فهد عامر الأحمدي
لست طبيباً ولكنني أعتبر نفسي "حقل تجارب" فيما يتعلق بالفيتامينات.. فقد اهتممت بها في سن مبكرة حتى أصبحت – في سن الخامسة والعشرين – أتناول مابين أربعة إلى ستة أنواع منها.. والطريف أن علاقتي بها سارت حسب التسلسل الأبجدي حيث بدأت – في سن الرابعة عشرة – بتناول فيتامين (أ) على أمل التخلص من النظارة والتمتع ببصر حاد، ثم بدأت أتناول فيتامين (ب) بسبب الفوائد الجلية لمشتقاته المتعددة، ثم أضفت إليهما فيتامين (ج) على أمل تقوية جهاز المناعة ومكافحة الزكام.. ثم أتى الدور على فيتامين (ه) بسبب أهميته في منع أكسدة الخلايا وحماية عضلة القلب.. ثم بدأت أتناول قرصاً يومياً من الكالسيوم (وهو ليس فيتاميناً بالمناسبة) بسبب دوره في تغذية الدماغ وتقوية العظام.. …
وهكذا كنت – كلما اقتنعت بفائدة فيتامين معين – أضيفه إلى المجموعة التي أزدردها يوميا.. وحين كثُرت عليّ بدأت أخشى من تأثيرها السلبي فقررت الاكتفاء بكبسولة واحدة فقط من الفيتامينات الشاملة (Multivitamin).. غير أنني عدت وأضفت لهذه الأخيرة – خلال السنوات التالية – ثلاثة أنواع منفردة بعد قراءة أبحاث وتقارير تؤكد أهميتها.. واستمررت على هذه الحال لمدة عشر سنوات تقريبا قبل أن أعود مجددا للاكتفاء بكبسولة الفيتامينات الشاملة – بالاضافة إلى حبة أسبرين يوميا (من الجرعة المخصصة للأطفال) !!
… وما جعلني متأرجحا بين "الافراط" و"الاعتدال" قناعتي بأهمية الفيتامينات لصحة وسلامة الانسان ؛ ولكنني – في المقابل – أرى أشخاصا حولي يعيشون بصحة وسلامة دون الحاجة لتناول جرعات اضافية منها.. وهذا الموقف الحائر لمسته أيضا بين الأطباء أنفسهم – حيث يصف أحدهم جرعة مرتفعة من فيتامين معين، في حين يؤكد الثاني عدم فعالية هذا الاجراء أو خطورته على الكبد مثلا.. وحتى على صعيد الأبحاث العلمية الرصينة تجد دراسات تؤكد دور هذا الفيتامين – أو ذاك – في تقوية جهاز المناعة أو عضلة القلب ثم تظهر بعدها دراسات تؤكد عدم وجود فرق حقيقي بين من – ومن لم – يتناولهما بانتظام.. .
… وما جعلني اليوم أفكر بالكتابة عن هذا الموضوع شرائي لكتاب بعنوان "توقف عن التقدم بالعمر" للدكتورة (جين كاربر) يؤكد على أهمية الفيتامينات في تقوية جهاز المناعة وتأخير سن الشيخوخة.. وحين انتهيت من قراءته عاد حماسي القديم وخرجت لشراء مجموعة من الفيتامينات المهمة (وفي مقدمتها فيتامين ه الذي ركز عليه الكتاب بسبب دوره المفترض في منع أكسدة الخلايا المسبب الأول للشيخوخة)..
ولكن المفارقة أنني اشتريت في نفس اليوم النسخة الأمريكية من مجلة الريدر دايجست (عدد نوفمبر2007) ووجدت داخلها تقريرا يدعى خدعة الفيتامينات أو
Hoax The Vitamin.. وهذا التقرير يخالف تماما ماجاء في الكتاب ويستشهد بدراسات كثيرة تثبت عدم جدوى تناول كميات إضافية من الفيتامينات.. ليس هذا فحسب بل استعرض "عشرة" أسباب تمنعنا من تناول جرعات إضافية منها (مثل احتمال حدوث تسمم أو ضرر في أعصاب الكبد في حال تناول جرعة مفرطة من فيتامين أ).. .
… وحينها فقط قررت تجاهل الكتاب السابق والعودة إلى مبدأي القديم بخصوص الاكتفاء بكبسولة فيتامينات شاملة وحبة أسبرين يومياً (لا تتجاوز 81غراماً).. ف"كبسولة الفيتامينات الشاملة" تحتوي على جرعات صغيرة ومعتدلة من كل نوع، في حين ثبت دور "الإسبرين" في منع تخثر الدم وتكوّن الجلطة – وأنصح به كل رجل تجاوز الخامسة والثلاثين..
وشكرا تقبل مروري