مراتب الدين الإسلامى الإحسان 2024.

وأحسن كما أحسن الله إليك
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم – أَيُّهَا النَّاسُ – وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ – عَزَّ وَجَلَّ – " يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ. مَن عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَمَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ يُرزَقُونَ فِيهَا بِغَيرِ حِسَابٍ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مَرَاتِبُ الدِّينِ ثَلاثٌ: إِسلامٌ وَإِيمَانٌ وَإِحسَانٌ، وَإِذَا كَانَ الإِسلامُ يُمَثِّلُ أَعمَالَ الجَوَارِحِ الظَّاهِرَةَ، وَالإِيمَانُ يُمَثِّلُ أَعمَالَ القُلُوبِ البَاطِنَةَ، فَإِنَّ الإِحسَانَ الَّذِي هُوَ أَعلَى تِلكَ المَرَاتِبِ، هُوَ إِتقَانُ تِلكَ الأَعمَالِ وَحُسنُ أَدَائِهَا، مَعَ كَمَالِ التَّوَجُّهِ بها إِلى اللهِ – سُبحَانَهُ – بِأَن يَعبُدَهُ العَبدُ كَأنَّهُ يَرَاهُ، مُوقِنًا بِأَنَّهُ وَإِنْ لم يَكُنْ يَرَى رَبَّهُ، فَإِنَّهُ – تَعَالى – مُطَّلِعٌ عَلَيهِ في كُلِّ وَقتٍ وَيَرَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ، وَلا يَخفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِن أَمرِهِ صَغُرَ أَو كَبُرَ. وَإِنَّ خَيرَ مَا يَدفَعُ العَبدَ إِلى الإِحسَانِ وَيُحَبِّبُهُ إِلَيهِ، أَن يَعلَمَ أَنَّ اللهَ – تَعَالى – هُوَ وَليُّ الإِحسَانِ، وَأَنَّهُ مَا يَكُنْ مِن إِحسَانٍ فَهُوَ مَنهُ – تَعَالى – وَإِلَيهِ – فَهُوَ – سُبحَانَهُ – ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7] وَمَا مِن شَيءٍ إِلاَّ وَيَرَى النَّاسُ فِيهِ ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88] بَلْ حَتى الإِنسَانُ نَفسُهُ، قَد أَتقَنَ المُحسِنُ – تَعَالى – خَلقَهُ وَأَنبَتَهُ نَبَاتًا حَسَنًا ﴿ لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ في أَحسَنِ تَقوِيمٍ ﴾ [التين : 4] ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار : 6 – 8] وَإِذَا كَانَ الخَلقُ يَتَقَلَّبُونَ في إِحسَانِ مَولاهُم في كُلِّ نَفَسٍ وَلَحظَةٍ، سَوَاءٌ فِيمَا يُغدِقُهُ عَلَيهِم مِمَّا يَنفَعُهُم وَيُحِبُّونَ، أَو مَا يَصرِفُهُ عَنهُم مِمَّا يَضُرُّهُم وَيَكرَهُونَ، فَإِنَّ مِن الوَاجِبِ عَلَيهِم أَن يُحسِنُوا كَمَا أَحسَنَ – سُبحَانَهُ – إِلَيهِم؛ لأَنَّهُ لا جَزَاءَ لِلإِحسَانِ إِلاَّ الإِحسَانُ. وَلَقَد ضَرَبَ أَنبِيَاءُ اللهِ في هَذَا الشَّأنِ أَعظَمَ الأَمثَالِ، فَهَذَا خَلِيلُ الرَّحمَنِ إِبرَاهِيمُ – عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 70 – 82] وَهَذَا نَبيُّ اللهِ يُوسُفُ – عَلَيهِ السَّلامُ – يَتَعَرَّضُ لِفِتنَةٍ وَأَيُّ فِتنَةٍ؟ فَيَقُولُ -: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23] وَهَذَا نَبِيُّنَا – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – يُحسِنُ في طَاعَةِ رَبِّهِ مُستَحضِرًا إِحسَانَهُ إِلَيهِ، وَيَجتَهِدُ فِيمَا يُرضِيهِ شَاكِرًا نِعمَتَهُ عَلَيهِ، فَعَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ: قَامَ النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – حَتى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا؟! " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. إِنَّهُمُ المُوَفَّقُونَ مِن عِبَادِ اللهِ، لا يَفتَؤُونُ يَنظُرُونَ إِلى جَلِيلِ أَلطَافِ رَبِّهِم بِهِم، مُستَحضِرِينَ وَافِرَ نِعَمِهِ عَلَيهِم، وَأَنَّهُ ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] وَأَنَّهُ ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34] مُوقِنِينَ أَنَّهُم ضَالُّون إِلاَّ مَن هَدَى، جَائِعُونَ عُراةٌ إِلاَّ مَن أَطعَمَ وَكَسَا، وَأَنَّهُم يُخطِئُونَ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَهو يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَتَمتَلِئُ قُلُوبَهُم لِهَذَا مَهَابَةً لَهُ وَتَوقِيرًا وَتَعظِيمًا، وَيُسَخِّرُونَ جَوَارِحَهُم في طَاعَتِهِ مُخلِصِينَ، مُجتَنِبِينَ الشِّركَ وَالمَعَاصِيَ وَقَبِيحَ الفِعَالِ، مُرَاقِبِينَ لَهُ فِيمَا يَأتُونَهُ مِن أَعمَالٍ وَأَقوَالٍ.

عِبَادَ اللهِ، إِذَا كَانَ أَعلَى أَقسَامِ الإِحسَانِ هُوَ إِحسَانُ العَبدِ فِيمَا بَينَهَ وَبَينَ رَبِّهِ الَّذِي يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ العَبدُ عَمَلاً أَن يُتقِنَهُ، فَإِنَّ ثَمَّةَ قِسمًا آخَرَ عَظِيمًا، ذَلِكُم هُوَ إِحسَانُ العَبدِ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ الخَلقِ، وَأَعظَمُ دَاعٍ إِلى هَذَا النَّوعِ مَعَ مَا سَبَقَ مِنِ استِحضَارِ كَونِ الإِحسَانِ مِنَ اللهِ وَإِلَيهِ، أَن يَعلَمَ المَرءُ أَنَّهُ بِإِحسَانِهِ إِلى الخَلقِ بِأَيِّ قَدرٍ مِنَ الإِحسَانِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُحسِنُ في الحَقِيقَةِ إِلى نَفسِهِ وَيَنفَعُ ذَاتَهُ، إِذْ دَلَّتِ الدَّلائِلُ مِنَ المَنقُولِ وَشَهِدَ الوَاقِعُ المَعقُولُ، أَنَّ الكِرَامَ المُحسِنِينَ هُم أَشرَحُ النَّاسِ صُدُورًا وَأَطيَبُهُم نُفُوسًا، وَأَنعَمُهُم قُلُوبًا وَأَطوَلُهُم سَعَادَةً وَفَرَحًا، وَأَنَّهُم أَحرَاهُم بِتَكفِيرِ السَّيِّئَاتِ وَالنَّجَاةِ يَومَ اشتِدَادِ الكُرُبَاتِ، وَكَيفَ لا يَكُونُونَ كَذَلِكَ وَاللهُ – تَعَالى – يُحِبُّهُم، وَرَحمَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنهُم، وَهُوَ مَعَهُم بِتَوفِيقِهِ وَحِفظِهِ وَتَأيِيدِهِ، قَالَ – تَعَالى -: ﴿ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ ﴾ [هود : 115] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنِينَ ﴾ [آل عمران : 134] وَقَالَ – جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف : 56] " وَقَالَ – سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾ [النحل : 128] وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ ﴾ [الحج : 37] وَقَالَ – تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود : 114] وَقَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ وَلا يُسلِمُهُ، وَمَن كَانَ في حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ في حَاجَتِهِ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.

عِبَادَ اللهِ، أَنوَاعُ الإِحسَانِ إِلى الخَلقِ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، لا تَقتَصِرُ عَلَى إِعَانَتِهِم بِالمَالِ أَو تَوفِيرِ الطِّعَامِ لَهُم أَوِ كِسوَتِهِم، وَلَكِنَّهَا تَشمَلُ كُلَّ مَا يَنفَعُهُم وَيَقضِي حَوَائِجَهُم، بَل تَمتَدُّ إِلى مَا يُدخِلُ السُّرُورَ عَلَيهِم، فَتَعلِيمُ العِلمِ وَنَشرُهُ وَالدَّعوَةُ إِلى اللهِ، وَالأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ، وَبَذلُ الجَاهِ وَإِسدَاءُ النُّصحِ وَصَادِقِ المَشُورَةِ، وَالتَّبَسُّمُ في وُجُوهِ النَّاسِ وَإِفشَاءِ السَّلامِ بَينَهُم، وَالفَرَحُ لِفَرَحِهِم وَالتَّأَلُّمُ لأَلَمِهِم، وَجَبرُ مُصَابِهِم وَتَعزِيَتُهُم، بَل وَكَفُّ الأَذَى عَنهُم وَالعَفوُ عَن مَسَاوِئِهِم، وَمُقَابَلَةُ أَذَاهُم بِالإِحسَانِ، كُلُّهَا أَعمَالٌ تَدخُلُ في الإِحسَانِ، قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلى اللهِ – تَعَالَى – أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ – تَعَالَى – سُرُورٌ تُدخِلُهُ عَلَى مُسلِمٍ، أَو تَكَشِفُ عَنهُ كُربَةً أَو تَقضِيَ عَنهُ دَينًا، أَو تَطرُدُ عَنهُ جُوعًا، وَلأَن أَمشِيَ مَعَ أَخٍ في حَاجَةٍ أَحَبُّ إِليَّ مِن أَن أَعتَكِفَ في هَذَا المَسجِدِ – يَعني مَسجِدَ المَدِينَةِ – شَهرًا، وَمَن كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَن كَظَمَ غَيظَهُ وَلَو شَاءَ أَن يُمضِيَهُ أَمضَاهُ، مَلأَ اللهُ قَلبَهُ رَجَاءً يَومَ القِيَامَةِ، وَمَن مَشَى مَعَ أَخِيهِ في حَاجَةٍ حَتى تَتَهَيَّأَ لَهُ أَثبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يَومَ تَزُولُ الأَقدَامُ " أَخرَجَهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَأَحسِنُوا إِلى أَنفُسِكُم بِإِحسَانِكُم إِلى غَيرِكُم، فَإِنَّ رَبَّكُم مُحسِنٌ يُحِبُّ الإِحسَانَ، وَقَد كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ وَفي كُلِّ شَيءٍ، حَتى فِيمَا لا يَحتَمِلُ الإِحسَانَ عِندَ قَلِيلِي الرَّحمَةِ وَغِلاظِ القُلُوبِ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحسَانَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، فَإِذَا قَتَلتُم فَأَحسِنُوا القِتلَةَ، وَإِذَا ذَبَحتُم فَأَحسِنُوا الذِّبحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُم شَفرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانيُّ وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا – أَنَّ رَجُلاً أَضجَعَ شَاةً وَهُوَ يُحِدُّ شَفرَتَهُ، فَقَالَ النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَتُرِيدُ أَن تُمِيتَهَا مَوتَتَينِ؟ هَلاَّ أَحدَدتَ شَفرَتَكَ قَبلَ أَن تُضجِعَهَا "أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلَا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُفسِدِينَ ﴾ [القصص : 77]

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ تَسعَدُوا، وَأَحسِنُوا كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكُم وَلا تَجحَدُوا، وَاعلَمُوا أَنَّ مِن تَوفِيقِ اللهِ لِلعَبدِ وَحُسنِ حَظِّهِ، أَن يُهدَى لِلإِحسَانِ إِلى الخَلقِ، وَإِذَا كَانَ الكَرِيمُ – سُبحَانَهُ – قَد رَحِمَ مَن أَحسَنَ إِلى الحَيَوَانِ البَهِيمِ وَجَزَاهُ جَنَّتَهُ، فَكَيفَ بِمَن يُحسِنُ إِلى النَّاسِ وَيَنفَعُهُم وَيَقضِي حَاجَاتِهِم؟! رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ وَغَيرُهُمَا أَنَّهُ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: " بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِطَريِقٍ اشتَدَّ عَلَيهِ الحَرُّ، فَوَجَدَ بِئرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ، ثم خَرَجَ فَإِذَا كَلبٌ يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَد بَلَغَ هَذَا الكَلبَ مِنَ العَطشِ مِثلُ الَّذِي كَانَ مِنِّي، فَنَزَلَ البِئرَ فَمَلأَ خَفَّهُ مَاءً ثم أَمسَكَهُ بِفِيهِ حَتى رَقِيَ فَسَقَى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ "قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لَنَا في البَهَائِمِ أَجرًا؟ فَقَالَ: "في كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ أَجرٌ" وَفِيهِمَا أَيضًا قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "بَينَمَا كَلبٌ يَطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَد كَادَ يَقتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتهُ بَغِيٌّ مِن بَغَايَا بَني إِسرَائِيلَ فَنَزَعَت مُوقَهَا، فَاستَقَت لَهُ بِهِ فَسَقَتهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ" وَفي مُقَابِلِ عِظَمِ الأَجرِ عَلَى مِثلِ هَذَا القَدرِ الضَّئيِلِ مِنَ الإِحسَانِ، نَجِدُ شِدَّةَ عَذَابِ مَن أَسَاءَ إِلى مَن قَدِرَ عَلَيهِ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "عُذِّبَتِ امرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتهَا حَتى مَاتَت، فَدَخَلَت فِيهَا النَّارَ، لا هِيَ أَطعَمَتهَا وَسَقَتهَا إِذْ حَبَسَتهَا، وَلا هِيَ تَرَكَتهَا تَأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرضِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. فَيَا أَيُّهَا المُعَافى في بَدَنِكَ، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَأَمكَنَكَ مِنَ الانتِفَاعِ بِجَوَارِحِكَ، فَأَدِّ زَكَاتَهَا بِطَاعَةِ اللهِ، وَاحذَرْ مِن صَرفِهَا فِيمَا يُغضِبُهُ، وَتَذَكَّرْ قَولَ رَبِّكَ المُنعِمِ – سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ﴾ [الأنعام: 46] أَيُّهَا المُعطَى مَالاً وَجَاهًا، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ بما وَهَبَكَ وَمَنَعَهُ غَيرَكَ، فَهَل أَحسَنتَ إِلى عِبَادِهِ المُحتَاجِينَ؟ هَل كَفَلتَ اليَتَامَى وَأَنفَقت عَلَى الأَرَامِلِ وَالمَسَاكِينِ؟ هَل دَعَمتَ مَشرُوعَاتِ الخَيرِ؟ هَل سَاهَمتَ في بِنَاءِ المَسَاجِدِ وَتَعلِيمِ كِتَابِ اللهِ وَالدَّعوَةِ إِلى سَبِيلِهِ؟ أَيُّهَا المَسؤُولُ في عَمَلٍ كُلِّفَت بِهِ وَأَمَانَةٍ حُمِّلتَهَا، لَقَد أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ إِذْ مَلَّكَكَ أَمرَ مَن تَحتَ يَدِكَ، وَرَفَعَكَ إِذْ مَنَحَكَ التَّصَرُّفَ فِيمَن دُونَكَ، فَاتَّقِ اللهَ فِيمَا أَنتَ عَنهُ مَسؤُولٌ، وَأَحسِن إِلى مَن أَنتَ عَلَيهِ مُؤتَمَنٌ، إِنَّهُ لَيسَ مِنَ الإِحسَانِ أَن تَحبِسَ مُعَامَلاتِ النَّاسِ وَتَحُولَ دُونَ قَضَاءِ حَاجَاتِهِم إِن كُنتَ مُوَظَّفًا، أَو حَبسِ أَبنَائِهِم دُونَ تَعلِيمٍ وَتَوجِيهٍ إِن كُنتَ مُعَلِّمًا. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ – وَأَحسِنُوا، وَأَخلِصُوا لِرَبِّكُم وَاحذَرُوا ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8].

لمزيد من الفائدة يرجى قراءة

مراتب الدين الإسلامي
جزاك الله خيرا
وجعله الله في ميزان حسناتك
لاحرمك الاجر
أحسنت أناملك في ماخطت
شكرا لمروركم
وجزاكم الله كل خير
شكرا على الموضوع جزاك الله خيرا

إن الله محسن يحب الإحسان 2024.


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله وبعد …

فقد ثبت عند الطيالسي عن أنس رضي الله عنه أن رسول لله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا حكمتم فاعدلوا ، وإذا قلتم فأحسنوا ، فإن الله يحب المحسنين " ،

وثبت عنده عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله محسن يحب الإحسان ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " .

يصف نبينا ربه بصفة عظيمة وهي صفة الإحسان ، فالله سبحانه محسن ، أي الإحسان وصف لازم له ، لا يخلو موجود عن إحسانه طرفة عين .

والمحسن اسم فاعل من أحسن ، وإحسان الله ظاهر في خلقه ، فقد من عليهم بما غمرهم من الإحسان والفضل والجود والإنعام .

ومعنى المحسن راجع إلى معنى المفضل وذي الفضل والمنان والوهاب سبحانه .

أيها الإخوة .. إن للإيمان باسم الله المحسن آثارا كثيرة منها :

أولا : أن نعلم بأن الله هو المحسن الذي غمر الخلق جميعا بإحسانه وفضله : برهم وفاجرهم ، مؤمنهم وكافرهم ، لا غنى لهم عنه طرفة عين ، ولا قيام لهم ولا بقاء إلا به سبحانه ، وبجوده وإنعامه .

ثانيا : أن الله هو المحسن الذي جاد على خلقه بفضله وإحسانه : فأحسن إلى الإنسان وأخرجه من العدم إلى الوجود {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} – وأحسن إلى الإنسان بعد خلقه بأن صوره في صورة آدم وهي أحسن صورة {وصوركم فأحسن صوركم } ، {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} – وأحسن إلى الإنسان بأن جعله عاقلا لا مجنونا ولا معتوها ولا سفيها – وأحسن إلى الإنسان بأن جعله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الأمم {كنتم خير أمة أخرجت للناس} – وأحسن إلى الإنسان بأن حفظ كتابه العظيم الذي فيه الخير كله {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} – وأحسن إلى الإنسان بأن علمه بعد أن كان جاهلا {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } – وأحسن إلى الإنسان بأن علمه معاني القرآن وشريعة نبيه صلى الله عليه وسلم ورفعه بهذا العلم { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } – وأحسن إلى الإنسان بما من عليه من العمل بما علم ، وهذا هو ثمرة العلم {إنما يخشى الله من عباده العلماء} – وأحسن إلى الإنسان بما أنعم عليه من كمال الصورة واعتدال الخلقة وفصاحة اللسان ، وسلامة الهيئة من تشوه أو نقص عضو ، أو لحوق خلل ، حتى يبقى صحيحا سليما ، ويسلك من طاعة الله طريقا قويما – وأحسن إلى الإنسان بما أنعم عليه من انتظام الحال ، واتساع المال ، حتى لا يحتاج إلى أحد من الخلق في اكتساب الرزق ، ويحتاج إليه غيره ، فيعمهم خيره ، وهذه نعمة يجب شكرها ، إذ ليس كل أحد يعطاها – وأحسن إلى الإنسان بما أنعم عليه من المرأة الصالحة ، فتسكن إليها نفسه ، ويتم له بها أنسه ، ويكثر منها نسله ، حتى يكون من ذريته في أمة محمد صلى الله عليه وسلم عدد وافر كلهم لله موحد ، ولآلائه شاكر {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " – وأحسن إلى الإنسان بما أنعم عليه من صحة الجسم ، وفراغ البال ، ليستغل ذلك بما ينفعه من أمور الدين والدنيا ، في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ " .

سبحانه من إله عظيم ، سبحانه من إله كريم ، تفضل علينا بصنوف النعم ، وأحسن إلينا وغمرنا بلطفه وإحسانه ، وعد من أطاعه بالدخول إلى جناته ، وكل ذلك بفضله ومنته ، وإحسانه سبحانه {فتبارك الله أحسن الخالقين}

إلهي إذا ما عشت في الأرض محسنا فليس بغيض من ذكائي ولا فضلي
فأنت الذي يسرتني وهديتني إلى الخير والإحسان يا واسع البذل

أيها الإخوة …

ثالثا : ومن آثار الإيمان باسم الله المحسن أن نعلم بأن الله سبحانه يحب من خلقه التعبد بمعاني أسمائه وصفاته ، فهو عليم يحب العلماء ، جميل يحب الجمال ، محسن يحب الإحسان ، ولذا كتب الإحسان على كل شيء ، والإحسان نوعان :

الأول : إحسان في عبادة الله ، وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
والنوع الثاني : إحسان إلى عباد الله ، وذلك بإيصال جميع أنواع الخير لهم ، وقد وعد سبحانه بالثواب لكلا النوعين فقال : { إن الله لا يضيع أجر المحسنين}

قال ابن القيم في بيان أسباب انشراح الصدر : ( ومنها الإحسان إلى الخلق بما يمكنه من المال والجاه والنفع بالبدن ، وأنواع الإحسان ، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرا ، وأطيبهم نفسا ، وأنعمهم قلبا ، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرا ، وأنكدهم عيشا ، وأعظمهم هما وغما ) .

أيها الأخوة … ومن أعظم الإحسان إلى الخلق تعليمهم ما ينفعهم من أمور دينهم ما يكون سببا في نجاتهم في الدنيا والآخرة : من علوم الكتاب والسنة وفقه السلف الصالح ، وإرشادهم إلى طرق الخيرات والقربات ، وتحذيرهم من مسالك الشر والهلكات ، وهي وظيفة الرسل وأتباع الرسل ، وبهذا كانوا أعظم الناس إحسانا إلى الخلق ، ولهم عليهم المنة والفضل ما لا يؤدى شكره ، كما قال سبحانه {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} .

أيها الأخوة … ومن فضل الله وكرمه وإحسانه أن من أحسن في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الله بالحسنى في الآخرة ، وأسكنه الجنة ، وأعطاه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر :

والثواب العظيم في جنة المولى وفيها يكون الرضا والخلود
كل نفس تحظى بما تشتهيه حور عين فيها وطلع نضيد
لبن سائغ وشهد مصفى ولدى ربك الكريم المزيد

وبعد أن يكرم الله عباده ويحسن إليهم بدخول الجنة ، يزيدهم مقابل إحسانه زيادة عظمى ، أكمل مما مضى ، وأجمل مما ذكر ، وهي النظر إلى وجهه الكريم جل وعلا ، وهي أعظم منة ، وأتم نعمة ، وأكمل إحسان ،

صح في المسند عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : وما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ، ويدخلنا الجنة ، وينجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب ، فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم

{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون} .

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل .
اللهم إنا نسألك الشوق إلى لقائك والنظر إلى وجهك الكريم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة .
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين .

مشكور أخي
على موضوعك الرائع
جعلني الله واياك من الحسنين
موفق

مشكور أخي
على موضوعك الرائع
جعلني الله واياك من الحسنين
موفق

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، اللهم احسن خاتمتنا أجمعين
اللهم آمين

جزاكـ الله خير الجزاء
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، اللهم احسن خاتمتنا أجمعين
اللهم آمين

جزاكـ الله خير الجزاء

أسرار الإحسان إلى الوالدين !!! 2024.

أسرار الإحسان إلى الوالدين

دراسة تؤكد أن العلاقات الاجتماعية والاهتمام بكبار السن تقيهم من الأمراض وتزيد مناعتهم وتساعدهم على الحياة السعيدة….

معجزات القرآن لا تقتصر على الجانب العلمي أو اللغوي أو العددي… لأننا لو تدبرنا القرآن لرأينا في كل آية معجزة حقيقية، وهذا ما شغل تفكيري لسنوات عندما كنتُ أتأمل قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء: 23-24].
وكنتُ أتساءل: لو كان القرآن كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فلماذا يخوض في مثل هذه المسائل؟ ولماذا يوصي بالأبوين إلى هذا الحدّ؟ ولماذا لم يأمر الشباب بالتمرد على الأبوين والتمرّد على الأفكار القديمة كما نشاهد في الغرب، حتى أصبحت دور العجزة ممتلئة بالآباء وكبار السنّ؟
ولذلك فقد بدأ العلماء حديثاً يدركون أهمية العناية بالوالدين حيث يساعدهم ذلك على الوقاية من الأمراض ويرفع النظام المناعي لهم. فالصداقة هي "إكسير الشباب الحقيقي" لكبار السن كما يعبر عن ذلك أحد العلماء، والنشاط الاجتماعي يحفظ سلامة أعصاب الدماغ حسب ما جاء في دراسة حديثة.
فقد أكدت دراسة حديثة أن نجاح كبار السن في تنويع صداقاتهم وإبقاء علاقاتهم الاجتماعية يمكن أن يساعدهم على الإحساس بأنهم أصغر من أعمارهم الحقيقية، كما تسمح لهم بالاحتفاظ بحيويتهم وقدرتهم على الحركة بنشاط.
وقالت الدراسة، التي نشرتها مجلة "وثائق الطب الداخلي" إن القدرات الحركية لكبار السن على صلة مباشرة بعلاقاتهم وممارساتهم اليومية التي كلما ازدادت تزداد تأثيراتها الإيجابية على الدماغ. ولفت الدكتور أرون بوشمان، المتخصص في طب الأعصاب بجامعة "راش" بمدينة شيكاغو الأمريكية، والذي أشرف على الدراسة، إلى أن ما دفعهم إلى إنجازها كان ملاحظة تراجع قدرات الحركة وسرعة السير لدى كبار السن مقارنة بما كانوا عليه في شبابهم.
وتابع: "يمكن لدراستنا أن تفتح آفاقاً جديدة أمام دراسة الرابط بين النشاطات الاجتماعية والقدرات الحركية" وبحسب الدراسة، فقد جرى تحديد مجموعة من الأدلة التي تشير إلى أن المشاركة في نشاطات محفزة للتفكير والمشاركة الاجتماعية وممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن تحد من تراجع الحركة المترافق مع الشيخوخة.
كما تضيف الدراسة أن هذه النشاطات تفرز بروتينات معينة قادرة على حماية أعصاب الدماغ من الموت السريع، كما تعزز قوة الروابط الموجودة بينها، وهذه الحماية هي التي تضمن للجسم القدرة على مواصلة الحركة النشطة، كما في مرحلة الشباب.
وتقول الدراسة التي شملت حالات 906 أشخاص يبلغ متوسط أعمارهم 80 عاماً، إن الذين حافظوا على علاقات الصداقة والروابط والنشاطات الاجتماعية تمكنوا من تأدية عدة حركات يعجز عنها معظم كبار السن، وبينها السير بخط مستقيم والوقوف على قدم واحدة والوقوف على أصابع القدمين والدوران. وبالمقابل، تعتبر الدراسة أن خلل الحركة لدى كبار السن يمثل إشارة مبكرة إلى وجود مشاكل تتعلق بقدراتهم الدماغية.
ماذا عن الإسلام؟
تأملوا يا أحبتي ما يقوله العلماء حول أهمية العلاقات الاجتماعية لكبار السن، لأنهم فقدوا الروابط الأسرية وليس لديهم أي تعاليم تأمرهم بالعناية بالأبوين. ولكن الإسلام لم يغفل عن ذلك، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاعتناء بالأبوين، وحتى بعد موت الأبوين أمرنا أن نبرَّ أصدقاءهما!!!

أما القرآن فقد اعتبر برّ الوالدين من أعظم الأعمال بعد عبادة الله، وانظروا معي إلى هذه الآية العظيمة الشاملة: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) [النساء: 36]. إنها تمثل قمة الاهتمام بالأبوين والأقرباء واليتيم والفقير والجيران وحتى العبيد والخدم!
ولذلك يمكن القول إن ما يكشفه العلماء حديثاً يمثل دليلاً ملموساً على أن الإسلام قد سبقهم إليه، وهذا يدل على أنه تشريع إلهي، وأنه دين الرحمة والسلام والمحبة، وليس دين التخلف كما يدَّعون! يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: 57].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أسال الله أن لايرد لك دعوة
ولايحرمك من فضلة ويحفظ
أسرتك وأحبتك، ويسعدك
ويفرج همك ،وييسرأمرك
ويغفرلك ولوالديك وذريتك
وأن يبلغك أسمى مراتب الدنيا
وأعلى منازل الجنة .
اجزاك الله خيرا
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفراشه المؤمنة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أسال الله أن لايرد لك دعوة
ولايحرمك من فضلة ويحفظ
أسرتك وأحبتك، ويسعدك
ويفرج همك ،وييسرأمرك
ويغفرلك ولوالديك وذريتك
وأن يبلغك أسمى مراتب الدنيا
وأعلى منازل الجنة .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آمين

وجزاكم الله تعالى عني خيرالجزاء

لهذه الدّعوات المباركة والصّادقة في ظهر الغيب

وحشرنا وإياكم والمسلمين

في زمرة خير الأنام سيدّنا محمّد : اللهم صلّ عليه وعلى آله وأزواجه وذرّيته وبارك وسلم

كما تحبه وترضاه

يا ربّ آمين

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة demaa
جزاك الله خيرا

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
حياكم الله تعالى
اللهم
اكتب لهم ولي ولجميع المسلمين
سعادة الدارين
آمين
شكرا : لمروركم تقبلوا فائق تقديري

الإحسان 2024.

الإحسان هو ان تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراة فإنة يراك.
والدليل قولة تعالى:"إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون"
"سورة النحل:‎"‎١٢٨
وقال تعالى :"وما تكون في شأن وما تتلو منة من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فية"
"سورة يونس:‎"‎٦١
‎والدليل من السنة
حديث جبريل علية السلام، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنة قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله علية وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى علية أثر السفر ولا يعرفة منا احد، فجلس الى النبي صلى الله علية وسلم فأسند ركبتية الى ركبتية ووضع كفية على فخذية وقال يا محمد: أخبرني عن الإسلام فقال:"أن تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إلية سبيلا"
قال:صدقت.فعجبنا له يسأله ويصدقة. قال:فأخبرني عن الإيمان.قال:"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيرة وشرة"
قال:فأخبرني عن الإحسان.قال :"أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنة يراك" قال: فأخبرني عن الساعة.قال:"ما المسؤل عنها بأعلم من السائل"قال:فأخبرني عن أماراتها.قال:"أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان"
قال:"فمضى".فلبثنا مليآ. فقال رسول الله صلى الله علية وسلم:"يا عمر أتدري من السائل؟"قلنا:الله ورسولة أعلم،قال:"هذا جبريل أتاكم يعلمكم امر دينكم"
"أخرجه مسلم"

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان يا الله مقطع روعة 2024.

تسلم علي موضوعك الجميل^_^
بارك الله فيك

جزاك الله خيرا

الله يعيطك الف عافية
مقطع اكثر من رائع
مقطع جميل جدا

يا باغي الإحسان – الشاعر : عطا سليمان رموني 2024.

يا باغي الإحسان
*******
إيـاكَ أن تـَلِـــجَ المَهالِــكَ فالذنـــــوبُ سَبيلـُــها

دَرْبُ المَعاصي جِـدُّ سالِــكَ فَاحْـذَرَنَّ وُلوجُــها

إنَّ الذنـوبَ هِـيَ الوَبـاءُ حـذار ِ تـَقـْـرُبُ إثمُــها

الذنـْـــبُ يَكبـُــُرُ يا ابْــنَ آدَمَ إنْ أصَـــرَّ فَـعيلـُها

إجْعَــلْ مَخافـَتـهُ انشِغالـُـكَ واسْـتَقِــمْ أفْـضـالـها

يـا باغِـيَ الإحْـسـانِ أقْـبِـلْ جَـنَّـتـي تَـهْــنـا بِـها

أمـا العُصــاة ُفـَبـِئـْــسَ عاقِـبَـــة ًلهــا أهْــوالـَها

تـُـُبْ قـَبْـلَ أنْ تلقـى المَصيــرَمُكـَبـَّـلا ً بِحِـبالِها

تـُبْ مِنْ ذنـُوبـِك قبْلَ أنْ تـَصْلى لهيبَ سَعيرها

اللـــهُ يَغـْفِــــرُ إن رَجَعْــتَ إليـهِ مُعْتَــرِفاً بـِهـا
**********
الشاعر : عطا سليمان رموني

تـُـُبْ قـَبْـلَ أنْ تلقـى المَصيــرَمُكـَبـَّـلا ً بِحِـبالِها

تـُبْ مِنْ ذنـُوبـِك قبْلَ أنْ تـَصْلى لهيبَ سَعيرها

الله تب علينا واهدنا جميعا .. جزاك الله خيرا

أخي العزيز الشاعر عطا .. ما أروعها من كلمات

وما أبدعها من أبيات .. إن شاء الله في ميزان حسناتك

بارك الله فيك أخي العزيز .. تحياتي .

الاخ العزيز محمد رمضان66
مشرف منتدى الشعر والقصائد
اكرمك المولي واعزك ورعاك
بالغ الشكر على الثناء ولطف الرد
لا حرمنا الله اطلالتك الطيبه