اهتزّت البرازيل بأضخم تظاهرات اجتماعية منذ 21 سنة، دامت أمس الإثنين أكثر من سبع ساعات في عدّة مدن، خصوصاً في ريو دي جانيرو، التي عرفت مشاهد حرب عصابات.
وهذه أكبر تحرّكات منذ 1992 التي حصلت ضدّ فساد حكومة الرئيس السابق فرناندو كولور دي ميلو، المستقيل خلال محاكمته السياسية أمام مجلس الشيوخ.
وتجمهر نحو 100 متظاهر في ريو دي جانيرو، سلميّاً في البداية للاحتجاج على ارتفاع أسعار النقل العام، ونفقات تحضير مونديال 2024 لكرة القدم، قبل أن تتحوّل إلى العنف مع حلول الليل.
واشتبك متظاهرون ورجال شرطة أمام الجمعية التشريعية، وأطلقت مجموعة منهم الأسهم النارية على الشرطة وأضرمت النار في سلال القمامة وأحرقت سيارة، في وقتٍ صرخ متظاهرون آخرون: "لصوص! لا للتخريب!".
واستعمل 80 شرطياً من قوات النخبة داخل الجمعية التشريعية القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، كما أنّ الرصاص الحي قد أطلق في الهواء أيضاً، قبل أن تفرّق شرطة مكافحة الشغب المتظاهرين في الليل.
وكان المتظاهرون قد أطلقوا قنابل مولوتوف والحجارة على المبنى، وبعضهم حاول الدخول من النوافذ.
وأصيب في الاشتباكات 20 شرطياً و7 متظاهرين، بينهم اثنان بطلقات نارية.
وضرب المتظاهرون موعداً على شبكات التواصل الاجتماعي، وبلغ عددهم في مجمل أنحاء البلاد 200 ألف شخص.
وقال محلّلون على شبكة التلفزيون إنّ معظم المتظاهرين تألّفوا من الشبان الذين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية.
وفي برازيليا تظاهر حوالى خمسة آلاف شخص في حي الوزارات وهو رمز قوّة البلاد، وصعد 200 منهم لسطح البرلمان، حيث غنوا النشيد الوطني قبل أن ينزلوا بشكلٍ عفوي.
وقال الطالب برونو باسترانا (24 عاماً) الجالس على سقف البرلمان لوكالة "فرانس برس": "وصلنا إلى بيت الشعب، هذه خطوة أولى لنؤكّد أنّنا لم نمت، اعتقدوا أنّنا سنتوقّف لمشاهدة كرة القدم لكن البرازيل ليست مجرد ذلك".
وفي ساو باولو تظاهر حوالى 65 ألف شخص بشكل سلمي على جادة باوليستا، ثمّ حاولت مجموعة اقتحام البرلمان المحلّي قبل إيقافها من قبل الشرطة بالغاز المسيل للدموع.
وتكرّرت مشاهد مماثلة في بورتو أليغري، كوريتيبا وبيلو هونريزونتي، وذلك خلال منافسات كأس القارات المقامة حتى 30 الحالي في عدّة مدن، وهي بمثابة التجربة لنهائيات كأس العالم، أكبر حدث كروي في العالم، العام المقبل في البرازيل.
وعلّق وزير الرياضة الدو ريبيلو: "لن نسمح أن تعطّل الاحتجاجات الأحداث التي التزمنا بتنظيمها".
وفي رغبة منها بالمهادنة، أعلنت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف الإثنين أن "المظاهرات السلمية" هي "مشروعة" وهي "جزء من الديموقراطية". وأضافت: "إنّها حقّ الشباب في التظاهر".
ويتطوّر حجم المظاهرات في وقتٍ تمرّ البرازيل فيه بمرحلة نمو حرجة وتضخّم في أسعار المواد الغذائية، وذلك بعد سنوات من التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتراجعت شعبية الحكومة 8 نقاط في حزيران/يونيو الحالي، لأوّل مرّة منذ انتخاب روسيف عام 2024، التي تبقى مرشّحة قوية لنيل أكثرية الأصوات في نهاية 2024.