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ فَقَالُوا لاَ فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَتَمَعَّرُ (يتغير من الغضب) حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ(يعني من أن يصيب غضب النبي صلى الله عليه وسلم عمرا) فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا.
رواه البخاري
وفي هذه القصة دروس وعبر كثيرة، منها: الطبيعة البشرية للصحابة وما يحدث بينهم من خلاف، وسرعة رجوع المخطئ وطلب المغفرة والصفح من أخيه، وتواد الصحابة فيما بينهم، ومكانة الصديق الرفيعة عند رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثم أصحابه … إلخ.,
منقول من كتاب الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بك الصديق (للصلابي)
مع التنبيه على ضرورة تثبت القارئ للكتاب من نص كل حديث نبوي ومن صحة الحديث فالصلابي أحيانا يروي أحاديث ضعيفة أو موضوعة
وما دمنا عرفنا المشكلة (ومن منا المعصوم) فلننتفع بعلمه الجم وأسلوبه الرائع ولفتاته الطيبة مع تجنب تلك المشكلة
أحسبه على خير ولا أزكيه على الله
انشر في الخير
يعطيك العافية
وأرجو أن تسهموا في نشره على النت لتعم الفائدة بإذن الله