تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » غرف الجحيم للشاعر أحمد هناوي

غرف الجحيم للشاعر أحمد هناوي 2024.

شعر : أحمد هنــــاوي

(من المغرب)

غرف الجحيم

حلم استراتيجي : أيها الخوف الخائف إرحل … ويا أعاصير الموت ارحلي! !

أبصرتُ في رحمِ الدجى بشرَا

تخال قلوبهم حجرَا

ليسوا برابرة ، ولا عربَا

ولا بقَرَا !

ليسوا نصارى ، أو يهودا ، أو هنودًا

ليسوا دروزاً .. أو مغاربةً .. مشارقةً

..

موارنةً .. وأكراداً.. ولا دِبَبا !

لاسُنَّةً .. لا شيعةً .. عربا ، ولا عجما ! !

ولابشرًا … ! !

يسيل القَيح والدم من عروشهمو !

والحقد ، والجبروت ، والدجل ، الضلال …

سكنت عروقهمو !

* * * * *

أخرجتُ من أنفاق قبري رايتي تعبا

وصرختُ في غضب

كجنّـــِيٍّ جريح يَنْفُث اللهبا :

يا أمة العرب !

أما شُلت يداك دما ؟!

أما اتعظَت جروحُك منذ «دَاحسَ» ① و «البَسوس» !؟②

ولقد صرختُ ، صرختُ …

حتى زَمجَرَ الإعصار في جسدي

وفي دَرَك الحضارة

وانقراض الأنبياءِ ، الأولياءِ ! …

صرختُ .. فانبطحَت على قدَمَي العصورْ ..

وتكلست جَزَعا بحورْ ..

وتفحمت في الجو أسراب الصقورْ

وتهدمت غرف المعابد والقصورْ

وتراكمت من فوقها جثثْ البغايا

واستراحات الفجورْ !

فارتجَّت السماواتُ والأرَضينُ

وانبعثت على إيقاعها أمم الدمار

لما تبدَّل طينُهَا …

فتطاولتْ ، وتطاولتْ …

فتمثلتْ أرواحها قططاً

وأفْيِلَةً تطِير …

حُمُرًا ، وحيتانًا .. دَناصيرًا تطير !

أشداقُها لكأنها غرف السعير !

* * * * *

وأنا بداخل جثتي

أستلُّ جُمجمتي

أجَزِّئُها إلى ورق

وأرسم فوقه قلقِي

وأقرأ نثرَها شعرا على الغسق

متفصِّدا عرقا ..

متحرقا أرقا ..

متمزقا خرقا …

ترفرف رايتي بيدي

يهرّبها وميض البرق للنَّفَق ..

ويَدٌ تدحرج من على صدري صخورا من لهيب

عبثا أقاوم صامدا

موتي ، وبعثي ،

وانهيارات السنين !

يا أيها المولود في موتي ،

أتَسرقني ، وتسرق ثورتي ؟!

فلثورتي وجع الردى !

ولكبوها رجع الصدى !

يا أيها الموءود في صوتي ،

أتمسخني إلى صكٍّ أوقّعه على مضَضٍ ..

وتشنقني على سجادة

نُسجت بأعصابي ولحم طفولتي ؟!

* * * * *

من غير ما أدري

هوى فنَني ..

بكى على وطني

مشى كالنورس اليمني

إلى سبإ

يغادر لعنة الزمن

يطارد أبحرا

غرقت بها أممٌ

أبت ، في غابر الزمن ،

ركوب البحر في السفن !

وها أنذا أراها في العراء

ترسو على جزر الهوى

تبكي … وتَتْلُو سورة النبإِ

كمتيّم متربص بخيال جارتهِ

الشوق يخضعهُ

ويخدعها النوى !

ها إنني و النورس الوثني

نحلق في الهوا …

بحثا عن الوطن ̶ الجوى

نطوي دياجير الغمام

متعقِّـبين تـلَــهُّـفا شبح الغرام ! ! !

ولقد وصلنا قبل موعدنا ،

فلا لبنٌ ، ولا تمرٌ ، ولا عسلُ

ولا سكنٌ ، ولا قمرٌ ، ولا أملُ

ولا حلم يواسينا على أرض المطار !

فارتدَّ نورس رحلتي

إرتدَّ بي متوترا متعجلا …

فاندسَّ في مدن الظلام

نجتازها …

ومسالخ الذبح ، الفواجع ، والسقام

تصطف في مستنقع العرب

دكاكينا من الخُطَب

بلا سبب ! !

فإذا الضحايا يصرخون ، ويصرخونْ

متشوقين إلى السلام

يتساقطون ممزقين ،

فلا ربيع ، ولا خلاص !

عربٌ على عربٍ : أعاريب القِصاص

يتوارثون الأسْرَ والأسرى

وأزمنة الرصاص !

صنعوا حروبا …

والحروب حروب منسحقينَ :

أرضهمو ، وربهمو ، ودينهمو

بلا قدُسٍ ، ولا حُجُبِ !

النورس الوثنيّ

طاف بي مماليكا .. خرائطها قبور

وعروشُها بدعٌ ، وزلاّت الدهور !

من ذا يعاكس أمتي ، منذ الولادة … غيرُها ؟!

من ذا يقاتل أمتي في ليلها و نهارها ؟!

إلا بنوها التافهون ، الفاتحون ، الغامضون ،

الغادرون ، الناهبون ، الخائنون ؟!

يا أيها المفقود في وطني ..

إذا أبصرتَ نورسنا يحلق في الجبال وفي الوهاد

فدعه مغتربا

إلى أن ينتهي زمن الفجور !

الدار البيضاء 2024/11/02

① داحس : اسم حصان يعود لقبيلة بني رباح . وقد اشتهرت باسمه حب في الجاهلية تدعى « حرب داحس ، والغبراء» بين قبيلة بني ثعلبة ، وقبيلة بني رباح .

② أما البسوس ، فإسم شاعرة في العصرالجاهلي ، تنتسب إلى قبيلة بني تغلب ، يشاع أنها هي التي حرضت قبيلتها لمحاربة قبيلة بني بكر .

ياجمال هذا الحرف
وياروعة هذا القلم
احمد هناوى
لاتحرمنا من هذا الحرف الراقي
نطمح بالمزيد من هذا الرقى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.