°•.♥.•°الشاب المسلم كما يريده الإسلام .. °•.♥.•°
قال تعالى على لسان لقمان الحكيم:
" وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله انّ الشرك لظلم عظيم "
سورة لقمان/ 13.
إنّ الإسلام يريد الإنسان متوازناً متعادلاً في نظرته للواقع وموقفه منه، كما يريده منسجماً في شخصيته، تتطابق عقيدته وعواطفه وسلوكه، مستفيداً من كل فرصة تتاح له خير الإستفادة.
فإن الفرص لا تتوفر دائماً لتغير الأحوال والحالات والإمكانات.
وقد روي عن علي رضي الله عنه قوله :
" بادر شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك " .
وكذلك قوله رضي الله عنه :
" ما أقرب الدنيا من الذهاب والشيب من الشباب " .
ومن هذه الفرص مرحلة الشباب بما فيها من قوة وجمال وصفاء نفس وتفتح على الحياة وكأنّها تماثل مرحلة الربيع في الطبيعة , والعاطفية والتربوية في إطار من التعقل السليم، والتربية المتاصلة في النفس ولذلك يركز الإسلام عليها .
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم :
"والتوبة حسنة لكنّها في الشباب أحسن".
" إنّ الله يظل الشباب الناشىء في عبادة الله بظله " .
" من تعلم القرآن في شبيبته إختلط بلحمه ودمه " .
" انّ الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله " .
نعم أراد الله أن يكون الشباب قوة وجمالاً في الباطن كما هو كذلك في الظاهر:
يقول الامام العسكري رضي الله عنه وهو أحد أئمة أهل البيت رضي الله عنه :
" حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن " .
ويصف الرسول الزهراء فاطمة فيقول:
" إنّ إبنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً حتى مشاشها " .
(والمشاش هي رؤوس العظام اللينة) .
ومثله (ملىء عمار إيماناً إلى مشاشه).
ونحن نجد في قصة النبي يوسف عليه السلام إنسجاماً رائعاً بين الجمال البدني حاش لله ما هذا بشر أن هذا إلا ملك كريم والجمال الخلقي.
فهو العبد الشاب الصالح في مواقفه المتنوعة الداعي إلى ربه حتى وهو في سجنه
" يا صاحبي السجن أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " سورة يوسف/ 39.
وهو الشاب الصابر والممتنع عن المعصية مهما كان الإغراء:
" وغلقت الأبواب وقالت هيئت لك قال معاذ الله انّه ربي أحسن مثواي انه لا يفلح الظالمون " سورة يوسف/ 23.
وتبقى شخصيته ثابتة منسجمة حتى بعد أن صار حاكماً قوياً ليقول:
" رب قد اتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض انت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً والحقني بالصالحين " سورة يوسف/ 151.
وسائل الإسلام التربوية
وقد إستخدمت النصوص الإسلامية شتى الوسائل لتأكيد الحقيقة الأنفة ومنها ما يلي:
أولاً: التوجيه المباشر في النصوص حيث يتم الشباب على تأصيل العقيدة في النفس، وربط العواطف بالعقيدة وبالتالي الإنطلاق في السلوك من هذين المنبعين (العقيدة والعاطفة).
وهذا ما نلاحظ في تعليمات لقمان لولده:
" وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم، ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير، وأن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون، يا بني انّها أن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ان الله لطيف خبير يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانهى عن المنكر واصبر على ما إصابك انّ ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً انّ الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك أن أنكر الأصوات لصوت الحمير " سورة لقمان/ 13- 19.
وفي وصية أميرالمؤمنين لولده الحسن بن علي رضي الله عنه , وهي من أروع الوصايا:
حيث تعرض فيها الامام من جملة ما تعرض إلى قضايا كثيرة وهذه مقاطع من الوصية:
* فإنّي أوصيك بتقوى الله- أي بني- ولزوج أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ان أنت أخذت به .
* احي قلبك بالموعظة، وأمته بالزهادة، وقوه باليقين، ونوره بالحكمة، وذّلله بذكر الموت، وقرره بالفناء، وبصره فجائع الدنيا.
* فاصلح مثواك ولا تبع أخرتك بدنياك.
* وأمر بالمعروف تكن من أهله وانكر المنكر بيدك ولسانك.
* واجمع عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت مقبل العمر ومقتبل الدهر، ذو نية سليمة، ونفس صافية.
* يا بني إجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك.
* فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، وإكره له ما تكره لها
* ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم.
ثانياً: التأكيد على قيمة التحلي بهذه الصفات فقد ذكرت النصوص نتائج رائعة لذلك:
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله يظل الشاب الناشىء في عبادة الله بظله " .
وقال الامام الباقر كان أبي زين العابدين إذا نظر إلى الشباب الذين يطلبون العلم ادناهم إليه وقال:
" مرحباً بكم أنتم ودائع العلم ويوشك إذا أنتم صغار قوم أن تكونوا كبار آخرين ".
ثالثاً: تقديم النماذج السامية لذلك من خلال الأنبياء
وقد أكدت بعض النصوص انّ الأنبياء بعثوا في مرحلة الشباب من قبيل قوله تعالى:
" ولما بلغ أشده اتيناه حكماً وعلماً " سورة يوسف/ 22.
" قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " سورة الأنبياء/ 60.
وعنه صلى الله عليه وسلم :
" ما بعث الله نبياً إلا شاباً " .
وعنه صلى الله عليه وسلم :
" ما بعث الله نبياً إلا وهو شاب، ولا أوتي علم عالماً إلا وهو شاب " .
وعنه صلى الله عليه وسلم :
" يا بني عبد المطلب: إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومة بأفضل مما جئتكم به أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة " .
وما أكثر السلوكات النموذجية للأنبياء عليهم السلام ..
فهذا الفتى إبراهيم يقول عنه القرآن:
" ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنابه عالمين، إذ قال لأبيه وقمه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين، قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين " سورة الأنبياء/ 51.
وإبراهيم نموذج الموحد والواله الصابر الثابت على الإخلاص المضحي المتبرىء من الشرك العائذ بالله الأواه الحليم المنيب.
وهذا إسماعيل الشاب المؤمن الذي يعلن انّه أن صبر على الفداء فذلك بأمر الله:
" قال يا أبت أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " سورة الصافات/ 102.
وهذا يوسف يقول عنه تعالى:
" كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين " سورة يوسف/ 24.
وهذا موسى لا تغره القوة بل يصنع الخير ويعلن لله فقره:
" فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إنّي لما أنزلت إلي من خير فقير " سورة القصص/ 24.
" وهؤلاء الفتية من أصحاب الكهف يرفضون مجتمعهم الكافر نحن نقص عليك نبأهم بالحق أنّهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " سورة الكهف/ 12.
وأروع أسوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمين حيث يقول تعالى:
" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " سورة الأحزاب/ 21.
وقد روي عنه قوله:
" أنا الفتى، إبن الفتى، أخو الفتى " .
وقد جمع صلى الله عليه وسلم كل الصفات الحميدة حتى قال فيه تعالى:
" وإنّك لعلى خلق عظيم " سورة القلم/ 4.
رابعاً: ومن الأساليب التأكيد على مسؤولية الشاب الخاصة عن شبابه:
فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام قوله:
" ان العبد لاتزول قدماه يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما ابلاه " .
وعن الامام علي قوله:
" من لم يجهد نفسه في صغره لم ينبل في كبره ".
خامساً: وقد قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الشباب مناصب عليا تأكيداً على فضل أصحابها الشبان ومنهم:
1- مصعب بن عمير حيث بعثه- وكان فتى حدثاُ- ممثلاً عنه إلى المدرينة قبل الهجرة ليعلمهم القرآن. وهو أوَّ ل من جمع الجمعة في المدينة.
2- عتاب بن أسيد ولاه مكة بعد الفتح في حنين وكان عمره 21 عاماً.
3- اسامة بن زيد ولاه قيادة جيش عظيم لحرب الروم وفيه المهاجرون والأنصار وكان عمره 18 عاماً.
4- علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد استخلفه على المدينة حين خرج في تبوك قائلاً له: الا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى.
5- معاذ بن جبل جعله صلى الله عليه وسلم في عام الفتح معلما للفقه والسنن.
سادساً: نفرت النصوص من الشاب المنحرف كما في قضية موسى والعبد الصالح الذي قضى على فتى يضل أبويه الصالحين.
سابعاً: كما حث المجتمع والأبوين بشدة على إبتغاء الولد الصالح وتربيته ومساعدته على النشاة الصالحة، وعدم دفعه للعقوق.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:
" لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما ".
وعنه صلى الله عليه وسلم :
" أوصيكُم بالشبان خيراً فانَّهُم ارق أفئدة " .
ثامناً: دعى الإسلام الشاب إلى اختيار الأصحاب المتخلقين بالخلق الحسن وإجتناب المنحرفين:
فهذا علي بن الحسين رضي الله عنه يقول لبعض بنيه:
اياك ومصاحبة الكذاب فإنَّه بايعك باكله أو أقل من ذلك
والبخيل فإنَّه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه
والأحمق فإنَّه يريد أن ينفعك فيضرك
والقاطع لرحمه فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب الله.
وهكذا يعمل الإسلام على صناعة جيل شاب صالح..
يحمل الأمانة الإلهية إلى من بعده.
ويحقق مقتضيات الخلافة بكل قوة وصلابة.
جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع الرائع عن خلق الشاب المسلم التي ينبغي ان يكون عليها
شكرا جزيلا سيدتي ولو انها لا تكفي لكني طامع بكرمك لكي تتقبليها مني
لكي خالص الشكر والتقدير
تقبلي مروري
حمامة
…اشكرمرورك ولطف عباراتك…
محبتك ميلا