في مستهل الأيام الأولى من الضربات الجوية في سوريا تكشف البيانات الأميركية عن تدمير مصاف عديدة ومنشآت ومبان حكومية، بينما تكاد لا تذكر خسارة آليات تنظيم داعش وعتاده.
في تعليقه على الأمر وعد المتحدث بإسم البنتاغون بتفادي ضرب البنى التحتية في المدى المنظور، وقال إن الجيش الأميركي هو في مرحلة تقويم أهدافه، لكنه رأى ضرورة تدمير هذه الأهداف لتحجيم "داعش".
الخبراء العسكريون يأخذون على القيادة العسكرية الأميركية أنها تنتمي لمدرسة إستخدام مطرقة ثقيلة لقتل بعوض، لكن أثناء غزو العراق إتهمها خبراء مناهضون للحرب بأنها تتعمّد تدمير الإقتصاد والمنشآت الحكومية من دون سبب عسكري، إنما في إطار القضاء على بقايا الدولة، ومن ثم ضمان إنهيارها إلى أمد غير منظور.
في هذا السياق قد يكون التدمير الممنهج في سوريا إستهدافاً للقضاء على الدولة، فإستراتيجية الرئيس الأميركي تجنبت الحديث عن الحفاظ على الدولة وعن وحدة الأراضي السورية على الرغم من حديث الإدارة الأميركية بأن الدرس الأهم الذي تعلمته في العراق هو ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة.
قد يكون عدم الوضوح في هذه الإستراتيجية جزءاً لا يتجزأ من الإستراتيجية التي تضمر أكثر مما تعلن، فهي تتذرع بمواجهة تنظيم داعش من دون أي توقعات مرتقبة بشأن ملء الفراغ إذا نجحت المواجهة، إنما يوحي الرئيس الأميركي بأنه يعوّل على ما يسميه معارضة معتدلة ستأتي يوماً إلى سوريا لمواجهة "داعش" والحكومة السورية معاً.
في المدى المنظور لا يوجد على الأرض غير الجيش السوري لملء الفراغ، إذا كانت قوات التحالف ستبقى ملتزمة بعدم خوض حرب برية. وربما لا يتوقع أوباما حصول فراغ وأن تقتصر الضربات الجوية على إضعاف "داعش" لكن في الحالة هذه قد تقتصر إنجازات واشنطن على تدمير البنى التحتية في سوريا وربما يظل "داعش" كالشجرة التي تغطي الغابة.