وهناك من يتقنون فن التفاوض، بل ويستمتعون بممارسته. إنهم ينتمون لعينة من الأشخاص يمكنها "رفع ضغط" الطرف المقابل بحيث يحصلون على أفضل ما يمكن أن يقدمه العرض الذي يتفاوضون من أجله. لكن وعلى الرغم من وجود هذه الفئة من الناس، التي لا بد وأنك قد قابلت عددا من أفرادها، إلا أن الأشخاص الباقين لا يتقنون فن التفاوض، بل ويقومون بتجنبه قدر الإمكان ليس بسبب الخوف ولكن لنقل بسبب شعورهم بأن التفاوض سيضعهم خارج منطقتهم الآمنة .
وبصرف النظر عن مشاعر المرء تجاه خوض المفاوضات فإنه يجب أن نعلم أن التفاوض عبارة عن فن يجب أن يتقنه كل موظف مهما كان منصبه. علما بأن فن التفاوض يعتمد كليا على الكلمات التي يستخدمها أطراف التفاوض، الأمر الذي يسمى أدبيا بفن الإلقاء ولكني سأسميه فن امتلاك الحوار.
فيما يلي عدد من النصائح المهمة التي من شأنها مساعدتك على امتلاك الحوار عند التفاوض:
• كن حاسما وواضحا في طلبك: تتعدد المواضيع التي يمكن أن تشكل محور التفاوض، لكن يجب أن تعلم بأن حوالي 90 % من المفاوضات تتعلق بالمال أو الوقت، وسيجد المرء نفسه يتحدث عن الموضوعين من وقت لآخر كونهما يعتبران من الأمور القابلة للتغيير باستمرار.
على سبيل المثال لنفترض أن هناك مهمة معينة تريد من أحد الموظفين إنجازها، لذا تقوم باستدعائه وتخبره بطلبك ومن ثم تقول له "لديك 3-5 أيام لإنجاز المهمة". وهنا يكون الخطأ، فعملية منح الخيارات ليست مناسبة دائما، فأنت هنا في الواقع تظهر نفسك أمام الموظف بأنك غير حاسم في قراراتك وأن المهمة المطلوبة سهلة الإنجاز وبالتالي يمكن تأخيرها، وعلى الأرجح سيأخذ الموظف أقصى مدة منحتها له.
• اجعل هدفك عاليا: عندما يتعلق موضوع التفاوض بالمال، سواء تحديد الراتب الشهري أو المطالبة بزيادة، يجب أن يكون هدفك عاليا لكن دون مبالغة بالطبع. فعندما يتعلق الأمر بالمال، يجب أن تركز على ما يرضي طموحاتك وقدراتك وأن تترك باقي الأمور جانبا لحين تجاوز هذه النقطة. واعلم جيدا بأن أول رقم تذكره خلال تفاوضك سيكون بمثابة حجر الأساس الذي ستعتمد عليه قيمة المبلغ الذي ستحصل عليه.
• تجنب عبارة "أنا صاحب القرار الأول والأخير": هذه العبارة وإن كانت تبدو بأنها تمنح الثقة بأنك ملتزم بكلماتك سواء كنت المدير أو الشخص الباحث عن وظيفة، إلا أنها تجعلك محصورا في زاوية معينة بالنسبة للطرف المقابل لك في التفاوض وبالتالي فإنك تمنحه فرصة إجبارك على توقيع الموافقة على شروطه دون أن تكون مستعدا بالفعل لهذا. لذا فالأنسب هو أن تمنح نفسك الفرصة الكافية لدراسة العرض المتاح/المطلوب قبل الموافقة عليه.
• حافظ على هدوئك: بصرف النظر عن المحور الذي يدور حوله موضوع التفاوض فإن الطرف الذي يحصل على أكبر قدر من الامتيازات هو الأكثر هدوءا. وللوصول لهذا الأمر عليك عدم الإكثار من النظر لساعتك وعدم التذمر من أن التفاوض أخذ وقتا أكثر من المتوقع. حيث إن من أهم سبل النجاح في التفاوض هو أن تبدو بأنك تملك الوقت الكافي تماما للتوصل للاتفاق، وتذكر بأن هدف المفاوضات هو حصولك على ما يرضيك وليس الهدف الانتهاء من التفاوض فقط.
• حافظ على صفاء ذهنك: من الطبيعي أن تسعى لدخول جلسة التفاوض وأنت صافي الذهن وأن تحافظ على هذا الأمر لحين انتهاء المفاوضة. لو بدأت تشعر بأن الحديث يميل نحو التوتر فاعلم بأن أسهل شيء لخسارة المفاوضات هو السماح للطرف الآخر بإثارة غضبك بشكل يشتت ذهنك ويمكن أن يجعلك تخسر امتيازات مهمة، وليس من الحكمة أن ترضى بحدوث هذا طبعا.