بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لل والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في مبدأ القول يقال: إن كلمة (السعادة) لها رنين خاص في السمع، يصاحبها شعور وجداني هترجمته : إن هذه الكلمة محببة في النفوس، وحصول مُقتضياتها من أعظم الأماني وهذا كما يُقال: (لا يتنازع فيه اثنان ولا يتناطح فيه كُبشان) .هذا لا إشكال فيه وإنما يبقى الإشكال في مفهوم حقيقة السعادة.
فمفهوم السعادة [ ] عند غير المسلمين هو توفر المأكل والمشرب والمركب والمأوى بغض النظر إلى ما عداها وهذا المفهوم يَردُ عند شريحة كبيرة من المسلمين والمصيبة أنهم جعلوا هذا المفهوم الذي يشمل بعض معنى السعادة [ ] جعلوه مفهوما كليا للسعادة بل لحقيقة السعادة، وهنا مكمن الخطأ.
وبيان ذلك من وجوه، أهمها وجهان:
أولاً: أن كثير ممن توفر لهم ما سبق ذكره من مأكل … الخ، يعيشون في قلق نفسي وصداع داخلي يؤكد هذا ويقرره ما يُسمع ويُقرأ من حوادث الانتحار والاغتصاب والسلب المستمرة آناء الليل وأطراف النهار، وهذا في بلاد الكفر خاصة، وفي بعض دُول الإسلام التي جرفها تيار التغريب عامة.
ثانياً: أن ذلك المفهوم للسعادة مقتصر على الأمور الظاهرة دون الأمور الباطنة، وهنا خلل كبير .وإذا كان ذلك فأي سعادة يشعر بها من مَلَك الأموال والمراكب الفارهة والقصور الواسعة وهو يشعر بالضيق والكآبة ؟ وأي سعادة يشعر بها من لا همّ له ولا هدف إلا جمع الدرهم والدينار، يفرح لقربها ويحزن لبعدها ؟ بل أي سعادة يعيشها إنسان أخشى ما يخشاه الموت [ ] لأنه بزعمه قاطع ملذاته وشهواته؟ إنّ هذا لشيء عُجاب! بعد هذا العرض الميسر يطرح سؤال نفسه: ما مفهوم حقيقة السعادة؟ وهنا محط الركب وبيت القصيد.