القاهرة 15 فبراير شباط (رويترز) – قال المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية اليوم الثلاثاء إنه يأمل في تسليم السلطة إلى قيادة مدنية منتخبة خلال ستة أشهر وإنه لا يرغب فيالاحتفاظ بالسلطة بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك.
والتصريحات التي بثتها وكالة أنباء الشرق الاوسط هي أوضح مؤشر منذ أن أجبر مبارك على الاستقالة يوم الجمعة على أن المجلس الأعلى ملتزم بجدول زمني قصير الأمد للوفاء بمطالب المحتجين المنادين بالديمقراطية.
وعبر بعض الزعماء العلمانيين عن بواعث قلق بخصوص إمكان ان يؤدي الاسراع باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد أن قمع مبارك أغلب انشطة المعارضة على مدى 30 عاما الى منح ميزة لجماعة الاخوان المسلمين وهي على الارجح افضل القوى السياسية تنظيما في مصر.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعرب عن أمله في تسليم "الدولة خلال الستة أشهر إلى سلطة مدنية ورئيس منتخب".
وأضافت أن المجلس أوضح أنه "لا يسعى إلى سلطة ولا يطلبها وأن الوضع الحالي فرض على القوات المسلحة أن تكون عند ثقة الشعب فيها".
وقالت الوكالة إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر قرارا بتشكيل لجنة لتعديل الدستور برئاسة القاضي المتقاعد المستشار طارق البشري.
وتابعت أن القرار يقضي بأن تنتهي اللجنة من عملها خلال عشرة أيام. ويتعين بعد ذلك إجراء استفتاء على الدستور.
ومع تردد أصداء انتفاضة مصر في الشرق الأوسط وتأثيرها على أسواق المال القلقة بشأن امدادات النفط اندلعت اشتباكات في البحرين واليمن.
واحتشد ألوف الإيرانيين المعارضين للحكومة أمس الاثنين تأييدا لانتفاضتي مصر وتونس.
والجماعات السياسية القائمة أغلبها ضعيف ومتشرذم. وجماعة الاخوان المسلمين التي لا يمكنها تأسيس حزب بموجب الدستور الذي علق العمل به ربما تكون الأفضل تنظيما لكن شعبيتها الحقيقية لم تختبر بعد.
وقالت الجماعة في بيان جديد "عندما يتحقق المطلب الشعبي بحرية تكوين الأحزاب سوف تنشيء الجماعة حزبا سياسيا."
وفي علامة على التغير في مصر اذاع التلفزيون الرسمي مقابلة مع قيادي الاخوان المسلمين عصام العريان وهو شيء ما كان يمكن تصوره في عهد مبارك.
وسبق أن أبدت واشنطن تخوفها من "اسلوب الخطاب المناهض للولايات المتحدة" الذي تنتهجه الجماعة وقالت إنها على خلاف جاد معها.
ويخطط الزعماء المطالبون بالديمقراطية لمسيرة ضخمة باسم "مسيرة النصر" يوم الجمعة للاحتفال وربما كذلك لتذكير الجيش بقوة الشارع.
وما زالت حالة عدم اليقين قائمة بشأن مدى التأثير الذي سيسعى الجيش لممارسته في إعادة تشكيل نظام الحكم القمعي الفاسد الذي يدعمه منذ ستة عقود.
ووعد الجيش بانتخابات حرة ونزيهة وعطل العمل بالدستور وحل البرلمان مفككا جزءا من النظام الذي أبقى مبارك في السلطة بعد أن حل محل أنور السادات الذي اغتاله متشددون إسلاميون عام 1981.
وقال النشط وائل غنيم وهو مدير التسويق للشرق الاوسط وشمال افريقيا في جوجل والذي اعتقل لدوره في الانتفاضة إن عضوين في المجلس الاعلى للقوات المسلحة ابلغا بعض زعماء المحتجين الشبان بعزم المجلس على اجراء استفتاء على التعديلات الدستورية خلال شهرين كمقدمة لإجراء انتخابات.
ووعد الجيش برفع حالة الطواريء التي فرضت طوال عهد مبارك الذي استمر 30 عاما. والنشطاء يصرون على تحقيق ذلك في أقرب وقت.
وكان اليوم عطلة رسمية بمناسبة المولد النبوي في الوقت الذي يسعى فيه الجيش لتهدئة الحماس الثوري واستئناف العمل في شتى انحاء البلاد. وهدأت عاصفة ترابية هبت على البلاد اليوم موجة الاحتجاجات الفئوية التي تجتاح مصر منذ استقالة مبارك يوم الجمعة.
وفي مواجهة موجة الاحتجاجات للمطالبة بمطالب طال عليها الامد لفئات مثل موظفي البنوك والمرشدين السياحيين وأفراد الشرطة وعمال الصلب وصناعات اخرى حث الجيش المصريين على العودة الى اعمالهم وعدم الحاق مزيد من الضرر بالاقتصاد.
ومع استمرار الغضب من ارتفاع الاسعار وتدني الاجور والمعاناة الاقتصادية امام الجيش مهمة صعبة لتلبية الطلبات التي أطلقتها الثورة.
وحدثت منذ استقالة مبارك احتجاجات واعتصامات واضرابات في مؤسسات مملوكة للدولة في شتى انحاء مصر بما في ذلك البورصة ومصانع النسيج والصلب ومؤسسات اعلامية والبريد والسكك الحديدية.
وقال محللون إن رفع الأجور وزيادة الدعم على السلع الأساسية من بين الخيارات التي قد يلجأ اليها الجيش لتهدئة الاضطرابات العمالية غير أن مثل هذه الاجراءات قد تضر بإصلاحات الاقتصاد الحر.
وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي "هناك حالة من الفرح والنشاط ولكن في الواقع فإن عدم التيقن أكبر مما كان من قبل."
وفي ميدان التحرير الذي شهد اشتباكات بين المحتجين والشرطة خلال الانتفاضة سارت حركة المرور بشكل طبيعي اليوم بينما اتخذت دبابات الجيش وعرباته المدرعة مواقعها حول الميدان وفي مواقع أخرى في القاهرة واحاطت بها اكياس الرمل.
ولم يشاهد مبارك (82 عاما) منذ تنحيه. ويعتقد انه في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر حيث ما زال بعض السياح يقضون عطلاتهم رغم الاضطرابات.
ومع غياب مبارك عن العاصمة تناقل المصريون شائعات عن صحته. وقال البعض إنه في غيبوبة وقال آخرون انه ذهب للعلاج في المانيا حيث أجريت له جراحة في مارس آذار الماضي.
لكن مصدرا مقربا من الأسرة قال "إنه في شرم الشيخ. وأعلم بشكل مؤكد أنه في حالة صحية جيدة وهو مع أسرته."
وقالت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أمس الإثنين إن مصرت طلبت منها تجميد أموال مسؤولين سابقين. وقالت باريس وواشنطن إن قائمة هؤلاء المسؤولين لا تشمل مبارك.
(شارك في التغطية مروة عوض وادموند بلير والكسندر جاديش وشيماء فايد واليستير ليون وشيرين المدني وتوم بيري واندرو هاموند وياسمين صالح وباتريك وير وجوناثان رايت وبيتر ميلرشيب ودينا زايد)
في حفظ الله ورعايته