العاصفة الكيميائية … الحرب الاقليميّة
تراوح الازمة السورية منذ اشهر امام احتمالات ثلاثة: ان يتنحى الاسد وفقاً لخطة كوفي انان عن الانتقال السياسي، او ان تذهب سوريا الى حرب اهلية طويلة، او ان ينتقل الى الجبال الشمالية لاعلان دولته العلوية من اللاذقية.
بعد الانفجار الذي اطاح الرأس الامني للنظام وانتقال القتال الى احياء دمشق العاصمة السياسية التي قال الجيش انه استعادها، والى احياء حلب العاصمة الاقتصادية، وبعدما بات ظهرالنظام الى الحائط كما قيل، برزت فجأة عاصفة الاسلحة الكيميائية والجرثومية لتفتح صفحة جديدة في الصراع زادت الخوف من تحول القتال حرباً اقليمية تنجرّ اليها دول من الاقليم ومن خارجه!
المثير ان العاصفة الكيميائية انطلقت بتعمد واضح من النظام الذي لم يكن يقر بوجود هذه الاسلحة لديه، وهو ما ساعد على تأجيج كل ما قيل عن ان سقوط النظام سينسف التوازن الاستراتيجي في المنطقة وسيدمر اربعة عقود من الجهود الايرانية التي اقامت "حلف الممانعة والمقاومة".
والمفارقة ان اثارة النظام مسألة الاسلحة الكيميائية كانت بدافع التحذير من تدخل خارجي يساعد في انهاء الازمة وفقاً لنظرية الانتقال السياسي، لكن هذا سرعان ما اثار زوبعة دولية اكدت وجود استعدادات عملية للتدخل ليس حرصاً على مستقبل سوريا بل خوفاً من انتقال هذه الاسلحة كما قيل الى "حزب الله" او الى عناصر التطرف ورجال "القاعدة"! ومنذ ثلاثة ايام لا تتحدث الانباء إلا عن تأهب عسكري اقليمي ودولي لمنع الاسد من استعمال هذه الاسلحة في الداخل، وكذلك لمنع نقلها الى الخارج او انتقالها الى مجموعات من المتطرفين في الداخل.
ولم يتوقف الامر عند حدود التحذير بل تزايدت الانباء عن استعدادات وخطط للتدخل إما لتدمير هذه الاسلحة في عملية جراحية اسرائيلية – اميركية، وإما لوضع اليد عليها والحيلولة دون وقوعها في ايدي المتطرفين عبر عمليات دقيقة منسقة اقليمياً ودولياً تنفذها قوات تركية واردنية. ووفقاً لتقرير مؤسسة "مابلكروفت" المتخصصة بتقويم المخاطر، فان اميركا و18 دولة اخرى تشارك منذ ايار الماضي في تدريبات عسكرية لتنفيذ خطة "الاسد المتأهب" التي قد تستند الى دور اساسي للقوات الاردنية الخاصة بهدف تأمين مخزون الاسلحة المذكورة.
ومع اعلان طهران انها وحلفاءها سيوجهون ضربات حاسمة لاعداء سوريا، وان الشعب السوري واصدقاء سوريا لن يسمحوا بتغيير النظام و"ان جبهة المقاومة لم تدخل الحلبة بعد واذا دخلت فستوجه ضربات حاسمة لجبهة العدو وخصوصاً العرب المكروهين "(هكذا بالحرف العرب المكروهين!)، يتبين ان النظام اصبح على الحافة وان هذه الحافة يمكن ان تقود الى حرب اقليمية واسعة لان الصراع بات على هوية "الشرق الاوسط الجديد" كما اشار السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير!
راجح الخوري
: النهار " اللبنانيّة
27 | 7 | 2024