صناديق الأصوات …والجثث
إنها ايام الصناديق، صناديق هنا تحتوي على قطاف الديموقراطية ورغبة الشعب، وصناديق هناك تحتوي على الاقنعة وتعمية الديموقراطية، وصناديق هنالك تحتوي على الدمى او على الجثث!
اولا: في فرنسا كان قطاف مشرف للديموقراطية، لأن الانتخابات الرئاسية لم تكن تأكيدا متكررا لعمق احترام ارادة الشعب، حيث خرج رئيس للجمهورية ودخل رئيس جديد بفارق اقل من 2%، بل كانت بمثابة ادانة غير مباشرة لعمليات انتخابية جرت على سبيل المثال في روسيا وسوريا. ثم ان الرئيسين، المنتصر والمنهزم، اشادا بارادة الشعب وانحنيا امامها وتعهدا خدمة "فرنسا السعيدة التي لا تحني رأسها"!
ثانيا: في سوريا لم يكن الاهتمام منصبا على صناديق الاقتراع بل على الصناديق التي توصل القتلى الذين سقطوا الى مثواهم الاخير، لكن النظام لم يتردد في القول ان الانتخابات كانت ناجحة وانها تشكل بداية للعملية الاصلاحية، في حين رأت المعارضة انها "انتخابات مهزلة"، لأن من الواضح انه من المستحيل اجراء انتخابات في بلد غارق في النار وحمامات الدم منذ اكثر من 13 شهرا.
كان من المثير ان تعلّق صحافة دمشق على الانتخابات الفرنسية بالقول: "نيكولا ساركوزي وألان جوبيه الى مزبلة التاريخ"، في حين كان وصف باريس للانتخابات السورية من ضمن الاجماع الدولي تقريبا، على انها "مهزلة شنيعة… ومزحة سمجة".
واذا كان من المعتاد ان يرسل العالم فرق المراقبين الى الدول الحديثة الديموقراطية لمراقبة نزاهة الانتخابات وحياد السلطة، فإن المراقبين الدوليين في سوريا يسعون عبثا على ما يبدو لوقف نشاط الصناديق الاخرى التي تحمل القتلى الى المقابر، فقد سقط في يوم الانتخاب 30 قتيلا واعتبر الامر تراجعا مشجعا في عدد الضحايا!
وعندما تجري الانتخابات في سوريا وسط النار ومع دعوة السعودية المتكررة رعاياها الى المغادرة خوفا من الوضع الامني، ويقول رجب طيب اردوغان للاجئين السوريين داخل تركيا: "ان انتصاركم ليس بعيدا وقوى الرئيس بشار الاسد تنهار يوما بعد يوم" فمن الطبيعي ان يكون الاهتمام في سوريا وخارجها منصبا على صناديق القتلى لا على صناديق الاصوات في الانتخابات التي ينتقدها الجميع!
ثالثا: في روسيا شاهد العالم صورة صارخة عن الصناديق التي احتوت على تعمية سافرة لروح الديموقراطية التي باتت اسيرة "القيصرية البوتينية" التي تشكل مزيجا من طغيان ممارسات تحالف اغراء المال مع سطوة الامن على ارادة المواطنين.
وهكذا عاد فلاديمير بوتين مرة ثالثة وعبر التفاف ممجوج على الدستور، الى الرئاسة وانسحب شريكه دميتري ميدفيديف الى رئاسة الحكومة مرة جديدة في حين يبقى المعارضون في الشوارع وكأنهم كما سبق لبوتين ان وصفهم، مجرد "كوندوم" اي واقيات ذكرية. فبينما كان "القيصر" يعتلي العرش في ابهة امبراطورية كان رجال الامن ينهالون بالهراوات على هؤلاء المتظاهرين الذين وقفوا في ساحة بولوتنايا صارخين: "توقف عن الكذب والسرقة"!
إنها ايام الصناديق، صناديق هنا تحتوي على قطاف الديموقراطية ورغبة الشعب، وصناديق هناك تحتوي على الاقنعة وتعمية الديموقراطية، وصناديق هنالك تحتوي على الدمى او على الجثث!
اولا: في فرنسا كان قطاف مشرف للديموقراطية، لأن الانتخابات الرئاسية لم تكن تأكيدا متكررا لعمق احترام ارادة الشعب، حيث خرج رئيس للجمهورية ودخل رئيس جديد بفارق اقل من 2%، بل كانت بمثابة ادانة غير مباشرة لعمليات انتخابية جرت على سبيل المثال في روسيا وسوريا. ثم ان الرئيسين، المنتصر والمنهزم، اشادا بارادة الشعب وانحنيا امامها وتعهدا خدمة "فرنسا السعيدة التي لا تحني رأسها"!
ثانيا: في سوريا لم يكن الاهتمام منصبا على صناديق الاقتراع بل على الصناديق التي توصل القتلى الذين سقطوا الى مثواهم الاخير، لكن النظام لم يتردد في القول ان الانتخابات كانت ناجحة وانها تشكل بداية للعملية الاصلاحية، في حين رأت المعارضة انها "انتخابات مهزلة"، لأن من الواضح انه من المستحيل اجراء انتخابات في بلد غارق في النار وحمامات الدم منذ اكثر من 13 شهرا.
كان من المثير ان تعلّق صحافة دمشق على الانتخابات الفرنسية بالقول: "نيكولا ساركوزي وألان جوبيه الى مزبلة التاريخ"، في حين كان وصف باريس للانتخابات السورية من ضمن الاجماع الدولي تقريبا، على انها "مهزلة شنيعة… ومزحة سمجة".
واذا كان من المعتاد ان يرسل العالم فرق المراقبين الى الدول الحديثة الديموقراطية لمراقبة نزاهة الانتخابات وحياد السلطة، فإن المراقبين الدوليين في سوريا يسعون عبثا على ما يبدو لوقف نشاط الصناديق الاخرى التي تحمل القتلى الى المقابر، فقد سقط في يوم الانتخاب 30 قتيلا واعتبر الامر تراجعا مشجعا في عدد الضحايا!
وعندما تجري الانتخابات في سوريا وسط النار ومع دعوة السعودية المتكررة رعاياها الى المغادرة خوفا من الوضع الامني، ويقول رجب طيب اردوغان للاجئين السوريين داخل تركيا: "ان انتصاركم ليس بعيدا وقوى الرئيس بشار الاسد تنهار يوما بعد يوم" فمن الطبيعي ان يكون الاهتمام في سوريا وخارجها منصبا على صناديق القتلى لا على صناديق الاصوات في الانتخابات التي ينتقدها الجميع!
ثالثا: في روسيا شاهد العالم صورة صارخة عن الصناديق التي احتوت على تعمية سافرة لروح الديموقراطية التي باتت اسيرة "القيصرية البوتينية" التي تشكل مزيجا من طغيان ممارسات تحالف اغراء المال مع سطوة الامن على ارادة المواطنين.
وهكذا عاد فلاديمير بوتين مرة ثالثة وعبر التفاف ممجوج على الدستور، الى الرئاسة وانسحب شريكه دميتري ميدفيديف الى رئاسة الحكومة مرة جديدة في حين يبقى المعارضون في الشوارع وكأنهم كما سبق لبوتين ان وصفهم، مجرد "كوندوم" اي واقيات ذكرية. فبينما كان "القيصر" يعتلي العرش في ابهة امبراطورية كان رجال الامن ينهالون بالهراوات على هؤلاء المتظاهرين الذين وقفوا في ساحة بولوتنايا صارخين: "توقف عن الكذب والسرقة"!
راجح الخوري
" النهار " اللبنانيّة
آيار 2024