منذ قرابة عامين ناقشت منظمة المؤتمر الإسلامي بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم فكرة تنظيم مهرجان سنوي في إحدى المدن الإسلامية لإبراز الوجه الحضاري والأثر الثقافي المتميز لتلك المدينة .
وكان هناك إجماع على أن تكون البداية عام 2024 باختيار " مكة المكرمة " عاصمة للثقافة الإسلامية ولكن الصعوبة كانت في اختيار المدينة الثانية لعام 2024 . وبعد حوارات ومساع وجهود تقرر الاحتفال عام 2024 بمدينة حلب عاصمة للثقافة الإسلامية في اجتماع المؤتمر الإسلامي عام 2024 في الجزائر .
وقد يتساءل بعض الناس لماذا حلب ؟
منذ أكثر من ربع قرن سجلت منظمة اليونسكو مدينة حلب كواحدة من أهم المدن الإسلامية وأدخلتها في التراث الإنساني الذي يجب حفظه .
والمعايير المعمارية التي استند إليها هذا التسجيل انطلقت من كون مدينة حلب داخل الأسوار أكبر مدينة في العالم الإسلامي حيث تبلغ مساحتها " 418 " هكتارا .
تحتفظ مدينة حلب بآثار وعمائر تغطي سائر العصور الإسلامية منذ الخلافة الراشدة مرورا بالعصر الأموي ثم العباسي بكل تفرعاته من حمدانية وفاطمية ومرداسية وسلجوقسة وأيوبية ومملوكية وعثمانية وحديثة ولكل منها شواهد معمارية واضحة .
وتتنوع تلك الآثار في وظائفها بحيث تغطي سائر فعاليات الحياة اليومية , ولعل ما يميز كل تلك الفرادة المعمارية هو أنها تنتظم في أكثرها داخل نظام الوقف , وهو نظام للمجتمع الأهلي يقوم على التعاون وتخصيص الأموال للخدمات العامة بصورة متكاملة .
كما تميزت حلب بموقعها الاستراتيجي على مفترق طرق القارات بحيث غدت ممرا اجباريا لقوافل التجار عبر التاريخ ورافق ذلك تطور الخدمات المصاحبة من خانات ومطاعم وحمامات وأسواق وصناعات تنمو وتتطور . فإذا أضفنا إلى ذلك كله التاريخ الحضاري والفكري المتمثل ببلاط سيف الدولة الحمداني وبلاط الظاهر غازي الأيوبي وسواهما أدركنا مدى أهمية هذه المدينة .
مع تحياتي
علي بن سميط