تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » سيدة القصر / أجاثا كريستي

سيدة القصر / أجاثا كريستي 2024.

  • بواسطة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

البارت ( 1 )

قالت مضيفة الطائره :
أرجو أن تشدوا أحزمتكم ..
وتباطأ ركاب الطائرة في النزول على طلب المضيفة فقد كان هناك شعور عام بأن الطائرة لا يمكن أن تكون قد وصلت إلى مطار ( جنيف ) .
وكررت المضيفة طلبها :
شدوا أحزمتكم .. أرجوكم .
ثم جاء صوت القائد الطائرة في المذياع موضحا باللغات الألمانية والفرنسية ولانجليزية أنهم قادمون على فترة من الاحوال الجوية السيئة .
وتثاءب السير ستافورد ناي وعتدل في مقعده .. كان مستغرقا في نوم عميق وكان يحلم في نومه بأنه يصيد السمك في احد الانهار الانجليزية حين أيقظه صوت قائد الطائرة .
كان ستافورد ناي يناهز الخامسة والاربعين من العمر متوسط الطول أملس البشر حليق الوجه يحرص في ثيابه وتصرفاته على أن يلفت إليه الأنظار .
وكان أحب ثيابه في أسفاره عباءة كتلك التي يرتديها قطاع الطرق . سبق أن ابتاعها في كورسيكا .. وكان لونها أزرق قاتما .. وبطانتها قرمزية . ويتدلى منها غطاء للرأس يمكن استخدامه توقيا للتيارات الهوائية .
وكان السير ستافورد ناي مخيبا للامال التي عقدت عليه في السلك الدبلوماسي ولم يحقق ما كان متوقعا له في شبابه . إذ كانت تعتريه نوبة مرح الشيطانيه ودعابة خبيثه حين يجد الجد .
وكان شخصيه معروفة في الحياة العامه .. وإن لم يبلغ قمة المجد والشهر . وكان رأي الناس في ستافورد ناي أنه لن يقدر له على الرغم من توقد ذكائه أن يكون الرجل الامن الوداع وبالذات في هذه الأيام المعقده العلاقات الخارجيه المتشابكة الاتجاهات السياسيه الامر الذي أدى إلى استبعاده من مناصب السفراء وإن عهدوا إليه من حين الاخر ببعض المهام التي تتطلب اتقان فن الدس والتامر ولم تكن من الاهميه بمكان . وكان الصحفيون ينعتونه بأنه جواد الدبلوماسية الأسود .
ولم يكن أحد يعلم ما إذا كان السير ستافورد نفسه راضيا عن علمه من عدمه .
ولعله لم يكن يدري من أمر نفسه شيئا . فلقد كانت للرجل نواحي غروره كما كان يطيب له أن يوغل في الإضرار بالناس ارضاء لنزواته .
وكان الرجل عائدا بعد الفراغ من تقصي الحقائق في الملايو . وكان يرى أن هذه المهمه تفتقر إلى التشويق وذلك الأن زملاءه كانوا قد بينوا النيه مسبقا عما سينتهون إليه من اراء مهما يكن من أمر ما يشاهدون أو يستمعون .
وكان بوده لو بعث في أعمال اللجنه الحياة أو أثار في أذهان سائر الأعضاء ما ينحرف بهم عما التزموا به . وحتى مسنر تاتانيل ادج المعروفه بنزواتها لم تكن لتخلف عن زملائها .
وكان قد التقى بها من قبل في بعثة لحل مشكلة في إحدى عواصم دول البلقان .
انتهى البارت الاول
اتمنى اعجابكم

بداية شيقة جداً وممتعة كثير
ننتظر البارت الجديد على أحر من الجمر
رح أكون من متابعين الرواية بإذن الله
يعطيك العافية أخي
ﻳﺴﻠﻤﻮﻭ ﺍﺧﺘﻲ
ﻣﻨﻮﺭﻩ
ﻳﻌﻂﻴﻚ ﺍﻟﻒ العافيه
ألمحت بعض الصحف إلى ما كان من علاقة بين وجود السير ستافورد ناي في تلك العاصمة البلقانية وبين ما أثير من مشكلات في البلقان . كما تحدثت عن مهمته السرية البالغة الدقة .
وقد بعث أحد الأصدقاء بنسخه من هذه الصحيفة إلى السير ستافورد ناي للاطلاع عليها ولكنه لم يفاجأ بما ورد بالصحيفة بل انفرجت شفتاه عن ابتسامه الرضا و السرور . كما طلب له أن يلمس مما نشر مدى بعده عن الواقع وما تردى فيه الصحفيون من خطأ . فلقد كان وجوده في ( صوفيا جراد ) راجعا إلى اهتمام إحدى صديقاته القدامى ليدي لوسي كليجهورن اهتماما ملحا ببعض الزهور البريه النادرة ورغبتها الشديدة في اقتناء بعضها .
وعاد صوت المضيفة يتردد في المذياع الطائرة لينبىء المسافرين بأنه بسبب كثافة الضباب في جنيف فقد تقرر التحول بمسار الطائرة إلى فرانكفورت حيث تستأنف الرحله بعدئذلإلى لندن .
وكان الجو في استراحة المسافرين بقطار فرانكفورت دافئا مما حدا بسير ستافورد ناي إلى التخلي عن عباءته وجلس يحتسي قدحا من الجعة ويستمع بأذن غير واعيه لمختلف الاذاعات عن المواعيد قيام الطائرات إلى شق عواصم العالم .
وراح يتطلع بعينه فيما حوله من أثاث وأناس استقرت عيناه اخيرا على الوجه الجالس الى جانبه على الاريكة .
فقد بدا له انه زجه مألوف لديه وان كان لم يذكر أين ومتى التقى بصاحبته إنها لا تتجاوز السادسه والعشرين من عمرها ولها أنف اقنى جميل وشعر أسود غزير .
أما هي فإنها راحت تتفرس في وجهه وقد نحت المجلة التي بيدها جانبا وبغته بادرته قائله بصوتها الموسيقي وفي لكنة اجنبيه خفيفه : هل يمكن أن نتجاذب اطراف الحديث¿
وراح يتأملها قبل يجيب ولما اطمأن إلى أنها ليست من ذلك الطراز من النساء أجاب : ولم لا ¿ لدينا متسع من الوقت فيما يبدو .
ضباب في كل مكان ضباب في جنيف وضباب في لندن لست أدري ماذا افعل
هوني عليك أنهم يقدرون مسؤولياتهم إلى أين تذهبين ?
كنت ذاهبهلإلى جنيف
انهم سيحملونك إليها فورا فإذا حدث هذا كان شيء على ما يرام ثمه سيلتقي بي هناك وبهذا يمكن أن أصبح في أمان .
أمان ?
وابتسم قبل أن يسمعها تقول له :
إن الأمان كلمة من أربعة أحرف ولكنها تعني الكثير في أيامنا هذه وتعني الكثير بالنسبه الي بذات . فإذا لم يتسن لي السفر إلى جنيف واضطررت إلى مغادرة هذه الطائره هنا أو اضطررت إلى أن أذهب بها إلى لندن دون الاعداد لذلك فإني اعرف ان القتل سيكون مصيري .. أظن أنك لا تصدق هذا .
الحقيقه أني لا اصدق
ولكنها الحقيقه المرة هناك مئات من الناس يقتلون كل يوم .
ومن ياترى يريد لك هذا المصير ?
وهل يغير هذا من الواقع شيئا ?
كلا !
لك أن تصدقني إذا ما أردت ذلك أني بحاجه ماسة إلى من يساعدني على السفر إلى لندن في أمان .
ولماذا وقع اختيارك على لأكون هذا الرجل ?
لأني أعتقد انك تعرف شيئا عن الموت وربما قدر لك أن تشهد لحظه من لحظاته .
فتأملها بنظره فاحصه ثم قال :
وهل ثمة سبب اخر ?
فمدت يدها تلمس طيات معطفه الفضفاض قائله :
أجل هذا .
ولأول مره أثارت اهتمامه فسألها :
والان ماذا تعنين بقولك هذا ¿
أنه رداء غير عادي مميز الطابع . أنه مما لا يرتديه الكثيرون .
هذا حق أنهحإحدى هواياتي.
وهي هوايه يمكن أن أنتفع بها .
ماذا تعنين ¿
انني سأسألك شيئا وقد ترفض ولكني لا اظن أنك ستفعل لأني اعتقد أنك رجل تحب المخاطره مثلي تماما .
فانفرجت شفتاه عن ابتسامه باهته وقال :
اني مصغ إليك .
إني بحاجه الى هذه العباءة وبحاجه الى جواز سفرك كما أني بحاجه إلى تذكره سفرك الى لندن إنهم سيعلنون في مدى عشرين دقيقه تقريبا عن قيام الطائره المتجهة الى لندن ولسوف أركب هذه الطائره بجواز سفرك مرتديه عباءتك وبهذا اصل إلى لندن في أمان .
تعنين أنك ستنتحلين شخصيتي .
ففتحت حقيبه يدها لتخرج مراه صغيره وقالت : تأمل وجهك ثم تأمل وجهي لتتبين مدى ما بيننا من تشابه .
تطلع إلى وجهها فرأى أنه وجه مألوف لديه.
انها تشيه شقيقته باميلا التي توفيت منذ عشرين عاما . لقد كان الشبه بينهما كبيرا قال :
اني ادرك ما تعنين غير أن هذا لن يخدع احدا .
بكل تأكيد ولكنك لم تفطن بعد لما أعتزم عمله . إنك تسافر واضعا القلنسوة فوق رأسك حول وجهك ان
كل ما علي أن افعله هو أن اقص شعري واغلفه باحدى الصحف ثم القي به في سلة المهملات وبعد ذلك ارتدي معطفك . وأتسلم تذكرتك وجواز سفرك . واستقل الطائره منتحله شخصيتك وما لم يكن هناك من هو على معرفه وثيقه بك بتلك الطائره الامر الذي استبعده فإن كل شيء سيكون على ما يرام
ولسوف أحرص على أن تخفي القلنسوة معظم قسمات وجهي فيما عدا انفي وعيني وفمي وهي التي يتركز فيها الشبه بيننا . فسأغادر الطائره في أمان بعد وصولها الان أحدا لا يعرف أني كنت مسافره بها فسأمضي في طريقي قدما متخذه من زحام لندن ستارا .
فابتسم السير ستافورد وقال متسائلا :
وما هو المطلوب مني ?
عليك ان تنهض من مكانك هذا وتتوجه لشراء مجله او صحيفه او هديه بقاعة المبيعات ولسوف تترك عباءتك فوق مقعدك فإذا ما قفلت راجعا اتخذت لك مقعدا اخر فسيكون امامك هذا القدح فسيوضع به ماده مخدره .
وبعد ?
فسعرف الناس أنك كنت ضحيه لمخدره سلبت في اثره حافظه نقودك بجميع ما بها من اوراق فسيكون من السهل عليك أن تثبت شخصيتك .
هل تعرفين من أنا
كلا ليس بعد إني لم أطلع على جواز سفرك بعد ولا أعرف من عساك تكون .
ومع ذلك تقولين إن اثبات شخصيتي لن يعتذر علي .
في مقدوري أن أحكم على الناس من مظهرهم ولذلك تجدني واثقه من أنك شخصيه لها قدرها .
وماذا يدعوني الى الإقدام على هذا كله ?
لتنفذ حياة امرأه في خطر.
ألا ترين معيي القصه بعيده عن التصديق ?
بلى فليس من اليسير تصديقها اتراك اقتنعت بها ?
فتأملها عن كثب قائلا :
اراك بمثابه الجاسوسه الحسناء في قضيه مثيره .
ربما ولكني لست حسناء
ولست بالجاسوسة ?
ربما انطبق عبي هذا الوصف اذ لدي بعض المعلومات . معلومات أريد الاحتفاظ بها معلومات لها قيمتها في نظر بلادك .
ألا ترين أن فيما قلت مبالغه لا تتفق والمنطق السليم ?
بلى . ولكننا في العصر لا يستبعد في شيء .
وعاد يتأملها انها تشبه باميلا شقيقته الى حد يعيد .
ان فيما تعرضه عليه ما يثير السخريه أولا وما ينزلق المرء إلى مهاو من المخاطرة ثانيا .
وهذا هو بالذات ما يثير فضوله لأن فيه الكثير مما يتفق مع ميوله ونزواته وأخيرا بادرها قائلا :
بودي لوعرفت ماذا يعود علي من قبول عرضك ?
فتفرست فيه مليا وهي تقول :
الإثاره مجرد التغيير والخروج عن المألوف إنه ترياق للسأم ومهما يكن أمر فالكلمه العليا والاخير لك.
وماذا عن جواز سفرك ? هل يتعين علي أن أنتحل شخصيه امرأه وأبتاع شعرا مستعارا ?
كلا . إنك لن تحل محلي لن تكون بك حاجه لشيء من هذا بعد أن تعلن حقيقه شخصيتك وانك قد خدرت وسلبت عليك أن تحزم أمرك فليس ثمه متسع من الوقت وعلي أن أعد نفسي لما هو ات .
لك ما تريدين إني لا استطيع أن أرفض كل ما هو غير عادي مما يعرض لي من أمور
كنت أرجو ان يكون هذا رأيك .
واخرج ستافورد ناي جواز السفر من جيبه ووضعه غي جيب معطفه فضفاض . ثم نهض عن مقعده يتثاءب ويتطلع فيما حوله والقى نظره على ساعته واتجه الى جناح المبيعات حيث ابتاع بعض هدايا الاطفال وكتابا مغلفا وقفل راجعا الى حيث تركه فالتقطه ليفرغ محتوياته في جوفه وكان مذاقه لا يختلف في شيء عن مذاقه قبل أن يوضع به المخدره .
ومشى عبر القاعه الى ركن بعيد منها وهو في عجب من كل ما حدث ويحدث واتخذ مجلسه بجوار عائله كان افرادها يضجون بالضحك وهم يتجاذلون أطرف الحديث واسند رأسه الى ظهر المقعد وهو يتثاءب .
وبعد شرع في تصفح كتابه شعر برغبه شديده في النوم .. وسمع عن صوت المذيع يعلن عن قرب إقلاع طائرته المسافر الى لندن _ الطائره رقم 309 .
وبين صفوف المسافرين الذين نهضوا مسرعين عقب سماعهم المذياع شوهد رجل متوسط الطول يرتدي عباءه زرقاء داكنة تكشف ثنياتها عن بطانتها الحمراء وقد غطى رأسه بقلنسوه أخفت معظم وجهه.
وبعد أن أبرز الرجل تذكره سفره اجتاز الباب رقم 9 ثم سمع صوت المذياع يعلن :
هل للانسه دافن تيودوفانوس المسافره الى جنيف ان تتفضل بالحضور الى مكتب الطيران إن المسافرين الى جنيف سيصلون إليها عن طريق أثينا إن الطائرة تتأهب الان للاقلاع .
وتوالت النداءات لمختلف المسافرين الى اليابان . ومصر . وجنوب افريقيا وكان من بين المسافرين الى جنوب افريقيا مستر سدني كوك الذي دعي للتوجه الى مكتب الطيران حيث توجد رساله له .
وفي ركن من المكان كانت فتاة صغيره تتامل ذلك الرجل الذي يغط في نومه مسندا رأسه الى ظهر مقعده وممسكا بدميه لحيوان اللاما .
ومدت الفتاه الصغيره يدها صوب اميه .
نهرتها أمها قائله : جوان اياك ان تفعلي هذا ان السيد مستسلم للنعاس .
ترى ماهي وجهته ?
ربما كانت استراليا ايضا كما هي وجهتنا .
وهل له ابنة صغيره في مثل عمري ?
اعتقد هذا
وتأملت الفتاه الدميه في حسره وكان السير ستافورد ناي مازال يغط في نومه مستمتعا بأحلامه المختلفه ولم يكن قد سمع اعلانات المذياع غير أولها الخاص بمس دافن تيودوفانوس ثم استسلم لنوم عميق .
انتهى البارت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.