الفوائد الحسان في آداب الطعام 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله

مستفاد من: شرح الإبانة الصغرى – الدرس 11

والذي نٌقل عبر إذاعة موقع ميراث الأنبياء

من أداب الطعام أن لا تأكل من بين يدي أخيك
مِمَّا أَدَّبَ بِهِ أُمَّتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَدَبَهُمْ فِيهِ إِلَى مَعَالِي الأَخْلَاقِ، وَمَكَارِمِ الْأَفْعَالِ، نَهْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ اَلرَّجُلُ مِمَّا بَيْنَ يَدَي أَخِيهِ.
تكون الصَّحفة بينهما، أو الصَّحن بينهما، فيدع شقَّهُ ويذهب يأكل شقَّ أخيه، فهذا نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه، وهذا يدلُّ لهُ: حديث عمرو بن أبي سلمة رضي الله عنه، ربيب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابن أمِّ سلمة المخزوميَّة، قالَ: "كنتُ غلامًا في حجر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت يدي تطيش في الصَّحفة" [تطيش في الصَّحفة: يأكل من جانبه، ومن هنا، ومن هنا، ومن هنا، من الجوانب الأربعة جميعًا].
كانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((يَا غُلامُ! سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)).
كل من الجانب الذي هو إليك، لا تأكل من جوانب غيرك، لا من الجانب المقابل لمن هو أمامك، ولا من الجانبين المجاورين لك يمينًا وشمالًا. لم؟ لأن الإنسان قد يتأذى من الذي يضع يده في محله يدها في فيه،ثم يعيدها في محله، قد يتأذى من هذا؛ ويستقذر، ولكن! كل من الجانب الذي أنت فيه،(( يَا غُلامُ! سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ)) متفقٌ على صحِّته.

حكم الأكل من قلب الإناء
فقد نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تأكل من قلب الإناء، من قلب الصَّحفة من الإناء، تترك جانبك وتذهب إلى رأس الإناء "وسط الصحن فتأكل منه"، وهذا قد ثبت النهي فيه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فجاء من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا)).
لا تأكلوا من وسطها، لكن! كلوا من جوانب القصعة، أنت تأكل من الجانب الذي يليك، وهذا من الذي يليه والمقابل من الذي يليه،وأنت مما يليك، فتتجهون إلى الوسط،كلٌ يمشي من جانبه، لم؟ لأن البركة تنزل في الوسط،في قلب الإناء في قلب الطَّعام، فإذا أكل ذهبت البركة، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا)) وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، فهذا من الآداب حتى تبقى البركة سارية في الطعام .

لا تدع طعامك للشيطان
ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ قالَ: ((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ، فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى، وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ)) هذا ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يترك اللقمة، حتى لو لحقها شيء من وسخ؛ وكان يستطيع إزالة هذا الوسخ، ويفصله عنها، فيأكلها لا يدعها للشيطان، فإن الشيطان حريصٌ على مثل ذلك، تدع له طعامك، فيشاركك فيه، هذا يفرحه، فأنت لا تدعها له، إلا إذا كان الوسخ والأذى قد أغلق عليها بحيث لا تستطيع إزالته وفصله عنها، فحينئذٍ ما أمرت بذلك، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان)) فإذا لم تستطع الإماطة فلا شيء عليك، منعك من أخذها الأذى.

أكل ما سقط على سفرة الطعام
قال ابن بطة رحمه الله "وَأَمَرَ أَنْ يَأْكُلَ اَلرَّجُلُ مِمَّا يَنْتَثِرُ تَحْتَ اَلْخِوَانِ"
الخوان: السُّفرة المعدَّة للطعام، السُّفرة المحطوطة لهذا الأكل التي تُفرش للأكل عليها، هذه تسمى: الخِوان بالكسر.
وقد ورد هذا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنهُ قالَ: ((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ، فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى، وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ)) هذا ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يترك اللقمة، حتى لو لحقها شيء من وسخ؛ وكان يستطيع إزالة هذا الوسخ، ويفصله عنها، فيأكلها لا يدعها للشيطان، فإن الشيطان حريصٌ على مثل ذلك، تدع له طعامك، فيشاركك فيه، هذا يفرحه، فأنت لا تدعها له، إلا إذا كان الوسخ والأذى قد أغلق عليها بحيث لا تستطيع إزالته وفصله عنها، فحينئذٍ ما أمرت بذلك، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَان)) فإذا لم تستطع الإماطة فلا شيء عليك، منعك من أخذها الأذى.

قال ابن بطة رحمه الله: "نهى أَنْ يَنَامَ اَلرَّجُلُ وَهُوَ أَغْمَرُ اَلْيَدِ"
المُراد بالغمر هنا: هو ما يعلق باليد من دسُومة الطعام، والزَّفر الذي يكون فيه، الرَّائحة التي تكون في اليد ، أن ينام الرجل وفي يده دسُومة الطعام، ورائحة الطعام، وزيت الطعام، أو اللحم مثلًا ينام به وهو في يده؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ((مَنْ نَامَ وَفِي يَدِهِ غَمَرٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)). وذلك لأنه قد تدب الهوامُّ إليه، فتأكل يده؛ أو تقرصه على ذلك، أنتم لا تتصوّرون الناس كلهم مثلنا اليوم، ينامون على الأسرَّة الوثيرة، والأرائك المريحة، لا، قديمًا كانوا ينامون في الأرض، العرب، وبيوتهم تسعى وتدبُّ فيها الهوام. بل افرض نفسك في الصحراء؛ فتعشيت ونمت وأنت في الصَّحراء، فدبَّت إليك دابَّةٌ تظنَّ أن يدك قطعة لحمٍ فأكلتها، بسبب الرَّائحة. نعم، يُتصور هذا، فلو أصابك شيءٌ بالليل وأنت نائمٌ فلا تلومنَّ إلاَّ نفسك؛ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول. فهذا من الآداب، والمقصود منه الحفاظ على النفس وعلى الجسد، فلا يسعى الإنسان إلى إهلاك نفسه، أو التَّسبب في إهلاك نفسه. أمَّا تخريجه فهو حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم رحمه الله تعالى.

النهي على أن يطعم وينام وهو جُنب وفيه فائدة أخرى
ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت عائشة رضي الله عنها ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ جُنُبًا، فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ)) يعني: غسل عن يديه، وفي هذا دلالة: على أنه لا ينام وهو بيده الدسم والرائحة، رائحة الطعام، ويُغني عن الأحاديث التي لا تصحّ في هذا.
وكذلك إذا أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ينام وهو جنبٌ فإنه يتوضأ؛ لأن الوضوء يخفِّف الحدث، فينام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هذه الحال، ويجوز للإنسان أن يجامع ثمَّ ينام ويُؤخر الغسل إلى الفجر، لا بأس بذلك الأمر جائز، سواءً كان ذلك في رمضان أو في غير رمضان.
وقال ابن بطة رحمه الله "وَكَانَ يُحِبُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ".

من سوء المؤاكلة
قال ابن بطة رحمه الله: "نَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اَلْقَرَانِ بَيْنَ اَلتَّمْرَتَيْنِ، حَتَّى يَسْتَأْذِن أَصْحَابه"
قال الشارح حفظه الله: وهذا في أيامٍ كانت فيها المسغبة، فإذا جلس على إناءٍ فيه التمر أو مزادة أو قصعة ونحو ذلك، فإنه لا يقرن بين تمرتين حتى يستأذن أصحابه، والمراد بذلك: أن لا يغلبهم فيأكل أكثر منهم ويجيعهم هم، وهذا كان في زمن المسغبة حينما كانت الأمور شحيحة، أما بعدما وسَّع الله سبحانه تعالى فالأمر في ذلك فيه سعة.
وعلَّله المصنَّف بقوله رحمه الله "وَذَلِكَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ اَلْمُؤَاكَلَةِ" يعني: من سوء الأخلاق في آداب الطعام، إذْ يستأثر بالنصيب الأكثر على زملائه؛ لأنه دليلٌ على الشَّرة والأنانية، وحب الذات، فيظهر بذلك سوء خلق فاعل هذا الأمر، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن ذلك.

حكم متابعة الرجل النظر إلى لقمة مؤاكله
نهى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أن تنظر إلى لقمة أخيك وهو يرفعها إلى فيه؛ لأن هذا يضايقه، مثل ما يقول الناس اليوم:" أنتَ تعدّ عليَّ". كل ما رفع لقمةً إلى فيه نظرت إليه؛ يتضايق منك: " أنتَ تعدّ عليَّ لا أكلت معك بعد اليوم". يتضايق ما عاد يأكل معك.
لا ينبغي له أن ينظر إلى لقمة أخيه، كلما رفعها إلى فمه، وهذا أخذ فيه بحديث أبي عمر مولى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لا يُتْبِعَنَّ أَحَدُكُمْ بَصَرَهُ لُقْمَةَ أَخِيهِ)) من يوم يرفعها إلى فمه وأنت تنظر، تنظر، حتى يضعها في فمه، والمرة الثانيه مثله يتضايق من هذا بل ربما صرَّح أنتَ تعدّ عليَّ! فما يجلس معك مرةً أخرى ولا يجالسك على إناء، وهذا حديثٌ ضعيفٌ، لكن! هو في الحقيقة من الآداب، لما فيه من مضايقة الأكيل الذي يأكل معك، وتأكل معه، فينبغي أن تغض الطرف عنه وتشتغل بنفسك، هذا الحديث خرَّجه أبو نُعيم في "معرفة الصَّحابة"، وهو حديثٌ ضعيفٌ، وهو أحسن حالًا مما ذكره المُحشِّي، فإن المُحشِّي ذكر حديث عائشة: ((كَانَ إِذَا أَكَلَ الطَّعَامَ لَا تَعْدُو يَدُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ))، هذا حديثٌ ضعيفٌ جدًّا، لكن هذا حديثٌ ضعيفٌ، الأول حديث أبي عمر مولى عمر بن الخطَّاب.

بارك الله فيك أخي الكريم على الطرح القيم
بارك الله فيك وجزاك كل خير
طرح مفيد وقيم
بارك الله فيك وجزاك كل خير
طرح مفيد وقيم
جزاكم الله خيرا و بارك فيكم على المرور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.