تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » إليزبيث بيشوب

إليزبيث بيشوب 2024.

  • بواسطة
إليزابيث بيشوب (1911 – 1979) Elizabeth
Bishop (1911 – 1979)


شاعرة أمريكية نالت الكثير من التقدير بالرغم من شخصيتها الغامضة نوعا ما في المشهد الأدبي الأمريكي تلك الفترة. غير أن سمعتها ذاع صيتها بعد وفاتها العام 1979، لدرجة أن العديد من النقاد أمثال لاري روثر (Larry Rohter) من صحيفة النيويورك تايمز كان يشير اعتبرها واحدة من أهم شعراء القرن العشرين. لم تكن بيشوب خصبة الإنتاج بل كانت تفضل قضاء فترات أطول من العمل والتأمل لقصائدها التي لم تتجاوز 101 قصيدة منشورة خلال حياتها. قصائد تتميز بدقة الوصف للعالم المادي بذائقة شعرية صافية، كما ناقشت كتابتها قضايا الشعور بالانتماء والكفاح من أجله، بالإضافة إلى تجارب إنسانية تملأها الحزن والأشواق.

بيشوب، الطفلة الوحيدة، عانت الكثير من الاضطرابات في سن العطاء. بداية من والدها الذي توفي قبل أن تدخل أولى سنين عمرها مروراً بوالدتها التي عانت نوبات حادة من عدم الاستقرار العقلي و انتهى بها الحال في المصحة العقلية عندما كان عمر إليزابيث خمس سنوات فقط. الشاعرة لم تر والدتها مرة أخرى. وتولى رعايتها أجدادها، عاشوا لبضع سنوات في كندا ومن ثم انتقلوا إلى ماساتشوستس، حيث أرسلت إليزابيث إلى مدرسة ثانوية للبنات انتقلت بعدها إلى كلية فاسار (Vassar College).

السنوات التي أمضتها في فاسار كانت بالغة الأهمية إلى بيشوب. وهناك التقت ماريان مور (Marianne Moore)، صديقة الشاعر التي أصبح لاحقاً صديقة مدى الحياة. عملت بيشوب تلك الفترة مع فريق من الطلاب وقاموا بتأسيس المجلة لأدبية (Con Spirito) و التي أصبحت لاحقاً المجلة الرصينة (Vassar Review). بعد التخرج، عاشت بيشوب في نيويورك و تنقلت بين فرنسا ، أسبانيا ، وأيرلندا ، وإيطاليا ، وشمال أفريقيا. , ونقلت وصفاً لرحلاتها ومشاهداتها في عدد من القصائد. في عام 1938 فازت بجائزة بوليتزر عن مجموعتها الشهيرة (الشمال والجنوب) (North and South)، وفي عام 1944 ولأربعة عشر عاما انتقلت للعيش في البرازيل ، وعادت العام 1967 لتتنقل بين نيويورك ، سان فرانسيسكو ، ماساتشوستس ، حيث تولت التدريس في جامعة هارفارد في عام 1970. وفي ذات السنة نالت جائزة الكتاب الوطني في الشعر (National Book Award) لمجموعتها الشعرية الكاملة.

تزايدت سمعة بيشوب بصورة كبيرة في السنوات القليلة قبل وفاتها، ولا سيما بعد نشر (جغرافيا 3) (Geography III) 1976 وفوزها بالجائزة الدولية للأدب نيوستادت (Neustadt International Prize for Literature)

بيشوب بالإضافة كونها شاعرة كان لها تجربتها في الرسم و الفنون البصرية. على الرغم من أنها كانت تتمتع بحياة مرموقة لم تخلو من الامتيازات، إلا أنها كانت تكتب كثيراً وتحتفل بالطبقة الكادحة في المصانع المكتظة والمزارع، وقرى الصيد. هكذا صنعت بيشوب من نفسها شاعرة وكاتبة ومترجمة، وتقلدت مستشار الشعر لمكتبة الكونجرس بواشنطن (1949 – 1950)، مستشار الشرف للرسائل الأمريكية منذ بدايات 1958، حتى منصبها في جامعة هارفارد مع بدايات 1970م ، بالإضافة إلى قائمة من الجوائز والتشريفات.

فن واحد

فن الفقدان ليس صعباً تملّكه؛
بالرغم أن أشياء كثيرة تمتلئ بالمعاني
غير أن خسارتها لن تشكّل كارثة.
.
ولتفقد.. كل يوماً شيئاً ما.
ولتسلّم وترضى بفوضى مفاتيح الأبواب الضائعة،
وقضاء ساعة رتيبة.
فن الفقدان ليس صعباً تملّكه.
.
من ثم تمرّن فقداناً أبعد، فقداناً أسرع:
لأماكن ، وأسماء، وحيث كنت تنوي
أن تسافر.
كل ذلك لن يجلب الكارثة.
.
لقد فقدت يقظةَ أمي و سهَرها.
وانظر! حتى آخر وما يجاور
آخر ثلاثة منازل أحببت رحَل.
فن الفقدان ليس صعباً تملّكه.
.
لقد فقدت مدينتين جميلتين،
لطالما أحببتهما.
وأكثر اتساعاً من ذلك،
فقدت عوالم كنت أمتلكها،
قارّة و نهرين،
كم اشتقت لكل ذلك،
ولكن.. لم تقع الكارثة.
.
حتى وإن فقدت ذاتك
(بحّة ضحكتك، وإيماءتك
المحببة عندما تكذب) .
من الواضح،
أن فن الفقدان ليس من الصعب مطلقاً تملّكه،
بالرغم أن ذلك يبدو وكأنه (ولتكتب ذلك!) تماماً كالكارثة.

ترجمة د. شريف بُقنه

معجزة للأفطار

عند السادسة وبينما كنّا في انتظار القهوة،
في انتظار قهوة وكسرة خبز هنيئة
تُقدّم لنا من ثمّة شرفة
– مثل ملوك الأزمان الغابرة، أو مثل معجزة.-
كان لا يزال شيء من الظلمة.
و قدم واحدة للشمس
تمتدُّ وتستلقي على خرير نهر طويل.
.
العبّارة الأولى اليوم للتو عبرت النهر.
كان البرد قارصاً وأملنا أن تكون القهوة
دافئة، فمنذ البزوغ لا شمس
تدفئنا؛ ظننا أن كسرة خبز
ستصبح رغيفاً مدهوناً بالزبد،
على طريقة المعجزة.
في السابعة،
طلّ علينا رجلٌ من الشرفة.
.
ظلَ واقفاً لدقيقة في الشرفة
ينظرُ فوق رؤوسنا ناحية النهر.
ثمة خادم سلّمه
كل ما يلزم لصنع معجزة،
فنجاناً واحداً من القهوة
ولفة عجين، ما لبثت أن أصبحت كسرة خبز،
رأسُه، إذا جاز التعبير،
كانت في السحاب – تجاور الشمس.
.
أتراه رجل مجنون؟ ما الذي كان يحاول عمله
تحت الشمس، هناك في شرفته!
كل واحد أعطي كسرة خبز واحدة وكانت يابسة،
البعضُ ازدراها و ألقى بها في النهر،
أمّا الفنجان،
كانت فيه قطرة واحدة من القهوة.
البعضُ ظلّ في المكان،
في انتظار المُعجزة.
.
يمكنني أن أحكي ما شاهدته بعد ذلك؛
لم تكن معجزة.
فيلاّ جميلة تقبَعُ تحت الشمس
و من أبوابها تنبعثُ رائحة القهوة الساخنة.
في المقدمة،
شرفةٌ من جصّ* أبيض نقشته
عصافير كانت تعشّش على طول النهر،
– رأيتُ ذلك بعين واحدة وكانت كسرة خبز قريبة منه –
.
وصالات عرض و غرف من رخام.
كسرة خبزي هي السرايا التي أعيش فيها،
صنعَتْها من أجلي المعجزة،
منذ الأزل،
وضع حجرها حشرات و عصافير ونهر.
هكذا كل يوم، تحت الشمس،
في وقت الإفطار اجلس في شرفتي
و قدمي ممدّدتان، أحتسي جالون من القهوة.
.
كنّا نلعقُ كسرة الخبز ونبتلعُ القهوة.
وثمّة نافذة تعبر النهر لتُمسك بالشمس
كما لو أن معجزة كانت تحصُل،
على الشرفة الخطأ.

موضوع جميل ..

شكرًا لك ..

نغم .

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.