( إنَّا إذا ما ليلُ نجدٍ عسعسا *** وغربت هذي الجواري خُنَّسا
والصبح عن ضيائه تنفَّسا *** قمنا نؤدِّي الواجب المقدَّسا
ونقطع اليوم نناجي الطُّرُسا *** وننتحي بعد العشاء مجلسا
موطَّداً على التقى مؤسَّسا *** في شِيخةٍ حديثهم يجلو الأسى
وهمم غُرٌّ تعاف الـَّنسا *** وذممٌ طهر تجافي النَّجَسا
يُحْيُون فينا مـالكاً وأنسا *** والأحمدين والإمام المؤتسا (4)
بوركتِ يا أرضٌ بها الدين رسا *** وَأَمِنَتْ آثـاره أن تَدْرُسا
والشرك في كلِّ البلاد عرَّسا *** جذلان يتلو كُتْبَه مُدرِّسا
مصاولاً مواثباً مفترسا *** حتى إذا ما جاء جَلْساً جَلَسَا (5)
منكمشاً مُنخذلاً مقْعَنسسا *** مُبَصْبصاً قيل له اخْسأْ فخسا
شيطانه بعد العُرَام خنسا *** لما رأى إبليسه قد أبلسا
ونُكِّستْ راياته فانتكسا *** وقام فـي أتباعه مبتئسا
مُخَافِتاً مِنْ صوته محترسا *** وقال إنَّ شيخكم قد يئسا
من بلد فيها الهدى قد رأسا *** ومعْلَمُ الشرك بها قد طُمِسا
ومعهدُ الـعلم بها قد أسسا *** ومنهلُ التوحيد فيها انبجسا
يا عمر الحَقِّ وقيتَ الأبؤسا *** ولا لقيت – ما بقيت – الأَنْحُسا (6)
لك الرضى إنَّ الشباب انتكسا *** وانتابه داءٌ يحاكي الهَوَسَا
وانعكستْ أفكاره فانعكسَا *** وفُتحت له الكُوَى فأسلسا
فإن أبت نجدٌ فلا تأبى الحسا *** فاقْسُ على أشْرَارِهم كما قسا
سميُّك الفاروق (فالدين أُسى) *** نَصرُ بْن حجَّاج الفتى وما أسا
غـرَّبَـهُ إذ هتفتْ به النِّسا *** ولا تُبال عاتِباً تغطرسا
أوْ ذا خَبالٍ للخنا تَحَمَّسا *** أو ذا سُعارٍ بالزِّنَى تَمرَّسا
شيطانه بالمُنديات وسوسا *** ولا تُشَّمِّت مِنهمُ من عطسَا
يا شَيْبَةَ الحَمْدِ رئيس الرُّؤَسَا *** وَوَاحِدَ العصرِ الهُمَامَ الكَيِّسَا (7)
ومفتيَ الدِّينِ الذي إنْ نَبَسَا *** حَسِبْتَ في بُرْدَتهِ شيخَ نَسَا
راوي الأحاديثِ مُتُوناً سُلَّسَا *** غُرّاً إذا الراوي افترى أو دَلَّسَا
وصَادِقَ الحَدْسِ إذا ما حَدَسَا *** ومُوقِنَ الظَّنِّ إذا تَفَرَّسَا
وصادعاً بالحقِّ حين هَمَسَا *** به المُرِيبُ خائفاً مُخْتَلِسَا
فتحتَ بالعلمِ عيوناً نُعَّسَا *** وكان جَدُّ العلم جَداً تَعِسَا
وسُقْتَ للجهل الأُسَاَة النُّطُسَا*** وكان داءُ الجهلِ داءً نَجَسَا
رمى بك الإلحادَ رامٍ قَرْطَسَا *** وَوَتَرَتْ يد الإلهِ الأَقْوُسَا
وجَدُّكَ الأعْلَى اقْتَرَى وأَسَّسَا *** وتركَ التَّوحيدَ مَرْعِيَّ الْوَسَا (8)
حَتَّى إذا الشركُ دَجَا وَاسْتَحْلَسَا *** لُحْتَ فكنتَ في الدَّيَاجِي القَبَسَا
ولم تَزَلْ تَفْرِي الْفَرِيَّ سَائِسَا *** حتى غدا الليلُ نهاراً مُشْمِسَاً )
انظر الأرجوزة كاملة – مع شرح غريبها – في " آثار الإبراهيمي " ( 4 / 126 – 130 )
وقال في قصيدة أخرى إلى بعض علماء نجد – أيضا- :
( قد كنت في جِنِّ النَّشَاط والأشرْ *** كأنَّني خرجتُ عَن طورِ البَشَر
وكنت نَجْدِىَّ الهوى من الصغرْ *** أهيمُ في بَدْر الدُّجى إذا سَفَرْ
وقائدي في الدين آيٌ وأَثَر *** صَحَّ بَرَاوٍ ما وَنَى وَلا عَثَر
وَمَذهبي حُبُّ عَلِيٍّ وَعُمَر *** والخلفاءِ الصَّالحين في الزُّمرْ
هذا وَلا أحْصُرُهُمْ في اثني عَشَر * لا ولا أَرْفَعُهمْ فوق البّشر
وَلا أنَالُ وَاحداً مِنهم بِشَرْ *** ( وشيعتي في الحاضرينَ ) مَنْ نَشَر
دَينَ الهُدَى وذبَّ عَنهُ وَنَفَر *** لِعِلْمِهِ وَفـقَ الـدَّليل المُستَطَرْ
حَتَّى قَضَى من نُصْرة الحقِّ الوطر *** هم شِيْعَتِي في كلِّ ما أَجدَى وضَرْ
وَمَعشَري في كل ما ساءَ وَسَرّ *** وَعُصبتي في كلِّ بدوٍ وحضَر
أمَّا إذا صَبَبْتُ هذه الـزُّمر *** في وَاحدٍ يجمعُ كلَّ ما انتثر
(فَخُلَّتِي مَنْ بينهم أخٌ ظهَرْ ) *** في الدَّعوةِ الكُبرى فَجَلَّى وبَهَرْ
وَجَال في نَشرِ العُلُومِ وقَهَرْ *** كَتَائبَ الجَهل المغيرِ وانتصر
( عبداللطيف ) المُرتَضَى النَّدبُ الأبر *** سُلالَةُ الشَّيْخ الإمام المُعْتَبرْ (9)
مَنْ آلِ بيت الشيخِ إنْ غابَ قمرْ *** عَنِ الوَرَى خَلَفهُ منهم قَمَرْ
فَجَدُّهم نَقَّى التراب وبَذَرْ *** ولَقِيَ الأَذَى شديداً فَصَبَرْ
على الأذى فكان عُقبَاه الظَّفَر *** والابنُ والى السَّقيَ كي يَجْنِي الثَّمَرْ
( وإن أحفادَ الإمام ) لَزُمَر *** ( محمدٌ ) من بينهم حَادِي الزُّمَرْ (10)
تقاسموا الأعمالَ فاختصَّ نَفَرْ *** بما نهى محمدٌ وما أمـرْ
واختص بالتعليمِ قومٌ فازْدَهَر *** يبني عقولَ النشءِ مِن غَيرِ خَوَرْ
قادَ جيوشَ العِلمِ لِلنَّصرِ الأغَر *** كالسورِ يعلو حجراً فوقَ حجرْ )
إلى آخر الأرجوزة الماتعة ، التي تجدها في " الآثار " ( 4 / 131 – 134 )
(5) جلس : بلاد نجد ، قاله في " القاموس المحيط " ( ص 560 ط دار الكتب العلمية ) .
(6) يريد صاحب الفضيلة الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ – رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آنذاك – رحمه الله – .
(7) يريد سماحة المفتي الأكبر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ – رحمه الله – .
(8) جدك الأعلى : يريد به الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – .
(9) يعني به الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ ، وبالإمام المعتبر : الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
(10) يعني به الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .